كجراي.. رحلة نغم

كسلا : حسن أبو الريش
بسفر الحياة يضع أناس ذكراهم بأنامل رقيقة ولطيفة تأثرك مفرداتهم التي يضعونها ليسعدوا بها الآخرين، وتكون العطايا الجميلة التي يزرعها البعض من تحملهم الذاكرة نبراس يضئ ظلمات الآخرين.ز وهنا اليوم نقف مع حياة أحد هؤلاء العظماء الشاعر محمد عثمان محمد صالح كجراي هذا الشاعر المتفرد والذي رحل عن دنيانا وترك لنا بصمات ذهبية تفوق الدر المكنوز.
(التيار) جلست إلى ابنه الأكبر بدرالدين كجراي وكانت لنا هذه السياحة في دنيا كجراي الجميلة:
كجراي والحياة الأولى
أبصر كجراي النور في القضارف بالعام 1928م وهو السادس في إخوانه، وكان جدنا الشيخ محمد صالح حسن قاضي الأورطة الشرعية بالقضارف آنذاك وله خلوة قرآن مشهورة بالقضارف ودرس كجراي علوم القرءان والتجويد في خلوة والده إلى أن ختم القرءان والتحق بعد ذلك بالمعهد العلمي أم درمان، ثم معهد إعداد المعلمين ببخت الرضا وشندي وعين العام 1946م معلماً بوزارة التربية والتعليم، وكان نعم الأب لأبنائه وأبناء الشرق بوجه عام. وعمل في راجا “بالجنوب” وحلايب وبورتسودان وقرى القضارف وقرى ريفي كسلا.
كجراي رهق البدايات
حياة كجراي الشاعر كانت ثره ومليئة بالأعمال الرائعة وكانت البداية بقصيدة عن زنجية بالجنوب التي كانت تدرس بالمرحلة الثانوية في السبعينات، لأنها ترمز للوحدة الوطنية والتمازج الباذخ بين العروبة والزنوجة.
(الصمت والرماد) أول ديوان صدر لكجراي ببيروت بالعام 1962م وكان الديوان الثاني باسم (الليل عبر غابة النجوم) وطبع بدار نشر جامعة الخرطوم.
وأخيراً ديوان (مرايا الحقول) وطبع العام الحالي بالإمارات. ولديه ديوان تحت الطبع اسمه (أنفاس البنفسج).
وإلى جانب تلك الدواوين نشر لكجراي عدة قصائد في دوريات عربية ذائعة الصيت بينها الدوحة القطرية والعرب الكويتية والحرس الوطني السعودية.
وهلهل قصائد ولا أروع لأجل الثورة الإريترية، والرجل ذو فضل لاينكر في ترسيخ اللغة العربية بإريتريا. وفوق ذلك كتب طروساً للأطفال كما ترجم رباعيات الخيام الشهيرة.
كجراي رحلة نغم
قد يرفع البعض حاجب الدهشة أن صدعنا بأن الغالبية العظمى لأشعار كجراي سياسية محضة وليست غنائية رغم أنه اشتهر بالأخيرة وله رحلة إبداعية طويلة مع الموسيقار الراحل محمد وردي حيث كانا معلمين، هذه إحدى الروابط بين الرجلين اللذين ترافقا سنينا بدنياوات الفن والإبداع
الذي افترعاها بالأغنية الشهيرة (مافي داعي)، والتي روى قصتها في إحدى حفلاته الغنائية بأنه التقى بشاعرها الراحل كجراي بجنوب السودان في 1962م حيث كان الأخير ناظرًا لمدرسة واو الثانوية وهناك أهداه كلمات (مافي داعي). ولم يقف مشوار الرجلين عند ذاك الحد حيث أردفه كجراي بأغنية (تاجوج) ومطلعها (قليبي الأصلو منو شقاي وريدي يزيد الهم يسفح وريدي تاجوج ما تلقت ياخملة زيدي)، وثالثة تسمى (بسمة الزمبق). وكما أسلفنا فقد جمعت صداقة قوية بين كجراي ووردي، ووفاء لتلك الآصرة النبيلة أطلق وردي البوماً غنائياً في مطلع الألفية الجديدة أطلق عليه “مافي داعي” إهداءً لروح كجراي.
ولم تتوقف رحلة كجراي الإبداعية عند محطة وردي، فقد تغنى له الفنان إبراهيم حسين بعدة أغنيات بينها(شجون)، و( قالوا الزمن دوار) وله أغنية (فريع ياسمين).
ويمتلك كجراي نشيداً وطنياً وهو (مهر الدم) وبقول مطلعه (مهرك غالي ياحرية نرفع رايتك عالية ونتحدى الرجعية)، وهذا النشيد موجود في المكتبة السودانية وغناه الثنائي الوطني في الستينات.
كجراي والثورة الإريترية
كان كجراي من أشد المؤيدين للثورة الإريترية وله ديوان باسم قصائد إريترية طبعته الحكومة الإريترية، وبعد تقاعد كجراي عن الخدمة هاجر لإريتريا وعمل هنالك في مدرسة الجاليات الإريترية وساهم في وضع منهج اللغة العربية في إريتريا إلى أن عاد للسودان في العام 2002م.
كجراي ومؤتمر البجا
كان كجراي من أوائل مؤسسي مؤتمر البجا في الشرق عند بداية الستينات، وكان له الضلع الأكبر في تأسيس هذا المؤتمر ووضع اللبنات الأولى له كما يعتبر من رواد التعليم الأوائل بالشرق خاصة والسودان عامة.
عشاق كجراي والتواصل
لعل كجراي ترك ساحة مليئة بالإبداع والتواصل وساهم في بناء هذا الوطن الغالي بعطائه الثر والذي لم ينقطع بعد رحيله فترك عشاقاً وجمهوراً عريضاً ومتعطشاً لأعماله وأصدقاء يواصلون أسرته منهم العم حسن فضل السكة الحديد كسلا، وكل زملائه في التعليم.
إطلالة وداع
هذا الحوار الذي وقفنا فيه على جزء يسير جدًا جداً من حياة كجراي والذي عندما ودع الحياة في يوم 12 أغسطس 2003م تمرد القاش وهاج جنونه وفاض حتى أغرق كسلا حزناً على وداع كجراي..
التيار
كجراي شاعر القطرين ( السودان و اريتريا ) ليس هناك ضير من الاشارة الي اصول الشاعر الاريترية يا ابو الريش، قصة هاجر الي اريتريا دي ما لافقة…الشاعر كجراي اريتري كما هو سوداني و يعتز به الاخوة في اريتريا اعتزازنا به …
الناس لابد أن تحترم مشاعر بعضها وتحترم الإنسان النموذجي الذي رحل إلى جوار الله ولكنّه كان إبن البجة الأصيل أحب الإمتداد والتواصل اروحي بين كل اهل البجة فأحبة سهول ساوى لوجود ذلك الإنسان المقهور وأحب السودان لأنه أصيل في الشرق الأخضر فالقضارف مسقط راسه وكسلا أرض الفراق وإرتريا أرض الشعر والإمتداد وكان كجراي شاعر الحرية والانعتاق وكان جبلا شامخا مثل شموخ البجة في كل الفيافي القاحلة.
الناس لابد أن تحترم مشاعر بعضها وتحترم الإنسان النموذجي الذي رحل إلى جوار الله ولكنّه كان إبن البجة الأصيل أحب الإمتداد والتواصل اروحي بين كل اهل البجة فأحبة سهول ساوى لوجود ذلك الإنسان المقهور وأحب السودان لأنه أصيل في الشرق الأخضر فالقضارف مسقط راسه وكسلا أرض الفراق وإرتريا أرض الشعر والإمتداد وكان كجراي شاعر الحرية والانعتاق وكان جبلا شامخا مثل شموخ البجة في كل الفيافي القاحلة.