دولة القانون

دولة القانون

طه سورج / المحامي
[email protected]

في السودان ، تنتهي خدمة القاضي بإحد الطًرق المُقررة في الباب العاشر من قانون السُلطة القضائية لسنة 1986 ، و الطُرق هي الاستقالة او العزل او التقاعد بالمعاش . وحدد نفس القانون إجراءات عزل القاضي ، بأن يُشكل له مجلس محاسبة و يُمكن من الدفاع عن نفسه . و في 20/8/1989 ،
و دون التقيد بتلك الاجراءات ، عزلت سلطة الإنقاذ (57) قاضيا ، و اردفتهم
بـ( 67 ) آخرين بعد عدة اشهر ، ثم توالت قوائم المعزولين إلى أن قارب عددهم 25% من القضاة العاملين آنذاك .
و بِفِعلها هذا ، هدمت سلطة الانقاذ دولة القانون ، التي قام بُنيانها في بلادنا ، على القانون و القضاء المُستقل . ففي القانون تُوضّح حقوق الناس وواجباتهم و الاجراءات المُؤدية اليها . و القضاء المُستقل هو القادر على إيصال تلك الحقوق الى اهلها و هو الضامن لأن تُؤدى تلك الواجبات كما ينبغي ، و ذلك بتطبيقهِ للقانون ? دون تحيز ? على النزاعات القائمة بين افراد المجتمع و القائمة بينهم و اجهزة الدولة . و يكون القضاء مُستقلا إذا لم يتدخل فيه احد ، و كان قُضاتِه آمنون من العزل الّا كما بين القانون .
وعزل القضاة بتلك الكيفية المُخالفة للقانون، أوضح أن السُلطة لم تعد مُقيدة بالقانون و أن القضاء ليس آمنا من بطشها، فانهارت دولة القانون،
و فقد الناس حقوقهم و انفرط عقد المجتمع و نُوشك أن نفقد الوطن نفسه.
وفي بلادنا و منذ إستقلالها ، كفل القانون للناس الحق في اختيار من يحكُمهم ، والحق في التنافس على الوظائف العامة لينالها من تتوفر فيه شروطها ، و لكن حكومات نوفمبر و مايو و الإنقاذ ، و ثلاثتها و صلت إلى الحُكم بوسائل غير قانونية ، حرمت الناس من هذين الحقين ومن حقوقهم الأخرى التي بينها القانون و حمتها دولتِه ، فانهارت الوظيفة العامة ، ولم تعد الدولة تُؤدي وظيفتها ، وتفشى الظلم و هيمنت ثقافة الاستبداد .
و الآن، و بعد كل هذه التجارب المريرة مع الحكومات غير القانونية ،
و انتهاكاتها المُستمرة لحقوق الناس و حرياتهم المُضمنة في القانون ، و لجوء الناس للعنف أو التملق لأخذ حقوقهم، يتبين لنا مدى أهمية دولة القانون ، لحقن الدماء و لحفظ كرامة الناس و لِبناء وطن آمن ومستقر، ، يتساوى فيه جميع أبنائه إمام القانون ، و يسعى فيه الجميع لِنيل حقوقهم و أداء واجباتهم بالوسائل السلمية، بالقانون.
حفظ الله بلادنا و اهلها .
طه سورج / المحامي .

تعليق واحد

  1. مولانا سورج التحية والود ، مقال هادئ وموزون ويصب فى صميم المسألة التى تناولتها فنرجو المزيد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..