موخيكا …. وشجرة الصندل

أسامة الكاشف

“أهم امر في القيادة المثالية هو أ، تبادر بالفعل ليسهل على الآخرين تطبيقه”
أثناء الحرب العالمية الثانية وعندما فكر هتلر في غزو شمال أفريقيا بقيادة ثعلب الصحراء “روميل” لمواجهة قوات الحلفاء بقيادة “مونتجمري” وجه المصانع الألمانية بابتكار سيارة لا تعتمد في تبريدها على الماء لحاجة الجنود له فتفتقت العبقرية الألمانية عن “الفولكسواجن بيتل” التي تعتمد على الهواء في تبريد محركها القابع في مؤخرة السيارة.

غزت البيتل العالم في الستينات عندما تم إنتاجها تجارياً أطلق عليه العالم لقب “الخنفساء” أما أهلنا في مشروع الجزيرة فأطلقوا عليها لقب “القعونجة” وذلك قبل عهد الدكتور مأمون حميدة. ولقد ظلت “القعونجة” تجوب أحراش و”تفاتيش” المشروع ردحاً من الزمن عندما كان المشروع نفسه ملء السمع والبصر قبل أن تغتاله غيلة وغدراً أيدي المتأسلمين من أصحاب رأس المال الطفيلي.

عادت “القعونجة” مؤخراً مرة أخرى لتحتل صدارة عناوين الأخبار والفضل في ذلك يعود لرجل استثنائي أدعوكم للتعرف عليه عن كثب.
خوسيه البرتو موخيكا رئيس الأورجواي الذي أنهى ولايته الرئاسية الوحيدة طوعاً . شغل موخيكا الرأي العام طوال (4) سنوات قضاها في سدة الرئاسة رئيساً منتخباً للأورجواي .. لم يعتاد العالم على هذا النمط من الرؤساء الذين “يرفسون” النعمة بملء إرادتهم ويقولون تكفينا دورة رئاسية واحدة لوضع لبنات العدل الاجتماعي والتنمية لشعوبنا.

خلال سنواته الأربع استطاع المقاتل السابق في جبهة توباماروس اليسارية أن يخفض معدل الفقر في بلاده من 37% إلى 11% وأن ينقل الأورجواي إلى المرتبة الثانية في قائمة الدول الأقل فساداً بأمريكا اللاتينية. قضى موخيكا (14) عاماً في السجون السياسية ولكنه فضل الاكتفاء بفترة رئاسية واحدة. رفض السكن في القصر الرئاسي وحوله إلى ملجأ للمشردين الذين كان يحضرهم بنفسه للسكن في القصر. تبرع ب (90%) من راتبه الشهري طوال السنوات الأربع للجمعيات الخيرية. ظل يقود “قعونجته” بنفسه لا تسبقه عربات النجدة أو الدراجات النارية الهادرة. عرض عليه ثري عربي شراء سيارته بمليون دولار وهي في واقع الأمر لا تسوى سوى ألفي دولار جمعها أصدقائه ليشتروها له إلا أنه رفض بيعها لأنها رمز وقيمة للنزاهة وطهارة اليد.. فضل موخيكا الاحتفاظ بسيارته لتأكيد تمسكه بالقيم التي نادى بها. عرف موخيكا من أن أين تؤكل الكتف وكيف تبني الشعوب نهضتها فنادي ” لا بد من الاستثمار أولاً في التعليم وثانياً في التعليم وثالثاً في التعليم أيضاً فالشعب المتعلم لديه خيارات أفضل في الحياة” ولم يوجه 80% من ميزانية شعبه لبناء الجيوش وأجهزة القمع.

في الوقت الذي تجري فيه انتخابات الرئيس الجديد لأورجواي تصيبنا الدهشة ونحن نسمع أن زائر ليل سطا على شجرة الصندل المزروعة بحديقة المتحف القومي منذ 1964 مستعملاً منشاراً لتقطيع الشجرة التي تسوى قيمتها (700) ألف دولار. الشجرة التي جلبت من الهند وغرست يوم وضع حجر أساس المتحف أصبحت أثراً بعد عين بعد أن ظلت شامخة في عزة وكبرياء تجاور تاريخ شعبنا العريق فأنهار أساسها كما انهارت في حقبة الإنقاذ القيم التي ظل شعبنا يعتز بها طوال تاريخه.

موخيكا “نديد” الرئيس البشير تقريباً في العمر لكن شتان ما بين الرجلين وبين ما حققه كل منهما لشعبه فقصر موخيكا يسكنه المشردون وقصر الرئيس البشير يقتل أمامه طالبي الحقوق ..موخيكا ينهض عن كرسي الرئاسة طوعاً وقبل انتهاء استحقاقه الدستوري والبشير “يكنكش” في كرسيه بكلتا اليدين ويعدل لهذا الغرض الدستور.. موخيكا في خاتمة المطاف يعود لبيته المتواضع بضواحي العاصمة لينام ملء جفونه والبشير تؤرقه دماء شهداء رمضان وسبتمبر فيعز عليه النوم.

أفلا يحق لنا أن نقول لموخيكا “عدلت.. فأمنت .. فنمت”

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الناس على دين ملوكهم و ملوكنا الكيزان الحرامية المجرمين اخوان الشيطان مغتصبي المسلمات.
    على الشباب التربص بهم في كل شارع و بيت و مكتب.

  2. مقال جميل يا أستاذ اسامه ولدى أستفسار شخصى / فهل أنت شقيق كل من مجاهد ومجدى وشوقى ؟ فلقد كانوا أصدقاء الطفوله والصبا فى مدنى جوار جامع أبوسنون / اتمنى ذلك .

  3. هذه ثمرة تربية المشروع الدماري ( عفوآ الحضاري ) .. فهذا اللص تشبه بالكبار و هم يسرقون دولة بحالها .. فأبت نفسه الضعيفة الا أن يشاركهم بسرقة تاريخ بلده بالمتحف مستشهدأ بمقولة ( دار أبوك كان خربت فالحق نفسك بشليعة ) .. فاكتفي للاسف بشليعة صندل .

  4. وجدتها انها الازمة النموذج الاخلاقى الذى يتقدم الناس بدعوة نفسه واستجابتها للقانون الذى تفتقده بشرية اليوم فى محاولاتها الفاشلة للتغيير الاخلاق هى كلمة السر فى الحل القادم وعلى المثقفين والمستنيرين ان يخرجوا من بين الناس ودعوتهم للتغيير ويدعوا انفسهم لطريقة الطرق فى التغيير الصالح الاخلاق وتجسيدها حية تمشى بين الناس تظهر لنا الحياة التى نريدها ونتمناها انها المشروع الانسانى المنتظر.

  5. مقال جميل … هناك زعماء يسجلون اسمائهم باحرف من نور فى كتاب التاريخ الانساني…اما البعض فالي مربلة التاريخ ….قالتاريخ لا يرحم……

  6. غير مسلم باخلاق الخلفاء الراشدين ونحنا عندنا مسيلمة الكذاب
    ملحوظة:- العربة التى تشبه الفلكسواجن فى الجزيرة اعتقد هى المورس وهى صناعة انجليزيةارجو التصحيح اذا كنت مخطى

  7. التحية لكل من حكم وأخلص,,,,والتحية لكل من صدق,,, والتحية لكل من كان شجاعآ وقال كلمة الحق,,,, والتحية لمن كان تفكيره أن ينصر الضعفاء قبل الأغنياء مراعيآ أن يكون عادلآ,,, لأن الله سيسأله,,,,,
    وبالمقابل فأين سيذهب الذين يسرقون ,,, ويغتنون على حساب البسطاء ,,,واين سيذهب من سرقوا الأراضى,,, واين سيذهب من قطعوا الطرق وجمعوا الجبايات دون رؤية ثاقبة وكانو سببآ فى اغلاق الكثير من المصانع بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام ,,,, وأين سيذهب الذين فشلوا فى ادارة البلاد نحو التنمية والحرية والعدالة والإستقرار ,,,, وأين سيذهب من رفع شعار الإسلام وتخلف عنه,, ووعد بالشريعة ولم يقمها ,,, ووعد بالاكتفاء الذاتى يوم كان الشعار ناكل مما نزرع فوجدنا أنفسنا ناكل الطماطم المستوردة من الأردن,,, الخالى من الأنهار,,, والأمطار….وصاحب الأرض الجرداء ولكنها عزيمة يشار لهم فيها بالبنان,,,, والعزاء لمشاريعنا الزراعية المتهالكة,,,وليس مشروع الجزيرة منها ببعيد….
    أيها المساكين ,,,المطحونين,,, تعلموا أن تكونوا شجعان,,, وان تقولو كلمة الحق,,,,وتأكدوا أن النصر قريب,,, وأن من يتستر على الذين يسرقون وينهبون ويسيؤون سينكشف يومآ ما,,,, وسيكون مكانه مذبلة التاريخ,,, وتأكدوا أنه لا يصح الا الصحيح,,, ولا ينفع الترقيع لبناء أمة من الأمم ,,, فكونوا صناديد كما كنتم دومآ,,, وكونوا أصحاب عزيمة تحاكم الناس على خذلانهم للدين ,,, وللشريعة,, وللتنمية,,, وللأستقرار…. والله غالب على أمره.

  8. مقال ممتاز يا أستاذ. فقط للحقيقة والتاريخ، السيارة التي كانت مستخدمة في مشروع الجزيرة Morris Minor من بلاد الإنجليز أصحاب فكرة المشروع. هذا لا ينتقص من روعة مقالك ومقارناتك.

  9. شجرة الصندل تفصح عن نفسها برائحتها الزكية وبصورتها البهية، ولذا تم كشف سرقتها، لكن هناك مسروقات كثيرة ظلت طي الكتمان في هذا العهد، وهذه هي التي أحالت بلادنا إلى خراب.. المقال رائع ومثال موخيكا أروع..

  10. يا هلا بيك اسامة موضوع جميل … المقارنة ظالمة لموخيا يا حليلك وحليل ايام اسيوط الجميلة عجزت كده مالك؟

  11. موهيكا يا استاذ جاء الى الحكم برغبة البشر وارادة البشر اما زولنا فقد جاء بالارادة الاهيه هى لله هى لله وقال الزارعنا غير الله يجى يقلعنا الههم هى الدبابات التى امتطوها ليلة الغدر سلاحهم لن اخلع سربالا سربلنيه الله وفعلهم فعل ابن مسلمة فى استباحة مدينة الرسول فى اعقد الثالث من الهجرة وهو يحكم لان الحكم عبادة هو قال ذلك لم تكفيه عبادة الصلاة والصيام000 فاراد ان يتميز على الاخرين بزيادة العبادة بالحكم ومسجده الحرام القصر

  12. لله درك يا عمى أسامه أنا من جيل الثمانينات .

    ربطنا بإحداث في سلاسه متناهيه،ومقال شيق ورائع كروعتك.

    عرفتنى أبجديات القياده للسياره،وعن روميل ثلعب لاالصحراء و العربه الفلكسواجن {

    تكسي قعونجه} وموخيكاالرئيس الاورجواى ، وخائب الرجاء بتاعنا ، ومرورآ بشجرة الصندل

    التى إجتثت الإسبوع الماضى .على كُل أقف لك في هيئة تباه .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..