النهر الخالد: وادي المقدم.. ثروة تُهدر وجمال يتبعثر

أم جواسير- محمد عبد الباقي
تصوير – مبارك حتة
دراسات أثرية أثبتت أن منطقة وادي المقدم الواقع شمال غرب أم درمان كانت في السابق ضمن حزام المناطق الاستوائية، واستدلت تلك الدراسات بوجود عظام للأبقار الاستوائية بجانب آثار أخرى متعددة تؤكد أن المجموعات السكانية التي كانت تعيش هناك قبل آلاف السنين تتشابه مع السكان الاستوائيين الحاليين في نُظم حياتهم بحسب الآثار التي تم العثور عليها بالمنطقة المذكورة. ورجحت الدراسات التاريخية والأثرية أن العوامل الطبيعية كالزحف الصحراوي والجفاف التي أدت لتوقف جريان المياه في الوادي المعني بالإضافة للحروب والمنازعات التي كانت تنشب بين الحين والآخر والأوبئة دفعت المجموعات السكانية الأولى للهجرة جنوباً لتحل مكانها مجموعات سكانية أخرى لا زالت تستوطن بوادي المقدم.
# إبدال وإحلال
تشير الدراسات الآثرية إلى أن وادي المقدم كان في السابق عبارة عن نهر عظيم، تتجمع فيه مياه الأمطار والأنهر من أعالي سهول وتلال كردفان وتتجه شمالاً حتى مروراً بالمنطقة الواقعة غرب أم درمان حتى يبلغ منطقة أم جواسير بالولاية الشمالية ويتجاوزها شمالاً، حيث كان يمثل أحد أعظم مصادر المياه بتلك المناطق التي تفصلها عن نهر النيل مسافة بعيدة يصعب على السكان تجاوزها. وينطلق وادي المقدم في جريانه الموسمي إلى عمق الإقليم الشمالي فيروي الزرع والضرع. وتُبيّن المسوحات الأثرية أن المناطق الواقعة بالقرب من الوادي لم تظل غفاراً بعد هجرات السكان الأوائل، بل استقر بها سكان جدد امتهنوا الرعي والزراعة معاً على محيط الوادي. وعندما يتوقف عن الجريان في فصل الصيف يلجأون هؤلاء السكان للاستفادة من البرك والبحيرات الصغيرة التي يخلفها وراءه حتى فصل الخريف القادم إلى أن طمره الزحف الصحراوي في السنوات الأخيرة، فتلاشت مياهه نهائياً من المجرى، ولكنها لازالت بكميات كبيرة توجد في باطنه حتى الآن.
# إنتاج وفير
لعب وادي المقدم دوراً رائداً في حياة السكان الذين عاشوا في تلك المناطق قبل سنوات طويلة، وظل يلعب ذات الدور في فترات لاحقة، ولكن بطريقة مختلفة، فعندما استوطن به سكان جدد قبل نحو سبعمائة عام بحسب وصف (محمد صالح الهواري) لم تكن مياهه كما كانت في سابق سنواتها، ولكنها كانت تجري متقطعة بين الحين والآخر إلى أن جفت تماماً، وأوضح (الهوارى) أنهم استوطنوا بوادي المقدم قبل (670) عاماً تقريباً، وليتجنبوا العطش الذي كان يحدث في فترات الجفاف والصيف حفروا عدداً من الآبار لمياه الشرب تجاوز (350) بئرا لازالت تمثل المصدر الرئيس لمياه الشرب للسكان، ورغم أن بعضها تم حفره قبل أربعمائة عام، إلا أن أصحابها يحافظون عليها بنظافتها السنوية وإزالة الأوساخ والحجار التي تسقط فيها بين الحين والآخر. وأوضح الهواري أنهم ظلوا يمتهنون الرعي والزراعة معاً على مدى تاريخ وجودهم بالمنطقة التي تعد من أخصب المناطق في السودان، وتصلح لزراعة كل المحاصيل الزراعة لو التفتت السلطات بالولاية الشمالية للأمر.
سياحة في انتظار الترويج
ورغم أن المنطقة لم تشهد أي تعمير منذ الاستقلال إلا أنها تحتوي على مئات المناطق السياحية، التي لا تزال تنظر من يروج لها ويعرف بها على حد قول (الهواري)، الذي قال: إن المنطقة عبارة عن محمية طبيعية يأتي إليها الرعاة من كردفان الكبرى والنيل الأبيض، ويعبرها وادي المقدم الذي يتميز بمقومات السياحة كافة من أرض غفار وسهول منبسطة وحيوانات برية وغابات كثيفة وموقع متميز بالقرب من شريان الشمال، وعلى بعد أقل (136) كيلو فقط من الخرطوم. ويضيف (محمد صالح) كل هذه المقومات الطبيعية هي دافع قوي للاستفادة من الإمكانيات والموارد التي توجد بوادي المقدم، ولو قامت الخرطوم أو الولاية الشمالية بعمل دراسة لو لم يتم عملها حتى الآن لوجدت أن هناك مواردَ كبيرة يتم إهدارها على مرمى حجر من مناطق الاستهلاك في العاصمة والمدن القريبة من منافذ التصدير سواء أكانت في ميناء بورتسودان أو مطار الخرطوم أو حتى المعبر الجديد الذي يربط بين مصر والسودان.
اليوم التالي
ياخي مالكم نابشين الموضوع دا الحين, كان تأخروهو شوية الى حين اسقاط النظام , غايتو بعد يومين ما حتلقو ولا شبر فاضل فيهو …
لا تخلط الأمور … هذا الأرض تتبع لكردفان..