قصص من داخل المحاكم الأنتقام يقود سيدات إلى ارتكاب جرائم قتل وخطف وبيع الأطفال

أعدتها: رجاء نمر
خرج إلى الشارع متعثر الخطوات يختبر قدميه الصغيرتين في المشي ليقتص أثر أترابه يكتشف الدنيا ويغرس قدميه الصغيرتين في رمل (الحي) ويملأ كفيه من ترابها يلهو بين أزقتها ويداعبه الصغار من أقرانه ومناداته ليقطع مسافة المتر بخطوات مهزوزة وما بين السقوط والمشي تلفه أيدي سوداء وتمضي به مسرعة تاركة حيرة على أعين الصغار الذين نادوا “عليه محمد ماشي وين؟، أنت منو؟، مودي حمادة وين؟”، لم يكترث لأسئلتهم ويسرع بالطفل بعيداً، ولم يعد لمحمد أثر، والمذهل أن والدة الطفل لم تحرك ساكناً للبحث عن طفلها، الأمر الذي فضح أمرها لقد باعت طفلها بسعر بخس، وكانت فيه من الزاهدين، انتقاماً من والده، ولم تكتفِ ببيع الأطفال بل قامت بخطف وبيع طفلة أخرى في ضاحية الشقيلاب جنوبي الخرطوم لظابط في الجيش الشعبي.
جريمة قتل
بدأت تظهر بعض الظواهر الغريبة على المجمتع السوداني في الآونة الأخيرة ومن أبرز هذه الظواهر ظاهرة الانتقام عبر طريق الأطفال سواء أكان عن طريق الخطف أو القتل أو الاغتصاب، ونذكر منها قضية مقتل الطفل ذي الأربعة أعوام الذي تم إعدامه رجماً بالحجارة، تم سرد تفاصيل الحادث البشع في الأعداد السابقة من الصحيفة على سبيل المثال وليس الحصر، وأثبتت التحريات أن الدافع وراء ارتكاب الجريمة الانتقام من والدة المجني عليه؛ لوجود خلافات دارت بين والدة الطفل وإحدى المدانات فضلاً عن قصص الخطف.
خطفت ابنة شقيقها
بالإضافة إلى قضية سيدة قامت بخطف ابنة شقيقها حيث أسقطت محكمة جنايات حي النصر في مايو الاتهام الموجه ضد امرأة بتهمة اختطاف ابنة شقيقها خلال العام قبل الماضي، بينما شطبت الاتهام في مواجهة المتهمة الثانية (طليقة الشاكي) وفقاً لطائلة المادة (141) من القانون الجنائي المتعلقة بضعف البيانات وعدم كفاية الأدلة الجنائية المقدمة في مواجهة المتهمة، وقال القاضي أسامة أحمد عبد الله في حيثيات القرار: إن الوقائع بدأت- حسب التحريات- بتقدم الشاكي بعريضة من النيابة إلى قسم الشرطة حي النصر يفيد فيها أن ابنته البالغة من العمر ثلاثة أعوام اختفت في ظروف غامضة، وقامت النيابة بإعداد نشرة بأوصاف الطفلة المفقودة، وتوزيعها على مراكز الشرطة، وذكر الشاكي- خلال إفاداته الأولية بمحضر الشرطة- أنه يتهم شقيقته باختطاف ابنته على خلفية نقاش دار بينهما، وباشرت الشرطة إجراءات التحقيق الأولية، وأوقفت الشرطة المتهمات، وقامت بالتحري معهن، ليحال ملف القضية إلى النيابة، التي أوصت بتوجيه تهمتي الاشتراك الجنائي في الخطف، وبعد مرور شهر من الحادث تم العثور على الطفلة في ضاحية السوق المركزي برفقة امرأة وادّعت أن شخصاً ما قام بإحضارها لها بجحة وجود وجه شبه كبير بينها وبين أطفالها، وأن السيدة قامت برعايتها- أمانة- إلى أن عثرت على أسرتها، وشدد القاضي أن أصابع الاتهام- جميعها- تشير إلى المتهمة الأولى، وأمر القاضي بتغريمها- في وقت سابق- مبلغ مالي قدره مائتا جنيه، وفي حالة عدم الدفع السجن شهراً، بعد مراعاة ظروفها الأسرية، بيد أن الشاكي تنازل عن حقه في الغرامة، وتم الإفراج عنها، وأمر ببراءة المتهمة الثانية، وإطلاق سراحها، بعد تنازل الشاكي عن حقه في البلاغ.
اغتصاب طفل
وقعت قصة اغتصاب طفل في ضاحية مايو قبل عامين حيث أصدرت فيها محكمة جنايات الطفل في الخرطوم حكماً بالسجن المؤبد لشاب اعتدى جنسياً على طفل في ضاحية مايو جنوبي الخرطوم، وتشير الوقائع الغريبة التي جاءت في حيثيات القضية- طبقاً للتحقيقات- إلى أن المدان، والشاكي (والد المجني عليه) يقيمان في ضاحية مايو جنوبي الخرطوم، وفي يوم الحادث استغل المدان فرصة غيابه من المنزل، وقام باستدراج الطفل إلى داخل منزله، واعتدى عليه جنسياً ولاذ بالفرار، ودون الشاكي بلاغاً جنائياً لدى قسم الشرطة، والتي أحالت البلاغ إلى قسم شرطة الأسرة والطفل في الخرطوم، التي باشرت إجراءات التحقيق الأولية، وأحالت المجني عليه إلى الطبيب الشرعي، الذي أكد تقرير الواقعة، وأرسلت أوراق القضية إلى محكمة جنايات الطفل في الخرطوم، التي فرغت من سماع قضية الادّعاء، التي ذكر فيها الشاكي وجود خلافات بينه وبين المتهم، وادعى أنه قام باغتصاب ابنه انتقاماً منه، وفرغ القاضي عبد الرحيم قسم السيد من سماع قضية الدفاع، واستجوب المتهم، ووجه له تهمة تحت طائلة المادة (45 ب) من قانون الطفل، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام أو السجن المؤبد، وعدّ القاضي أن الأدلة والبيانات الجنائية المقدمة في مواجهة المتهم كافية لإداتنه بتهمة الاغتصاب، وأمر بحبسه لمدة عشرين عاماً.
رأي قانوني
يرى مختصون في القانون أن مثل هذه الجرائم كثيرة خاصة التي ترتكب بدافع الانتقام بشكل عام، والأخطر التي ترتكب في حق الأطفال، أما بالنسبة للعقوبات فهي تختلف- على حسب نوع الجريمة التي ترتكب- فإذا كانت جريمة قتل فإن عقوبتها الإعدام، إلا إذا تنازل أولياء الدم عن القصاص، وكذلك الخطف، ويندرج تحت طائلة المادة (162) من القانون الجنائي، وتنص على من يخطف شخصاً فإنه يرغمه أو يغريه بأية طريقة من طرق الخداع، على أن يغادر مكاناً ما بقصد ارتكاب جريمة اعتداء على نفس ذلك الشخص أو حريته، يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز عشر السنوات أو الغرامة أو العقوبتين معاً، أما إذا كانت جريمة اغتصاب فإن الجاني يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد- طبقاً لقانون الطفل لسنة (2010م)- وإذا لم تثبت واقعة الاغتصاب، وثبتت واقعة التحرش، فإن الجاني يعاقب بذات القانون، أما إذا ارتكب الخطف أو الاغتصاب أو البيع، وحاول أن يخفي جريمته بقتل الضحية، فيعاقب بتهمة القتل العمد من القانون الجنائي، ولا تختلف العقوبة إذا كان الضحية طفلاً أو شخصاً بالغاً بغض النظر عن دوافع الجريمة.
التيار