السودان: في عام «السيرك» السياسي «وثبة» البشير بين «فكّي» إعلان باريس ونداء السودان

صلاح الدين مصطفى
الخرطوم» : تودّع الحكومة السودانية العام بملامح تبدو متناقضة مع ما بدأت به مطلع العام الذي شهد خطاب «الوثبة» الذي قدمه عمر البشير مبشرا فيه بالحوار الشامل، لكنه عاد في كانون الأول/ديسمبر ليتوعد معارضيه بأن الحوار سيكون بمن حضر.
وفي خطاب الوثبة الذي قدمه الرئيس السوداني في السابع والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي قال البشير «إن الوقت قد نضج لوثبة سودانية وطنية شاملة وطموحة ولكنها ممكنة».
ارتكزت الوثبة على أربعة محاور هي السلام، حرية العمل السياسي، انتشال السودانيين من الفقر والإتفاق على هوية جامعة، لكن مع نهاية العام يبدو الفشل مسيطرا على المحاور الأربعة. انسحبت قوى المعارضة الرئيسية من الحوار وقالت إنها لن تشارك فيه إلا إذا شعرت أنه سيؤدي إلى تحول ديمقراطي ملموس، وهذا ما لم يعد متوفرا الآن.
إتفاق باريس ونداء السودان، حدثان مهمان في 2014، ففي الثامن من آب/أغسطس تم التوقيع على إعلان باريس بين الجبهة الثورية وحزب الأمة، حيث وقّع عن الجبهة الثورية رئيسها مالك عقار، وعن حزب الأمة رئيسه الصادق المهدي الذي خرج من السودان بعد إنتهاء تحالفه مع الحزب الحاكم عقب اتهامه لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم في دارفور فتم اعتقاله ثم الإفراج عنه وتوعدته السلطات السودانية بالإعتقال متى ما رجع.
ولا يزال الذين وقعوا على اتفاق نداء السودان في أديس ابابا رهن الإعتقال في الخرطوم. واعتبر معارضون أن هذا الإتفاق شكل خطرا كبيرا على الحزب الحاكم نسبة للإجماع الذي وجده، فقد وقّع عليه الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي، وفاروق أبو عيسى رئيس الهيئة العامة لتحالف قوى الإجماع الوطني، وأمين مكي مدني ممثلا لمنظمات المجتمع المدني المعارضة، ومني أركو مناوي نائب رئيس الجبهة الثورية.
ويحمل «نداء السودان» نفس أهداف إعلان باريس والمتمثلة في وقف الحرب، وتفكيك دولة الحزب الواحد، وتحقيق السلام الشامل، والتحول الديمقراطي، وكانت ردّة فعل المؤتمر الوطني عنيفة تجاه هذا الإتفاق وتمثّلت في إعلان التعبئة العامة وفتح معسكرات التدريب لقوات الدفاع الشعبي وأخيرا تصريح البشير قبل عدة أيام الذي أكد فيه مقدرة الجيش السوداني على حسم كل المعارك العسكرية بجنوب كردفان والنيل الأزرق. وسبق ذلك فشل أول جولة للحوار بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة بدارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وادّعى كل فريق مسؤولية الفريق الآخر عن الفشل.
العلاقات مع دولة جنوب السودان شهدت إنفراجا كبيرا في منتصف هذا العام، حيث زار سلفاكير الخرطوم التي تم اعتمادها وسيطا بين حكومة جنوب السودان ومعارضتها المسلحة، لكن الأيام القليلة الفائتة شهدت تدهورا مفاجئا بعد أن جددت الخرطوم اتهامتها لجوبا بدعم متمردي دارفور وصرحت بملاحقتهم داخل أراضي الجنوب الأمر الذي اعتبرته جوبا إعلان حرب.
ولا يدري أحد ماذا تحمل السنة الجديدة للدولتين الجارتين والخارجتين من رحم واحد!
من الأحداث المهمة في السوادان في 2014 قضية السيدة المسيحية مريم يحيى التي اتهمت بالردة ثم برأتها المحكمة بعد ذلك ووجدت معاكسات في خروجها من السودان، لكنها أخيرا وصلت إلى امريكا في شهر تموز/يوليو بعد أن أثارت ردود أفعال على المستوى العالمي، حيث نشطت مجموعات دولية للضغط على حكومة السودان وتم تدشين حملة دولية بعنوان «أنقذوا مريم».
وفي آب/اغسطس ضربت السيول والفيضانات مناطق عديدة في السودان أبرزها منطقتا «أمبدة والصالحة» بأمدرمان وبلغ عدد الضحايا العشرات وتدمرت آلاف المنازل، وفي شهر تموز/يوليو اعتدت مجموعة ملثمة على مبنى صحيفة «التيار» واعتدت على رئيس تحريرها عثمان ميرغني بالضرب بأعقاب البنادق وتم نقله في حالة إغماء تام إلى المستشفى وقامت بضرب بقية الصحافيين بالعصي واستولت على هواتفهم النقالة وكومبيوتراتهم ولاذت بالفرار.
قالوا
في الثاني من نيسان/أبريل رحل الشاعر الكبير محجوب شريف وفي أيلول/سبتمبر أختير شريف مع أشهر سجناء الرأي في العالم، في سجن الكاتراز الأمريكي الشهير، الواقع في جزيرة مواجهة لمدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وشهد الخامس عشر من حزيران/يونيو رحيل الموسيقارمحمد عبد الله محمد أبكر المعروف (بمحمديَّة) وكان من أهم افراد فرقة الإذاعة الموسيقية، ويعد أشهر عازف كمان بالسودان في السنوات الأخيرة، ورحل الشاعر محمد عثمان عبد الرحيم شاعر»أغنية أنا سوداني» في العاشر من تشرين الأول /إكتوبر بعد عمر تجاوز القرن. وقبل أيام رحل الإعلامي الكبير الفاتح الصباغ.
صلاح الدين مصطفى
القدس العربي