فنان عابر للشعوب

فنان عابر للشعوب

حيدر المكاشفي

٭ يروى عن الفاروق عمر رضى الله عنه وأرضاه، أنه طلب ذات مرة من أحد أبناء هرم بن سنان أن ينشده بعض مدح زهير بن ابي سلمى في أبيه، فأنشده. قال الفاروق وقد طرب وانتشى لما سمع، إنه كان يحسن فيكم القول، قال الابن ونحن والله كنا نجزل له العطاء، قال عمر قد ذهب ما اعطيتموه وبقى ما أعطاكم. وهذه من حكم الفاروق التي تلخص سرمدية وخلود القيم الجميلة والعطاء الباقي الذي لا يبلى ولا يفنى بموت صاحبه، وهرم بن سنان هذا الذي أبدع ابن ابي سلمى في مدحه هو أحد أجود أجواد العرب في الجاهلية، يضرب به المثل في الجود والعطاء، ومما يروى في ذلك أنه وابن عمه الحارث بن عوف، هما من تكفلا بدفع ديات القتلى في حرب داحس والغبراء الشهيرة، واستطاعا بذلك إطفاء نار هذه الحرب التي دامت أربعين عاماً.
ومثل شعر زهير الباقي والخالد فينا، كان غناء وحداء فقيدنا القامة والهامة محمد وردي، الذي سيبقى خالداً لن يزول بما خلّفه من روائع خالدة دغدغت الوجدان الوطني السوداني والافريقي والعربي بعطائه العابر للحدود وللشعوب، وتلك هى رسالة الخلود التي أخذها وردي بحقها فحمّل فنه بكل محمولات القيم الجميلة ليؤكد بياناً بالفن أن الفن أقوى من السياسة، وأنه عابر للحدود يجمع بين الشعوب في حين تفرق بينها السياسة.
ومن باب اولى فإنه على توحيد وجدان بني الوطن الواحد أقدر وأجدر، فوردي لم يكن للسودان وحده ولا للسودانيين وحدهم، بل طار صيته وذاع فنه عابراً الحدود ليشنف أسماع الكثير من الشعوب تجده أينما حللت في مشارق القارة ومغاربها، في تشاد والنيجر ونيجيريا والكميرون والسنغال وبلاد الهضبة وما ادراك ما الهضبة اثيوبيا واريتريا و…. و… مما تعدون كلما عبرتم الحدود، وكيف لا وفن وردي كان هو مرآة كل هذه الشعوب والمعبر عن تاريخها وقيمها وصعودها وهبوطها، وكان هو ابن الشعب الذي خرج من نسيج الشعب ورحمه وتشرب آماله وطموحاته، وعايش آلامه وعذاباته، وسيكون من العبث لو حاولت أن احصي مناقب وردي وفضائله التي رفد بها الغناء السوداني وغذّى بها الوجدان الوطني في هذه العجالة، كما أنني لست المؤهل للحديث عنه سوى بهذه الاشارات المعممة العابرة، فهناك من هم أقدر وأعرف وأحق بمثل هذا الحديث، وما كان لي أن اتقحم هذا المقام لولا أن حدث موت فنان بهذه القامة والكاريزما لابد ان يعلو على أى حدث آخر، بل لابد أن يشكل حدث الساعة وحديثها لكاتب راتب مثلي لا يمكنه بأية حال تجاوز الفجيعة التي افقدتنا هرماً ورمزاً لا يعوض، وقل ان يجود زمان السودان بمثله في مجاله، فله الرحمة والغفران، ولنا جميعاً العزاء والسلوان…

الصحافة

تعليق واحد

  1. اكثر مما اغاظني تلك الوجوه الانقاذيه يقتلون القتيل ويصلوا عليه بالله ماذا فعلو له في حياته حتي يتزاحمون علي الشاشه البائسه ويصرحون بمحاسنه

    بالله عليكم لماذا لا يعلنون الحداد وينكثون الاعلام في قصورهم وسفاراتهم 40يوم هل كثيره علي النهر الخالد الله يرخمه اقلاها تكون تكفيرا لتقصيرهم لكن ماذا نحن فاعلون مع اجلافنا وساداتنا حسبي الله ونعم الوكيل وكان الله في عون كل مبدع وفي عون االفقراء والمظاليم دعوهم يستمتعون بمشافي الخارج وبموال التعساء الغبش وربنا رحيم بعباده

    رحمك وغفرالله لك يا وردينا جعلتنا ايتام علي موائد اللئام كان فنك كل شئ شاي صباحنا وفطورنا وغدانا وعشانا تاني وين نجده انه الاضراب عن الطعام يرحمك بقدر ما اديت عرقا وحروفا ولحنا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..