أخبار السودان

بعد 59 عاماً على الاستقلال .. النهضة الاقتصادية هل تنزلت من الشعر الى الواقع

تقرير : منى فاروق
(59) عاماً على رفع علم الاستقلال ناضل خلاله نفر كريم لينعم الشعب السوداني بالموارد الطبيعية التي يتميز بها السودان هتف الشعب بعدد من الشعارات وردد العديد من الأغاني التي مازالت ترن في آذان كل سوداني منها (جدودنا زمان وصونا على الوطن ،بي سواعدنا القوية ،حققنا استقلالنا ورفعنا علم الحرية) وأيضاً (بلادي أنا ، يخدر في بلادي سلام،خدرة شاربي موية النيل ،تزرد في البوادي زرع) وجملة من الأغاني التي نرددها إلى ان جاءت الإنقاذ بـ(شعار نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع) ولكن بعد (59) عاماً هل مازال السودان يعيش استقلالاً حقيقياً أم لا وكذلك أين ذهبت الشعارات التي نادى بها المناضلون لتحقيق الاستقلال الاقتصادي (التيار) استطلعت خبراء الاقتصاد لمعرفة الوضع الاقتصادي على مدى (59) عاماً……….
تقرير: منى فاروق
ابتدر الباحث الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي قائلاً: خلال الخمس سنوات الأولى بعد الاستقلال شهد السودان إخضراراً ونماء كما كان يردد مغني الاستقلال وتم توطين زراعة القمح وتحقيق الاكتفاء الذاتي أيضاً للحبوب وكذلك تم التوسع الزراعي وتوطين محاصيل نقدية في مشروع الجزيرة إلا أنه تدهور لتحويل المشروع من زراعة القطن للقمح ولكن الحصار الأمريكي في 1996 أقعد الاقتصاد وانعكس سلباً على الصناعة التي حقق نهضة صناعية واكتفاءً ذاتياً موضحاً أنه في نهاية العام 2014 تم إغلاق أكثر من (41%) من المصانع بولاية الخرطوم، وأيضاً استعجل السودان عندما اعتمد على النفط وهجر القطاع الزراعي الآن أصبح السودان يلجأ لاستيراد الغذاء.
وانتقد هيثم شعارات الحكومة حول توظيف الشباب موضحاً بأن ما قيل عن توطين الكوادر واكبته بيئة عمل طاردة في كل المقاييس من حيث ضعف الأجور والوعود التي أعلنتها وزير المالية حول زيادة الحد الأدنى للأجور إلى (420) جنيها غير كافٍ مما ساهم في هجرة الشباب وهم عمالة غير مدربة وارتفاع حدة البطالة وأكد على أنه مرتبط بحب الوطن الذي يفتقده جيل اليوم.
ونبه إلى مشكلة الجهوية والقبلية وقال: كل الأغاني والشعارات طالبت بالوحدة ولكن لم يتحقق ذلك ونحن نعاني من القبلية والتي زعزعت استقرار الوطن ومزقته لذلك لم نحافظ على مخرجات الرعيل الأول للاستقلال مما رسم صورة قاتمة للسودان في مختلف الضروب خاصة السياسية موضحاً بأن خروج البترول من الميزانية وفقد رسوم عبور النفط أديا لهزة اقتصادية .
وعن مدى استفادة السودان من الاستقلال اقتصادياً رد الخبير الاقتصادي د.محمد الناير مستعجلا وقال: حتى الآن لم يستغل السودان موارده اقتصادياً بالشكل المطلوب وتابع قائلاً: لم يحدث تعافي اقتصادي على مدار الـ59 عاماً بالرغم من تعدد الحكومات وتوفر الموارد والتي يفترض أن يتم تفجيرها لتحسين الوضع الاقتصادي للشعب وللوطن وأضاف لا يمكن أن ترمي باللوم على الحكومات المتعاقبة رغم مسؤوليتها عن ما حدث ولكن يمكن إرجاع الأسباب للنزاعات والحروب التي استمرت لسنوات عديدة وكان لها أثر في توقف التنمية وعدم تحقيق الاستقرار الاقتصادي وحتى بعد انفصال الجنوب توقعت الحكومة انتهاء الحرب إلا أنها اشتعلت من جديد في ولاية النيل الأزرق وجنوب كردفان ما أدى لتعطيل حرك التنمية.
واعترف الناير بخطأ الدولة بالاعتماد على مورد النفط في التنمية، وقال أدى خروج البترول لخلل في التوازن الاقتصادي وأدى لعجز في الموازنة ولم يستبعد أن تكون هنالك مؤشرات إيجابية منذ الاستقلال وقال هنالك مجهودات لا يمكن إخفاؤها والتي فندها في إنشاء الطرق والكباري وإقامة عدد من السدود للتوليد الكهرباء وري القطاع الزراعي ومصانع السكر وإنشاء أكبر مجمع لتجميع السيارات في مدينة جياد الصناعية إلا أنه انتقد سياسة التخطيط التي لم تعمل على تطوير المصنع.
وأشار الناير إلى أن كل الأناشيد التي كانت تردد قبل وأثناء وبعد الاستقلال رسمت صورة معبرة عن وضع السودان إلا أن الحكومات لم تهتم بها خاصة حكومة الإنقاذ التي رفعت عدداً من الشعارات لتحقيق الاكتفاء الذاتي وحدث العكس بأن حقق فائض في الثروة الحيوانية والدخن والذرة والتي تعتبر غذاءً محلياً عكس القمح والذي يعتبر غذاء ضرورياً وعالمياً مؤكداً على أن العمل بالشعارات والأناشيد التي رددت إذا تحولت إلى واقع لاختلف الوضع.
وأرجع ارتفاع الأسعار في السوق إلى عدم تطبيق سياسة التحرير بالشكل المطلوب وقال منذ الإعلان عن السياسة في 1992 لم تطبق وفق الخطط الصحيحة مما انعكس سلباً بارتفاع الأسعار فيما عزا اختفاء الزيوت في منتصف العام لعدم وجود استراتيجيات تحدد نوعية السلع المستوردة والمصدرة مما أدى لحدوث فوضى في الأسواق مؤكداً على أن المواد الموجودة بالسودان تتطلب فقط خططاً واستراتيجيات لتحقيق استقرار اقتصادي وفيما يلي تمسك الهيئة القومية للمواصفات بتحويل الوزن من الرطل للكيلو للمواد الجافة والسائلة من الرطل للتر، قال الناير بأنها مواصفات عالمية وتواكب تطور الدول ويجب الالتزام بالمواصفة القياسية بالإضافه للاهتمام بتعبئة وتغليف السلع واسترسل في حديثه قائلاً .
وعزا الناير ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني خلال العام اماضي لخروج نفط الجنوب عن الإيرادات مما أدى لفجوة في الميزان التجاري منذ عام (2012 و2013) فيما شهد العام 2014 استقراراً في السوق الموازي والرسمي إلى مدى وصفه بالمعقول والذي وصل لـ(8) جنيهات متوقعاً استقراره حسب المؤشرات القياسية في 2015 وكذلك تقليص العجز قدر الإمكان.
(59) عاماً حلم فيها الشعب السوداني باستقلال سياسي اقتصادي واجتماعي وثقافي ولكن لم نحصد غير ارتفاع في سعر صرف الدولار الامريكي مقابل الجنيه السوداني من (2) جنيه لـ(8.7) حنيه ادى لارتفاع التضخم وزيادة في أسعار السلع والخدمات بالإضافه لانهيار أكبر مشروع زراعي (الجزيرة) وإغلاق مصانع الغذاء والغزل والنسيج وغيرها من المصانع فيما كانت المشكلة الكبرى عندما انفصل الجنوب وهنا ذهب للوصية بالمحافظة على الوطن وكذلك (نحن للقومية النبيلة ،ما بندور عصبية القبيلة، تربي فينا ضغائن وبيلة ، تزيد مصايب الوطن العزيز) إذاً نعيش اليوم في عصبية ادت لنزاعات بين أبناء القبيلة الواحدة ساهمت في اهدار موارد منطقة غرب السودان.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..