مصادفة غريبة

مصادفة غريبة
عبد القادر إسماعيل
[email protected]
بتاريخ الخميس 2/16 كتب المدعو أحمد المصطفي علي جريدة الإنتباهة الغير منتبهة .. و تحت عنوان ( مأساة طبّية تبـكّي ) كتب عن أسرة تبحث عن دواء لطفلها المصاب بالسرطان .. و الموضوع فعلاً هام ويعكس معاناة المواطن و ضياعه تحت مظلة الإنقاذ .. و لكن ما استفزني و حزّ في نفسي أنه و في مقدمة المقال ذكر ان الفنان محمد وردي كان مصرّاً علي إنشاء مستشفي لسرطان الأطفال .. و لكنه استدرك قائلاً .. شفاه الله و أحسن خاتمته و خاتمتنا (بكرة يقوم علينا أحمد سعد و يكتب فينا ما لم يكتبه في فلان ! ) هذا جعلني أحس أن الأمر فيه ما يمس الفنان القامة وردي .. فأرسلت له التعقيب أدناه في اليوم التالي مباشرة الجمعة 2/17 نفس ليلة وفاة الرجل المبدع رحمه الله :
الأخ أحمد .. عملاً بحرية النشر لا أتوقع نشر تعقيبي هذا
السـلام و بعد
فيما كتبت تحت عنوان ـ مأساة طبّية تبكّي ـ بتاريخ 16 / 2 .. و في مطلع المقال ذكرت أن الفنان محمد وردي قد سعي أو بذل الجهد لإقامة مستشفي أطفاال لأمراض السرطان .. و استرسلت بعد ذلك لتوضيح مأساة المواطن الذي أفاده مسؤول الإمدادات الطبيه أن الدواء غير متوفر لديهم .. و لكن .. يمكن الحصول عليه من مكان آخر وبأضعاف السعر المحدد .. ! إلي هنا و الأمر عادي و طبيعي و معروف لدي العامة و الخاصة .. تناوله المعارضون للحكومة وغير المعارضين و الصحف وحتي الأجهزة التشـريعية و التنـفيذية و المختـصّة بالمال العـام .. أعـني
أمر الإلتفاف علي اللوائح و القوانين والفسـاد و الإفسـاد و السّـحت و أكل أمـوال الناس بالباطل وظـلم العـباد والمحسوبية وسياسات التمكين و الموالاة و التفرقة و كنز المال من معاناة البسطاء و الأهل و العمّات و الخالات
وكل ذلك معروف و معلوم .. يلتحفون عباءة المتاجرة بالدين و الدين منهم براء .. يخادعون الله و الذين آمنوا ويأمرون الناس بالبر و ينسون أنفسهم .. ويستمعون القول فلا يتبعون أحسنه .. أصبح سـلوكهم خطلاً يـتندر به القاصي و الداني و ينعم فـيه و به بطانة لم تألو السـلطان خبالا .. أقـول أن كل ذلك مفـهوم لدينا و لكن مأخذنا فيما كتبت .. أنك تخشي أن يهاجمك المدعو أحمد سعد وأنت تذكر ( وردي ) .. هكذا و كأنك تأتي سيرة منكر أو سُفلٍ أو هَمَلْ !؟ .. و إن كان هذا ما قصدت فإنها لعمري مداهنة و مكابرة لا تليق .. فالرجل قامة سامقة مأهولة بالإبداع و العطاء و الموهبة .. علم الأجيال و غنّي للوطن و المواطن و ناضل ضد الظلم و ناصر الحق و أحبه الناس.
أصله ثابت عند أهلنا الشرفاء بأرض النوبة و فرعه في السماء .. عُـرف عنه كريم الخصال و إعانة الضعفاء و أداء الواجـب و الـتواصل و قـول الحـق .. قدم الكـثير للناس و حمل هـموم الوطن و هو يصدح .. يا بلدي يا حبوب .. وا أسفاي لو ما جيت من زي ديل .. و يا وطناً حملت ثوريتك .. عصامي اعتمد علي نفسه واجتهد و ترفع أن يأكل المال العام أو يتملق السلطان أو يكـذب بإسـم الدين أو يظـلم الصغار أو يشــرد آبائهم أو يربي و يتمـطي فـوق عوّز الحرائر و الجارات .. قبلناه كما هو و أحببناه كما هو .. عفيف اليد و اللسـان و لا نضـعه في كفّة واحدة مع الذين يحملون كتابهم بيسارهم .. يؤذون الناس و تطال ألسنتهم البسطاء و يفسدون في الأرض، و قد تطاولوا في البنيان و نسي الغافـل منهم .. إذ لحافه جلد شـاة و إذ نعـليه من جـلد البعـير .
( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) .
و أخيراً .. عساك أن تقلع عن مثل هذه الإيماءات .. فسعدك تخشاه أنت .. و ليهدي الله من يشاء .
عميد / م
عبد القادر إسـماعيل
مصادفة مقدّرة .. تقبله الله و أحسن مقامه