شماعات مزيفة” الزمن غيَّر ملامحنا.. ونحن بقينا ما نحن

الخرطوم ? مصطفى خالد أبونورة

كلمات ليست كالكلمات، هي سلسلة متلاحقة من السفر والأُنس مع كل كلمة من كلمات اللغة، في كل مرة نحقب أمتعتنا في رحلة مختلفة وفريدة صوب الأنيق من الكلمات ناجزة الوصف، نتحقق منها، نسوح في رحابها، نستنشق عبيرها، ونتذوق طعمها اللذيذ. (اليوم التالي) تصطحبكم هذه المرة في رحلة جديدة مع (إدارة الزمن).. لذا نرجوا الانتباه وربط الأحزمة بــ سرعة:

عندما تنصت فقط لسيرة الوقت من حيث الغابة العجوز والحجارة المُسنة, فإن نجوت من الفِخاخ المُعلقة فوق الشجر فإنك لن تنجو من الرابض إلى جوار الجبل والحواس، لا بد من نهايات متربصة دوماً، فأنت يا أيها الإنسان خلقت هكذا.. مجرد إنسان لم تخلق كي تطير مهما نفشت ريشك فالأجنحة تستوثق بك كبلاء ثقيل لا قِبل لك به لتغوص في غياهب الأسف لتطفوا كالطفح فوق رُكام أحلامك.. لا تهمل أوقاتك أبداً.

أحلام

فعلى عَجل تموج أقمارك وتتوه في نوة السديم، فيصبح حلم البر سرا عميقا تبحث عنه سفنك في قاع الرحيل، حيث لا ينفع الندم ولا الحلم، حُلم أن تنزل مراكب الليل إلى يابسة النهار, وأن تتمهل والحكي، مرةَ أخرى.

فضفاض من الروح يهفهف للموانئ والعوالم المفقودة، ولكي لا يفوتنا الكثير من الوقت هذه المرة لا بد من مجابهة الحقائق في هذا اللحظة، لا غيرها.

الحقيقة المرة

وهي أن تصطدم بحقيقة (هاجر) في عز ذلك الليل، الزمن غير ملامحنا ونحن بقينا ما نحن/ هكذا تؤلمك الحقيقة. وصوت النور الجيلاني يقفز معك في كل هذه المساحات الممحنة، وشائك الأغنية المسمومة يسلخ جلدك بالوخز المميت، في اهدار واضح للوقت حين يقول شاعرها (التيجاني حاج موسى): سنين مرت.. ومروا سنين/.. وبراك عارف وبي أدرى/ والحال ياهو نفس الحال/ وجرحك ياغرام الروح/ لا طاب لا بيدور يبرى.

إلى هنا ننتظر إفادة لهذا الانتظار المجاني، لكن سرعان ما يتلاشى كل هذا وتقنع تماماً عندما يصدمك مقطع، “ده جرحك مهما طول وغار مطبوع فيني بالفطرة”.

المهم

لا بد من إرادة قوية لتقوية العقل من هذا الاهدار المجاني في حياتنا، فالوقت ثمين، لذلك انطلقنا بسرعة نحو مكتب الأستاذة سارة سعيد – مدربة تنمية بشرية لتحدثنا بطريقة علمية عن أهمية الوقت وعن كيفية إدارته والحفاظ عليه من هذا النهب المجاني. فقالت:

الموضوع حساس جدا وخصوصا لدينا نحن السودانيين، لأننا نحس أن الوقت في السودان بيختلف كتير جدا عن الوقت في أي بلد حتى نحن لما نسافر خارج السودان بننجز أعمال كتيرة في زمن بسيط لإحساسنا بأهمية الوقت خارج السودان، في اعتقادي في الخارج نهتم بالزمن لأنه عنده قيمة مادية.. يعني المغترب بيحسب الدقايق في الغربة بقيمة مادية. “لا في بكا جا فجأة الناس قيلت فيه، ولا عرس قاعدين فيه تلاته يوم”، المجاملات في السودان هي سبب مضيعة الوقت، يعني يزورك شخص من غير ميعاد وطبعا نحن لا نعرف ثقافة الاعتذار.

قيمة الوقت

المفترض نغير في ارتباطنا القديم بالعادات والتقاليد في السودان حتى نقدر نعرف قيمة الوقت، ونحدد اولوياتنا بدقة:

وضع خطة يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية، قريبة المدى وبعيدة المدى ومتوسطة وتنفيذ 70 % من الخطة يضمن نجاح واستفادة كبيرة من الزمن، الخطة مهمة جدا وكما قيل “إذا لم تكن لديك خطة واضحة لنفسك ستصبح من ضمن خطط الآخرين”، التفويض المثالى الفعال، تعلم أن تقول لأ في الزمن المناسب، لا تدمن إدمان التقنية، بمعنى أن يتحول تفكيرنا هو التقني وليس مستخدمين للتقنية فقط حتى ننال الجانب الإيجابي منها، قم بترتيب الأوليات. على نسق الأهم قبل المهم، كما عليك أن تبدأ يومك باكراً فإن أهم ساعة في اليوم هي الساعة الأولى منه، اذا استثمرتها بشكل صحيح كان يومك مثمر وناجح، وكان هناك قيمة لزمنك فيه.

أحمد حلمي

نختم هذا السفر مع الوقت بما قال الممثل المصري أحمد حلمي عن الزمن: “أصل الزمن اتغير.. جملة بنقولها دايما لما بنحاول نبرر إحبطاتنا أو نداري خجلنا من حاجة معرفناش نعملها.. الزمن مبيتغيرش.. احنا اللي بنتغير.. مش عارف ليه بننسب التغيرات اللي بتحصلنا للزمن”!!

الزمن بأيامه وشهوره وسنينه ماشي في أعمارنا، فتتتغير مسمياتها من طفولة لشباب لكهولة ..الزمن مش بيتطور.. الزمن بيعدي.. ( فالزمن لايملك إلا المرور).. الشمس بتُشرق وبتغرب فيمر يوم وراه يوم.. وتتكوم الأيام فتبقى شهور وسنين.. وإلا كنا سمعنا عن يوم اتطور وبقي ست وعشرين ساعة.. احنا اللي بنتحايل في كلامنا وبنقول إن السنة دي سنة سعيدة أو سنة كئيبة.. الزمن بريئ من سعادة أو تعاسة البشر.. الزمن اتخلق علشان نعيش فيه مش نحاسبه على أحاسيس أو مشاعر أو أفعال إحنا اللي عملناها مش هو احنا الوحيدون اللي بأيدنا نكون تعساء أو سعداء فنفرح بزماننا أو نتعس به.. إحنا مين إحنا سُكان الزمن احنا التعساء.. مش الزمن.

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. عليك الله أحمد حلمي شنو البتستشهد بكلامو
    ما رايك في قول الامام الشافعي
    نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
    ونهجو ذا لزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا
    هل هنالك اجمل من هذا في الاستشهاد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..