ماذا بقي من الحوار يا غندور؟

الطيب مصطفى

ظللتُ أحترم في بروف إبراهيم غندور قدراته التفاوضية الهائلة التي دوَّخ بها عرمان وغيره من مفاوضي قطاع الشمال، هذا بالإضافة إلى سعة صدره وتفاعله مع الآخر المخالف له في الرأي، لكني لم أختبر صدقيته إلا في المؤتمر الصحفي الأخير الذي عقده يوم الأربعاء الماضي ليعلن خلاله أسماء مرشحي حزبه في الانتخابات التي قررها الحزب الحاكم وفرضها على الجميع ضارباً عرض الحائط بالحوار الوطني وبخريطة الطريق التي شارك في إجازتها بل بالواقع المأساوي الذي تعيشه البلاد والذي يصر المؤتمر الوطني على تأزيمه وتعقيده وإدخاله في نفق مظلم ملغوم بكل أنواع البارود والمتفجرات التي من شأنها أن تلحق به من الأذى ما لم يشهده السودان في تاريخه الطويل.

لو لم يكن غندور مشاركاً في صنع خريطة الطريق بل رئيساً للجانب الحكومي في آلية الحوار لربما وجدنا له العذر فيما جرى ويجري من انقلاب دستوري كامل الدسم ومن (سواطة وخرمجة) لم تشهد البلاد مثيلاً لها منذ الاستقلال، لكن أن يشهد غندور الذكي اللماح كل هذا والتضليل و الخداع بل إنه يشارك في صناعته ويسوقه (وينجر) له المبررات فإنه لمما يثير الدهشة بأكثر مما يثير الغيظ ويقدح في مصداقية الرجل وكثير ممن كنا نظنهم من الأخيار الذين لو كانوا في المعارضة بمرجعية تلك الأيام العطرات قبل الانقلاب على الحركة الإسلامية لأقاموا الدنيا وأقعدوها إنكاراً واستنكاراً لما يفعلون اليوم من سقوط يندى له الجبين وتجنٍّ واستهانة بهذا الوطن الجريح المتقلب في مستنقع الأزمات والحروب والاضطراب السياسي والانهيار الاقتصادي والفساد والافساد.

والله إني لمندهش هل كان غندور وقيادات المؤتمر الوطني جادين عندما أعلنوا عن الحوار ودعوا له القوى السياسية وقبل ذلك أود أن اسأل فيم كان هؤلاء يفكرون وهم يطرحون ذلك الأمر أي ماذا كانوا يريدون من الحوار؟ هل تراهم كانوا يريدونه مجرد ونسة من أجل تزجية الوقت أم كانوا يفكرون فيما تفكر فيه المعارضة التي ما دخلت الحوار إلا من أجل تحقيق أهداف وأجندة وطنية تنقل هذه البلاد إلى مرحلة سياسية جديدة لن تتحقق إلا عبر وضع انتقالي أو سمّه حكومة انتقالية بترتيبات معينة تمهد لانتخابات تشرف عليها تلك الآليات الانتقالية بما يضمن نزاهة الانتخابات وينقل البلاد إلى بر الأمان بعد أن خرجت عن مسار التاريخ وانعزلت عن ركبه كبعير أجرب معزول عن الدنيا من حوله.

خريطة الطريق التي وافق عليها المؤتمر الوطني والتي من المفترض أن تمهد للحوار الوطني الذي يرتب للوضع الانتقالي كانت بمثابة الخطوة الأولى نحو تحقيق تلك الأهداف ولكن هل صدق المؤتمر الوطني في التعامل مع خريطة الطريق؟

هل صدق المؤتمر الوطني في إنفاذ مطلوبات تهيئة المناخ التي كانت تهدف إلى جمع الصف الوطني وإقناع الرافضين للحوار بمن فيهم حملة السلاح حتى يلتئم الجميع حول مائدة الحوار وتتوقف الحرب وينخرط المحاربون في العملية السلمية تحت مظلة الوضع الانتقالي الذي يهيئ للانتخابات التي ستكون الفيصل بين الجميع بعيداً عن الحرب والاحتقان السياسي الذي يهدد أمننا الوطني بل يهدد بانفجار الأوضاع ودخول السودان في حرب أهلية لا تبقي ولا تذر؟

يقول غندور بدون أن يطرف له جفن أنه دخل بيوت السياسيين ودور الأحزاب لعشرات المرات مبشراً بمبادرة الوثبة، مضيفاً أنهم (تكبدوا السهر والقهر ووجع الظهر لأجل إنجاح الحوار) وتساءل عن الذي فعلته الأحزاب في المقابل هل عقدت مؤتمراتها؟ هل شاركت في التسجيل للانتخابات؟

والله العظيم إن غندور يعلم علم اليقين أنهم هم الذين عوَّقوا الحوار وحطموا الوثبة لكن عندما يكون الكلام ببلاش أو قل عندما لا يكترث قائله كثيراً لتأثير كلامه على من يستمعون إليه أو على صورته أو صورة حزبه لدى الشارع السوداني فإنه لا يبالي كثيراً للكلمات التي تصدر عنه.

إن أكثر ما يحزنني أن يأتي الإنسان سلوكاً يعلم يقيناً أنه يهز من ثقة الناس فيه ويغير الصورة الذهنية التي ارتسمت في نفوس من كانوا يحترمونه ويثقون في أقواله وأفعاله بما يعيد رسم تلك الصورة ليجعله مجرد (…..) إن المحزن بحق أن يواصل قادة المؤتمر الوطني في تشويه صورتهم وصورة مشروعهم الذي أحالوه إلى ملطشة يتندر بها الناس في مواقع التواصل الاجتماعي فماذا تراهم يقولون لله تعالى يوم يقوم الناس لرب العالمين؟!

الأحزاب يا غندور ليس مطلوباً منها أن تكون جزءاً من حزبكم تفكر فيما تفكرون فيه وترى ما ترون وترضى بما تفعلون حتى لو اعتقلتم قياداتها وكبلتم حركتها وخرجتم على خريطة الطريق التي كانت بمثابة العهد المبرم بينكم وبينها وحتى لو أحدثتم انقلاباً دستورياً يمهد لقيام نظام عسكري أمني محمي بالقانون والدستور؟

الأحزاب يا غندور والتي رضيت بالحوار معكم شمّتّم بها الأحزاب الأخرى الرافضة للحوار والقوى الحاملة للسلاح .

الصيحة

تعليق واحد

  1. إن أكثر ما يحزنني أن يأتي الإنسان سلوكاً يعلم يقيناً أنه يهز من ثقة الناس فيه ويغير الصورة الذهنية التي ارتسمت في نفوس من كانوا يحترمونه ويثقون في أقواله وأفعاله بما يعيد رسم تلك الصورة ليجعله مجرد (اهبل) إن المحزن بحق أن يواصل قادة المؤتمر الوطني في تشويه صورتهم وصورة مشروعهم الذي أحالوه إلى ملطشة يتندر بها الناس في مواقع التواصل الاجتماعي فماذا تراهم يقولون لله تعالى يوم يقوم الناس لرب العالمين؟!

  2. اللهم دمر كل من شارك فى دمار الوطن الجميل والشعب الجميل
    اللهم عليك بالكيزان فانهم لا يعجزونك
    اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآمين ,, اللهم أجعلهم يشتهون الماء ولا يستطيعون شرابها ويتمنون الموت من شدة الالم فلا ينالونه ,, اللهم عذبهم بكل أم بكت أنصاف الليالى على فلذة كبدها أو زوجها أو أبيها ,, اللهم عذبهم وزبانيتهم بحق كل فم جاااع ,, وبطن قرقرت ومريض مات من عدم أستطاعته توفير الدواااء اللهم عذبهم بحق كل زفرات شوق وبعاد يعانيها ابناء المهاجرين والمتغربين الفارين من الوطن بسبب سياساتهم وأفسادهم ,, اللهم أجعلهم يشتهون الطعام فلا يتذوقونه بحق كل شبر من أراضى السودان التى باعوها والتى حبسوا عنها الماء فصارت بووورا تشكوهم لربها ,,, اللهم أنا غير شامتين ولكن أمرتنا بالدعاء على من ظلمنا لذا دعوناك ,, فأن كنتم أيها السودانيين تظنون أن البشير والكيزان ظلموكم فعليكم بالدعاء فأنه أمضى سلااااح ,,أدعوا عليهم بالويل والثبوور وعظائم الامور من سرطان وأمراض

    الترابى .. البشير .. على عثمان .. نافع .. الجاز .. الزبيرين .. ربيع .. امين حسن .. غندور
    قطبى .. مصطفى اسماعيل .. بكرى .. الخضر .. احمدهارون .. عثمان كبر .. وقوش .. والمتعافى ودوسة .. وسبدرات .. ومامون حميدة .. وحاج ماجد سوار .. وكل باقى التنابلة
    وكل من اشترك فى دمار وتشريد محمد احمد دافع الضريبة

  3. لكني لم أختبر صدقيته إلا في المؤتمر الصحفي الأخير
    ************************************************

    تختبر او ما تختبر انت أساسا منوا يا إبن الوسخه…حريقه فيك وفى اهلك وبنتك العايز تعرسها لعبدالله دانيال

  4. سبحان الزي جعل من المرجفين اماما لشعب السوداني يخلق ماشاء بخير حساب اطيب مصطفي اليوم علي منبرالراكوبة كالبعير في السوق الافرنجي يخبط كمايشاء

  5. نحن نقف في صف الطيب مصطفى ضد الحكومة …. مضطرين

    كما نقف في صف السايحين والاصلاح ومن انسلخ من جلد الانقاذ … مضطرين
    ومرددين :- ومن نكد الدنيا على المرء …. عدو لابد من صداقته بد

    كل من يرفع معولا في وجه الانقاذ نشجعه …عدو عدوك صديقك …. الى حين .

  6. لا أستطيع رغم إختلافي الفكري الجذري معك يا الطيب مُصطفى، إلا أن أُشيد بهذا المقال الموضوعي الصريح.ولو كتبت هذا الكلام بنفسي لما كتبته بهذا الإتقان والمنطق الفاحم.

    مهدي

  7. “الأحزاب يا غندور والتي رضيت بالحوار معكم شمّتّم بها الأحزاب الأخرى الرافضة للحوار والقوى الحاملة للسلاحالأحزاب يا غندور والتي رضيت بالحوار معكم شمّتّم بها الأحزاب الأخرى الرافضة للحوار والقوى الحاملة للسلاح”
    , وحسي انت ما من قولة التيت قعدت تشمت في ياسر عرمان

  8. ياالطيب مصطفي أدخل كورس عند الحزب الشيوعي السوداني عشان تتعلم شئ عن الرؤية السياسة العميقة هذا اذا كنت فعلا تطلب الحق…اما سمعت بالقول المأثور: أعرف الحق تعرف الرجال…ان الرجال هم الحزب الشيوعي الذين يقومون بأفضل انواع الجهاد-كلمة الحق امام سلطان جائر…انكم لاتساوون ظفر اي كادر من كوادر الحزب الشيوعي….منذ البداية رفض الحزب الشيوعي هذا الحوار المهذلة وطرح اسبابه القويةلذلك

    وماكنت ستندهش وستحتار……ومابتحير الا مغير وللا كفيف الانسانية… كما قال محمد الحسن سالم حميدوتسلم البطن الجابتو

    اقتباس:
    ((والله إني لمندهش هل كان غندور وقيادات المؤتمر الوطني جادين عندما أعلنوا عن الحوار ودعوا له القوى السياسية وقبل ذلك أود أن اسأل فيم كان هؤلاء يفكرون وهم يطرحون ذلك الأمر أي ماذا كانوا يريدون من الحوار؟ هل تراهم كانوا يريدونه مجرد ونسة من أجل تزجية الوقت أم كانوا يفكرون فيما تفكر فيه المعارضة التي ما دخلت الحوار إلا من أجل تحقيق أهداف وأجندة وطنية تنقل هذه البلاد إلى مرحلة سياسية جديدة لن تتحقق إلا عبر وضع انتقالي أو سمّه حكومة انتقالية بترتيبات معينة تمهد لانتخابات تشرف عليها تلك الآليات الانتقالية بما يضمن نزاهة الانتخابات وينقل البلاد إلى بر الأمان بعد أن خرجت عن مسار التاريخ وانعزلت عن ركبه كبعير أجرب معزول عن الدنيا من حوله.))

  9. الطيب مصطفى يكتب بدافع خيال مريض يراوده ليل نهار يسمى ((الإستئصال)) فهو رعديد جبان يخاف من ظله وحسنا فعلت الراكوبة بنشر مقالاته القذرة ليعرف حجمه بين أبناء الوطن الشرفاء …

  10. قيل فى نافلة القول (( كل يحمل من اسمه شيئ ))..
    المثل اعلاه لا ينسحب على الطيب مصطفى، فهو ليس بطيب ولا بمصطفى، فهو من عمل ليل نهار على فصل السودان وتجزءته وتقسيمه، وياتى الان وكان نزل عليه (( وحى الوطنية ))..
    قوم لف يا الخال الرئاسى، جاتك نيلة…

  11. بدون دغمسة ولا جغمسة
    لم يتبق شئ من الحوار الوطني ( حوار الوثبة ) الا ان يهبط الواثبون من وثبتهم بسلام
    المؤتمر الوطني قد نجح تماما في الهاء احزاب الوثبة بذكاء كانما الطفل الذي قدمت دمية ليلهو بها وعندما تم اقتلاعها منه فاذا به يملأ الارض بكاءا ونحيبا
    الامام الصادق ادرك حقيقة الامر وهبط قبل ان يعلو في وثبته
    المؤتمر الشعبي يتمسك بالوثبة لانه تم التحامه بتوأمه الوطني رغما عن معارضته التعديلات الدستورية ومقاطعته الانتخابات ولكنه يدير سيناريو محكم على وزن اذهب للقصر وانا ساذهب الى السجن .. ابق انت في الحكم وسابقى انا مابين المعارضة والموالاة ان تصعق الحقيقة الواثبين وغير الواثبين فالامر قد تم من قبل والمؤمن لايلدغ من جحر مرتين والمؤمن كيس فطن وليس كيس قطن
    عودوا من وثبتكم وان شئتم فابقوا حتى موعد الوثبة القادمة في 2019م قبل الانتخابات القادمة بعام وكل عام وانتم بخير
    والسؤال المحير كيف بقيتم واثبين في هذا الجو البارد هذه الايام !!!!!؟

  12. هل انتم تؤمنون حقا بالله ؟؟؟ و هل تعترفون بوجود الله سبحانه و تعالى ؟ هل تتلون القرآن حق تلاوته و تتدبرون معانيه و تقشعر قلوبكم بذكر الله ؟ ..
    الاخوان المتأسلمين يفوقون سوء الظن العريض كما قال محمود محمد طه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..