بعد رحيل عبدالخالق والشريف حسين خلت الساحة للدكتور الترابي فرهن السودان للحركة الإسلامية

إذا كنت أواصل في هذه المقالة بتفصيل دقيق تناول الحركة الإسلامية ودورها السياسي في السودان لابد أن أتوقف أولاً مع أميز ثلاثة شخصيات عرفتهم السياسة السودانية بعد رحيل جيل الشهيد الأزهري والمحجوب والشيخ على عبدالرحمن فالمرحلة التي تلت هؤلاء أنجبت ثلاثة شخصيات لم يكن يدانيها احد وهم رحمة الله عليهما الشهيد عبدالخالق محجوب والشريف حسين الهندي والذي استشهد وهو يقود النضال من اجل إعادة الديمقراطية أبان العهد المايوى إلى أن توفاه الله أما ثالثهم اطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية هو الدكتور حسن الترابي عراب الحركة الإسلامية والذي خلت له الساحة بعد رحيل الشريف وعبدالخالق لهذا فان ما شهده السودان من دور للحركة الإسلامية سياسيا هو من تدبير العراب الذي كان له دور أساسي قبل رحيل الثنائي وقبل أن تخلو له الساحة ليفعل بالسودان ما يريد دون أن يقاومه احد.

لهذا لست مغاليا إن قلت إن كل ما حل بالسودان ولا يزال يرجع له لأنه عرف كيف يخطط له مسؤلاً مباشراً أو ممثلا بارعا حتى احتلت الحركة الإسلامية اكبر حيز من صناعة الإحداث لا يتناسب مع قوتها الحقيقية جماهيريا لأنها لم تكن ولا تزال ذات ثقل جماهيري لأنه لم يكن في مواجهتها غير أسرتين طائفيتين تحركها المصالح الخاصة وكانت أول خطوة نجح فيها والتي استغل فيها تهافت قيادة الطائفتين للتقرب منه بسبب مخاوفهم من الحزب الشيوعي باعتباره الخطر الوحيد فى طريقهم وكان للطائفتين السيطرة على الحكم بعد انهيار جبهة الهيئات في ثورة أكتوبر فلقد نجح في تعديل نظام انتخاب النواب ممثلي الخريجين الذي تقرر في الديمقراطية الثانية أن تجرى على أساس جماعي يقترع فيه الخريجون على كل المرشحين ليفوز منهم الأعلى أصواتاً وكانت حكرا على الحزب الشيوعي فنجح العراب في الديمقراطية الثالثة التي مكن فيها الموالين له على رأس السلطة الانتقالية ونجح في أن يعدل النظام ليجرى انتخاب الخريجين على أسس دوائر جغرافية مما حقق للحركة الإسلامية أكثرية نواب الخريجين مع إن ما حققته الحركة من جملة الأصوات لا يصل ثلث الأصوات الكلية للخريجين ولولا هذا التعديل لما حققت الحركة مقعدا واحدا فهيمنت الحركة دون وجه حق على أغلبية مقاعد الخريجين بأقل عدد من الأصوات منهم ولم يفلح اعتراض الحزب الشيوعي على تعديل النظام لأنه يتوافق مع رغبة الحزبين المهيمنين على السلطة.

وثانيا لقد عرف الترابي كيف يسخر الحزبين الكبيرين في الدوائر الجغرافية بدعم الطائفتين له في الدوائر التي لا تضمن إحدى الطائفتين الفوز بها لما بينهما من عداء تقليدي ولدعم الطائفتين له في الدوائر التي يشكل الحزب الشيوعي فيها خطرا على الحزبين كما انه استفاد من تعدد المرشحين فى الدوائر المقفولة للحزب الاتحادي الديمقراطي بسبب الصراع بين الميرغنى والرافضين له تسمية المرشحين وفق هواه مما حقق للعراب عدد من المقاعد البرلمانية مما مكن الترابي من ان يصبح حزبه هو الكتلة البرلمانية الثالثة في البرلمان والتي تملك أن ترجح كفة أي من الطائفتين على الأخرى فعرف كيف يطوعهما لتحقيق مخططاته لتمكين الحركة الإسلامية من القبض على مفاتيح السلطة ليصيغ الإحداث وفق ما يريد.
خلاصة هذا الواقع انه نجح في حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه على قلتهم من البرلمان وما صحبه من تداعيات في كتابة نهاية الحزب الشيوعي كقوة مؤثرة في الساحة السياسية بعد انقلاب مايو الذي تمت تحت يده تصفية الحزب الشيوعي وقادته وتصفية الشهيد محمود محمد طه الذي كان منافسا قويا للعراب في أوساط الإسلاميين كما نجح الترابي فى تحول انقلاب مايو 360 درجة من أقصى اليسار لأقصى اليومين بعد أن عرف كيف يسخر المصالحة الوطنية مع النميرى لإنجاح مخططاته بعكس زعماء الطائفتين الذم كان دافعهم السلطة وهى الفترة التي مكنته يومها من أن يصيح قوى مؤثرة وصانعة للأحداث بطريق غير مباشر تحت ظل النميرى ونظامه فكانت تصفية الشهيد محمود محمد طه وكانت قوانين سبتمبر الإسلامية بل وكانت الفترة نفسها التي تغول فيها الترابي على النظام خاصة بعد تمزق من بقى من المعارضة الخارجية بعد رحيل الشريف حسين الهندي.

ولعلني هنا اكشف عن واقعة قد يصر بعض الاتحاديين على إنكارها وهي إن الشريف حسين الذي كان رافضا التصالح قد تنبه لخطورة هيمنة الحركة الإسلامية وخصمه التقليدي الصادق المهدي على حكم النميرى ليتراجع الشريف عن رفضه المصالحة ففتح ملف التفاوض مع النظام الذي مثله رحمة الله عليه ابو القاسم هاشم حيث تم التوصل لاتفاق مصالحة مع الشريف حسين اختلف في مضمونه عن اتفاق المصالحة الأول الذي اهتم بمواقع في السلطة والذي نص على إقامة انتخابات حرة بعد فترة تم التوافق عليها تحت ظل التنظيم السياسي الواحد وكان الشريف يعلم إنها خطوة ستتبعها المكونات الحزبية ولقد تم بث توقيع الاتفاق يومها بالقنوات الفضائية مما يجعله موثقا صوت وصورة
ولكن ما افشل الاتفاق انه تضمن شرطا يلزم الشريف بتسليم الأسلحة الخاصة بالمعارضة والمخفية في الخرطوم ولكن الدكتور الترابي مع السيد الصادق افشلا التزام الشريف بهذا الشرط ليجهضا الاتفاق ونجحوا في ذلك بنقل السلاح من مزرعة أل المهدي بالسقاى وهو المكان الذي يعرفه الشريف وأخفوها في مكان جديد لا يعرفه الشريف فاعحزوه عن الوفاء بشرط تسليم السلاح مم افشل الاتفاق ليتفرغ الشريف لمعارضته التي انتهت برحيله ليخلو الجو لعراب الحركة الإسلامية ليفعل ما يريد وكونوا معي لوقوف على فعله بذكائه غير المحدود بالسودان.

تعليق واحد

  1. شكرا استاذنا النعمان متعك الله بالصحة والعافية وحقيقة كشفت واقعتين في منتهي الخطورة وتؤكدان في الوقت نفسه ان ما ذكرته بخصوص عبد الخالق والشريق فعلا حقيقة لان الصادق رغم امكانياته لكن الترابي طواه لاسباب انت تعرفها فقط انوه المصالحة كانت برعاية وضغط السعودية والشريف كان موافق لكنه تراجع في اخر لحظات مبديا عدة تحفظات اما صلحه الثاني فهذه معلومه جديدة لنج وشخصيا لم اجدها في بحث او كتاب مع الاخري قصة الاسلحة لذلك كما قلت انا في مقال معدد خوازيق الترابي ان الرجل لعب بالسودان كما اراد له وموت الشهدين وثاللثهما محمود طه كان قاصمة ظهر السياسة السودانية شكرا لك ونرجو المزيد من المعلومات خاصة عن الحزب الشيوعي وانقلاب 1971الغامض حتي الان وعن كيفية اخحتفاء عبد الخالق واماكنه وطهوره في الانقلاب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..