رواية (الخفاء و رائعة النهار) بين خضور المؤلف و عزله ( 14 )

رواية (الخفاء و رائعة النهار) :-
بين حضور المؤلف و عزله
( 14 )
كان (حسن) أصغرنا عمراً
و أقصرهم قامة
إلا أن رأسه
يبدو أكبر حجماً
مقارناً بجسمه الضئيل
و حينما يتحدث
يخيل للذي يسمعه
دون أن يراه
أنه شخص ناضج
له رؤية خاصة
في الأشياء حوله
يبدو كأنه إستكمل وعيه
متجاوزاً مرحلة الصبا
كنتُ لجوجاً !؟!؟…..
مهوساً بطرح الأسئلة
كان الرفاق يضيقون ذرعاً
بكثرة السؤال عن أشياء
تبدو لهم أعمق من طاقة فكرهم
إلا (حكيم و عطا)
كلاهما يشدان من أزري
و لعل (حكيم) من دفعني
الى هذه السمة الملحاحة
بينما كان توأمه (حسين) صموتاً
يعتقد إن قيمة الإنسان تقاس
بفعله و ليس بقوله ؛؛؛؛؛
كنت أُومن إيماناً راسخاً
أن الكلام النابع
من فكر ثاقب
هو في نهاية المطاف
ضرب من العمل الجاد !!؟….
* * *
كان (حسن) يقرأ كثيراً
يقرأ كل كتاب أو مجلة أو صحيفة
أو اي إصدارة ورقية
يعثر عليها
في مكتبة (حكيم)
أو أي حيز آخر
يفرد مكاناً للكتب
مهما كان حجم صفحاتها
و صعوبة فحواها
و حينما يفرغ من القراءة
أكون أكثر نهماً للمزيد !!؟….
كأنه لم يقرأ شيئاً بعد
تعددت قراءاتي
في شتى ضروب المعرفة
تاريخ ، فكر ، شعر ، سرد
مسرح ، تشكيل و موسيقى
الى أن رست مراكبه
عند مرافئ الفلسفة
و تحديداً عند مرفأ الفلسفة الوجودية
عشقت (سارتر) و روايته “الغثيان”
و كذلك رفيقته (سيمون دي بوفوار)
و كتابها “الجنس الآخر”
كان (حسن) الوجودي الإنتماء
حينما يضيق ذرعاً بأعضاء الجوقة
المسرحية الثاتويين و الكومبارس
يصرخ في وجوههم
{ الآخرون هم الجحيم }
ذات أمسية
يعبق نوار أشجار نيمها
بأريج فواح
ناقشه (عطا)
أنت يا (حسن) أحياناً
تشتط في تمردك
لا أنا فقط لستُ مقتنعاً
بأسطورة “الشاطر حسن”
لأنها تعتمد السحر و الغيبيات
ثم مردفاً في نزق
كوسيطة لتحقيق مآربنا
مستطرداً
“الشاطر حسن” ليس في أحاجينا السودانية !!؟….
ربما في التراث العربي
ألسنا عرباً بالدم و اللسان
بعضنا فقط
ليس كلنا
ثم أين ذهب نصيبنا من الزنوجة ؟….
ألست معي أن وجداننا عربي صرف ؟….
ينبغي صياغة وجداننا مجدداً
على نسق الجذور الحقيقية
لتكونيننا العرقي ؛؛؛؛؛
عقب هنيهة صمت
هاتفاً في وجه (عطا)
{ نحن سودانيون }
* * *
في لقاء جمع بين (عطا و حسن)
خلال زمان و مكان آخران
على مقهى “الكاظم” الشهير
إبتدره (حسن) متخلياً
لو كنت أنت (أوريست) و (روضة) تمثل (إلكترا)
و كان المفتش الإنجليزي (أوجيست)
و تمثلت (كليتمنسترا) في الذين
كانوا أذيالاً للإنجليز
و ساعدوا في اغتيال الحرية
ممثلة في (أجاممنون)
لما كانت مدينتنا الوادعة
مهملة و متخلفة و منغلقة على نفسها
ماذا يجدي الندم الآن ؟؟!….
كأن (حسن) يتنفس ما يقرأ
الندم و إستعذاب الألم و الشعور بالحسرة ؛؛؛؛؛
إنها جميعاً خطيئة البشر !!؟…..
التي تستمد منها القوة وجودها ؟….
هل يمكن أن يعيش الإنسان
بلا خطيئة ؟!؟!…
أعلم أن ليس ثمة إجابات قاطعة
لهذه الإشكالات المطروحة ؛؛؛؛؛
و كأنه يجيب على سؤاله
و إلا لتوقفتْ ديناميكية الحياة !!؟…
[email][email protected][/email]