المغربية فاطمة بوجو: لايزال البعض ينظر إلى الممثلة نظرته إلى بائعة الهوى

حاورها من باريس: حميد عقبي
فنانة ونجمة سينمائية ومسرحية وتلفزيونية، متنوعة في نشاطها الفني وتولي اهتماما خاصا بالنشاط الجمعي، تركض في اتجاهات عديدة تصرخ في المحافل مطالبة بحقوق الفنان المغربي وبقانون يحمي حقوقه وكرامته، تشعر بالغبن للممارسات غير اللائقة تجاه الفنان المغربي، الذي أصبح سلعة رخيصة تتقاذفها شركات الإنتاج وجهات رسمية لا تهتم بالنوعية والجودة، تتقاعس في إيجاد وسائل تشجع تطوير الإبداع.
مع فاطمة بوجو نستكشف قضايا خطيرة، بقوة وشجاعة تتحدث لنا لتكشف المستور والمسكوت عنه.. إليكم ضيفتنا الكريمة:
■ نود فهم وضع العاملين في السينما والتلفزيون المغربية.. هل توجد قوانين في المغرب تحفظ حقوق الفنان، أم أن هناك قصورا في هذا المجال؟
□ ما نعرفه هو أن قانون الفنان المغربي سبق تقديمه إلى الحكومة، ثم صادق عليه مجلس البرلمان، ولكن لم يتم تفعيله إلى الآن.. الأمل الوحيد هو تدخل الملك محمد السادس، الذي وجهت له رسالة في الموضوع كما قيل لي. نفتقد في اغلب المسؤولين روح خدمة الصالح العام أولا قبل خدمة مصالح أحزابهم.. والقيام بالمبادرة لإصلاح شؤون المواطنين.. فهل سينتظر هؤلاء تدخلا من الملك لتفعيل قانون الفنان؟ حقا إنه أمر غريب.
■ هل توجد جمعيات نشيطة فنيا ولها دور ملموس وفعال؟
□ في السنتين الأخيرتين كثفت من حضوري في المهرجانات، لأنني اكتشفت من خلالها وجود شباب متميز يطمح إلى دعم الفن السينمائي وإيصاله إلى ساكنة المناطق خارج دائرة الرباط? شباب منهم من يتلقى دعما محليا ومركزيا ومنهم من لم يحصل عليه.. حقيقة لمست النجاح الفعال الذي تحققه هذه الجمعيات من خلال خلق تواصل سنوي بين عشاق السينما وممارسيها محليا، وبين الفرجة السينمائية والفنانين.. إلى جانب تفوقهم في تنظيم ماستر كلاس مع مخرجين كبار، وورشات تكوينية ومسابقات يستفيد منها شباب يرغب في ممارسة عشقه للسينما. وأنا افتخر بهذا الشباب الذي رفض أن يلعب دور الضحية في غياب سياسة ثقافية فنية واضحة المعالم في البلاد، واختار أن يكون فاعلا في الشأن الثقافي والفني كمواطن صالح .
■ بذخ مبالغ في مهرجان مراكش ـ هل هذه المهرجانات لها ثمار جيدة على السينما المغربية، وهل تشعرون بأن هذه المهرجانات تهتم بالفنان المغربي. قيل إن استضافة عادل إمام تساوي استضافة 30 فنانا مغربيا، أي ليس هناك انحياز للغريب؟
□ استغرب أن يركز الإعلام المغربي في مهرجان مراكش الدولي على التعليق على مصاريف المهرجان وعن لباس الممثلين، بدل التركيز على البرنامج المهم والغني للأفلام العالمية التي ينجح في تقديمها إلى جمهور متعطش للاستفادة من تجارب عالمية متنوعة في مجال السينما لا تسمح ظروفه بالسفر لرؤيتها، ويتناسى الدعاية العالمية التي يحظى بها المغرب خلال المهرجان، حيث يستفاد منها سياحيا واقتصاديأ وفنيا، من خلال توافد بعض ضيوف المهرجان الذين يعودون إلى التصوير بالمغرب، أو لقضاء عطلة وحتى الإقامة..
فأهداف المهرجان هي جلب النجوم العالميين وتعريفهم بمخزون المناظر الطبيعية البكر بالمغرب، ما يوفر إمكانية الشغل للعاملين في القطاع.. ثم أن هناك ملاحظة نغفل عنها هي، أن الممثل الأجنبي يقابل بعناية خاصة، لأنه يرسل شروطه أولا قبل الموافقة على الحضور.. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، هل الفنان المغربي يتقدم بالشروط نفسها قبل قبول الدعوة.
■ الممثل المغربي قد يشارك بدور ثانوي في فيلم يعكس صورة سيئة عن المغرب كبلد متخلف وبدوي وغير حضاري، مع مخرجين مغاربة أو أجانب.. فهل المسؤولية تقع على الممثل وكيف يمكن معالجة هذه المشكلة؟
□ في غياب موقف حاسم من المركز السينمائي، فإن توسيع مساحة اشتغال الممثلين المغاربة في الاعمال الاجنبية صعب ومرتبك; حضور الممثلين المغاربة في هذه الاعمال سيبقى حضورا باهتا ولن يرقى إلى التعريف بهم عالميا، المسؤولية أولا تقع على المركز السينمائي المغربي، وعلى لجنة قراءة السيناريو قبل منح الدعم للمغربي، وقبل منح رخصة التصوير للأجنبي.. ولجنة مشاهدة الأفلام بعد التصوير. أما الممثل فبحكم ظروفه المادية الصعبة وقلة فرص الشغل فانه يمكننا القول إن الممثل لم يصل إلى مستوى الممثل صاحب المواقف الثابتة الذي له الشجاعة للانسحاب من العمل إذا ما كان يسيء للبلد ولساكنته.. وفي الأفلام الأجنبية قد لا يكون لديه علم بوجود هذه المشاهد لأن مشاركته بدور صغير لا يسمح له بمعرفة تفاصيل الفيلم كاملة.
■ الواقع السينمائي مازال متعثرا قليلا.. ما التحديات الكبرى التي تواجه السينما المغربية وكيف يمكن تجاوزها؟ هل الأزمة في السيناريو أم في الاخراج أم الإنتاج؟
□ انا لا أراها متعثرة، هو واقع طبيعي لأن السينما في مرحلة إثبات وجودها أمام المتفرج المغربي، هي مرحلة التجريب والبحث عن الذات والهوية المغربية في السينما، مرحلة يغلب فيها طابع الارتجال والنقل عن التجارب السينمائية العالمية .. بهدف إرساء دعائم سينمائية مغربية ثابتة تؤسس للإبداع السينمائي مستقبلا.. إنها المرحلة التي تفرز جيلا جديدا من الشباب إلى جانب الموجودين من الرواد.. وبعدهم ستأتي مرحلة التأسيس الحقيقية.. أنا أصفق للجميع بكل حرارة لأنهم نجحوا في إعادة تصالح الجمهور مع قاعات السينما.. ما تفتقر إليه السينما هو كتاب سيناريو حقيقيون.. وهم موجودون، فقط على المسؤولين الرفع من قيمة الحافز المادي لجلب الكتاب والأدباء المغاربة الحقيقيين، فرسان الكلمة والإبداع، ليمنحوا المخرجين سيناريوهات قوية بعمق مواضيعها وشخصياتها? وبصورها البلاغية الجميلة التي ستقدم للمخرج وعلى طبق من ذهب مفتاح الانطلاق في عالم الإبداع والجمال، من خلال الصورة التي ستخاطب خيالنا ووجداننا، بدل التركيز على عقولنا من خلال حوارات عقيمة وقصة فارغة.. والإبداع ليس رهينا دائما بالمادة، بل بالتكوين المعرفي والعلمي للمخرج وبانفتاحه على محيطه.. لأن المخرج الذي يفتقر إلى تصوره وفلسفته الخاصة للحياة والوجود والدين والقيم سيبقى همه دائما، إنجاز قصة مصورة ترضي فئة قليلة من الجمهور ولن يصل ابدا إلى العالمية.
■ تحبين العمل في التلفزيون الذي هو الطريق إلى قلوب البسطاء.. نود التعرف على هذه التجربة؟
□ لا يمكننا الحديث عن حرية الاختيار في العمل بالتلفزة، أم بالسينما في غياب البنية التحتية والقوانين المنظمة للمجال الفني، ونظرا لتخلي القطاع الخاص عن خوض مجال الإنتاج الدرامي.. فإن فرص الشغل نادرة مما يضعنا أمام وضع القبول بما يقدم إليك.. صحيح أن التلفزة تمنحك الشهرة التي توسع جمهورك في المسرح والسينما وأيضا تمنحك دعما معنويا من جمهور يحتضنك ويعاملك بكرم لا مثيل له.. فإن العمل في التلفزيون هو مغامرة مجهولة المصير، كرة ذهبية يتقاذفها المنتج بالشركات الخاصة وبعض المسؤولين في التلفزيون ، إنها بقرة حلوب وما الممثل الا اليد التي تستنزف كل طاقتها لتخرج هذا الحليب في ظروف مهنية بائسة تنعدم فيها أدنى الشروط الإنسانية.. وفي النهاية لا يسمح لها بإرواء عطشها من هذا الحليب.. إنه عمل أمارس فيه عشقي للتمثيل.
نقبل سيناريو ضعيفا.. ونجتهد في العمل على شخصيات فارغة من الداخل.. ونشارك في أعمال لا ترقى إلى طموحنا.. أعمال تغيب فيها شخصية المغربي الاصيل ذي الروح البطولية المنفتح على كل الثقافات.. ونشتاق فيها لشخصيات عظيمة من صفحات تاريخنا.. إنها تجربة عندما أردت أن أختار فيها نوعية أدواري وجدت نفسي خارج الساحة الفنية لسنوات.. إنها تجربة أن تقبل ما يقدم اليك أو تختفي عن الأنظار.
■ المسلسلات المدبلجة التركية بالمغربية عليها إقبال كبير.. بينما نجد اللهجة متوسطة في المسلسلات المغربية والمتفرج العربي يغرق في تعقيدات اللهجة؟
□ تجربة المسلسلات المدبلجة نتيجة عدم ثقة المسؤولين في الإنتاج المغربي، وفي افتقادهم إلى حس الغيرة على الهوية المغربية.. وأيضا في اختيار الطريق السهل لكسب مداخيل الاشهار التي توفرها نسبة المشاهدة العالية لها?. وهي أعمال نجح صانعوها في إبهار المتفرج من خلال عنصر التشويق.. اما عن اللهجة المغربية فإنها أبدا لن تكون عائقا امام تسويق الدراما المغربية، لأنه كما تعود جمهورنا على لهجة الخليجيين والسوريين و.. فان المتفرج العربي ايضا يمكنه ذلك مع الدراما المغربية..
■ يمتلك المغرب كوادر فنية وبيئة جميلة ..مع ذلك الأعمال التلفزيونية تنشط في رمضان فقط، فهل يظل الحال إلى الابد.. ألا توجد رؤية لتطوير الدراما المغربية؟
□ انه سؤال بدون جواب..عندما تتوفر الإرادة القوية لخلق إنتاج درامي متواصل طيلة السنة، فإنه لا شيء سيقف في وجه ذلك، خاصة أن جمهورنا متعطش لرؤيتها ويشجعها دائما..
لن أقول إن المسؤولية تقع فقط على ذوي القرار، بل على المواطن التشبث بجذوره وثقافته مع الانفتاح على ثقافة الآخر واحترامها. على الجميع امتلاك الروح الوطنية، يجب السعي لتغيير واقع الدراما الغائب طيلة السنة والحاضر في رمضان فقط.
■ فاطمة باجو متنوعة الإنتاج فهل حققت ما تمنيته كممثلة؟ ما الذي دفعك إلى هذا المجال وهل انتِ راضية لما وصلت إليه؟
□ توجهت إلى التمثيل بعد تجربة المسرح المدرسي بالقنيطرة حبا في العمل الجماعي التي بهرتني وقتها، وفي الوقت نفسه التمثيل كان لمساعدتي في رحلة البحث عن ذاتية ومعرفة شخصيتي ومن اكون، للخروج من حالة هذيان شخصي مع الرغبة في خلق فرجة ممتعة وراقية لي وللمتفرج، نعم نجحت في الوصول إلى بر الأمان في رحلة البحث عن ذاتي ونجحت في التصالح مع نفسي، وفشلت في تحقيق طموحي في لعب شخصيات بطولية تبصم مساري الفني وتؤثر في المشاهد? لأن فرجتنا الدرامية تدغدغ المتفرج وتمنحه متعة آنية مؤقتة تزول مع اطفاء جهاز التلفزة.. ولم ارو حتى الآن عطشي من التمثيل وما زلت في خطواتي الأولى حتى وإن قالت سيرتي الذاتية غير ذلك.
■ هل تنصحين الشابات بمهنة التمثيل.. وهل نظرة المجتمع للممثلة تغيرت؟
□ أنا أومن بأن الحياة تجربة مستقلة خاصة بكل فرد وليس من حقي تسميم أفكار الآخر.. أقول مرحبا بهن وبالجميع وليكن حكمهن الخاص من خلال تجربتهن الذاتية.. أما عن نظرة المجتمع للممثلة بصراحة اقول لم تتغير ولم نتخلص بعد من النظرة السلبية للممثلة، حتى إن كانت ساحتنا الفنية زاخرة بممثلات ناجحات في الميدان الفني، وايضا في حياتهن مع أزواجهن، فما زال العديد من افراد مجتمعنا ينظر إلى الممثلة نظرته للعاهرة، أذكر انه في التسعينيات كان أول رجل تقرب مني كان لظنه انني متحررة جدا في علاقتي بالرجال.. والشيء نفسه مع الرجل الثاني، والآن ايضا مع أنني متزوجة أتعرض لهذه المواقف.
القدس العربي
أحب المغاربه وأموت فيهم ياريت تكون لى زوجه مغربيه وياريت أعيش معها بالمغرب