ابتهال محمد مصطفى: هناك تعويذة خاصة للشعر السوداني

حوار: محمد ولد محمد سالم
تعتبر الشاعرة ابتهال محمد مصطفى تريتر إحدى أهم الأصوات الشعرية السودانية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، فقد صعدت بسرعة في سماء الشعر، وأصدرت ديوانين هما: “الإشارات الخفية” و”على شفا الجرح”، وفازت بعدة جوائز، وأصبحت ضيفة حاضرة في كثير من المهرجانات الشعرية العربية، وآخرها ملتقى الشارقة للشعر العربي في دورته الثالثة عشرة التي اختتمت يوم السبت الماضي، هنا حوار معها:
لكل شاعر نقطة انطلاق مع الإبداع، فما هي نقطة ابتهال؟
– لا أعرف لي نقطة انطلاق محددة، فقد بدأ ميلي إلى الشعر والأدب منذ المدرسة، فكنت بارعة في الإنشاء، وألقى تشجيعاً من المدرسين، وكنت أشارك بنشاط كبير في الفعاليات الأدبية المدرسية، ويُعهد إلي بكتابة قصائد في مختلف المناسبات، واستمرت تلك الحالة وتطورت حتى أصبح أصدقائي ومعارفي يثنون على شعري، ويصفونه بالجودة، لكنني لم أكن ألقي لذلك بالاً، ولم أعتبر أنني شاعرة جديرة بهذا الوصف إلا ابتداء من سنة 2005 عندما حصلت على جائزة مسابقة نجوم الغد التي كانت تنظمها قناة النيل الأزرق، وذلك بإجازة من قامات شعرية سودانية معروفة، فقد كان في اللجنة مهدي محمد سعيد وعبد القادر الكتيابي ومصطفى سند، وأحسست بأن هذه الإجازة من تلك القامات هي بطاقة عبوري الحقيقية إلى الشعر .
لعبة التصوير عندك تقوم التوليف بين مشهديات شتى، ألا تخشين من أن يجرك ذلك إلى الغموض؟
– كان ذلك الغموض موجوداً في بداياتي الشعرية، وقد جوبهت من قبل النقاد والشعراء بأن شعري غامض، وعرفت أن الجمهور لا يحبذ الشعر الغامض ولا يفهمه، واقتنعت بأن الشاعر لا يمكنه أن يوصل رسالته أو يؤثر بخطابه الجمالي ما لم يترك للقارئ فسحة للفهم والتأويل ويمده بمفاتيح وخيوط يتتبعها ليصل إلى ما يريده الشاعر، لذلك عدلت عن نهج الغموض .
الصوت النسائي في القصيدة السودانية الراهنة قوي، فهناك روضة الحاج ومنى حسن وداد صالح وابتهال مصطفى وغيرهن، إلى ما تعزين ذلك؟ وهل يمكن القول إن هذه خصوصية سودانية، في الوقت الذي يطغى فيه الصوت النسائي، في أغلب البلدان العربية، في مجال السرديات؟
– الحركة الشعرية النسائية في السودان نشطة ومتطورة، وتبحث عن طريق للوصول إلى هرم الإبداع الشعري، ولا يقتصر صعود المرأة عندنا على الشعر وحده، بل هي حاضرة بقوة في مجال السرد، وهناك أسماء صاعدة كثيرة، تتحسس خطاها بشكل جميل وممنهج، ولا أظلم الشعراء الرجال فهم موجودون ويجتهدون ويبدعون باستمرار، وهؤلاء كنز لم يكتشفه الوطن العربي بعد، وأتمنى أن تفتح لهم المنافذ على الساحة العربية، ولو فتحت لشكلوا إضافة قوية إلى هذه الساحة، وجذوة الإبداع لم تخب في السودان منذ عقود، صحيح أن هناك انقطاعا عن التواصل مع الخارج بسبب عوامل كثيرة ليست السياسة والصراعات أقلها، وأنا لا أعفي الجهات الثقافية الرسمية في السودان وفي الدول العربية – على حد سواء – من المسؤولية عن هذا الغياب أو التغييب، وفي اللحظة الراهنة فإن حركة الإبداع عندنا أشد قوة واتساعا وحركية، ويشكل الجيل الشاب عمادها، وهناك أسماء بارزة مثل محمد المكي إبراهيم ومحيي الدين الفاتح وسيف الدين الدسوقي، وأسماء كثيرة أخرى تتداخل وتتعدد مشاربها واتجاهاتها الفنية والشعرية، وتمثل بكل وضوح السودان الذي هو بلد التنوع والتلاقي الحضاري والثقافي، لكنها جميعا تشترك في سمات عامة تعكس خصوصية الأدب السوداني أو ما يمكن أن يطلق عليها التعويذة الشعرية السودانية .
ما هي ملامح هذه التعويذة؟
– التعويذة الشعرية السودانية لها عدة ملامح فالمفردة والتراكيب والأخيلة تأخذ طبيعتها من كيمياء المجتمع السوداني الذي يرتكز على التنوع، ففيه عناصر ثقافية إفريقية وعربية ونوبية، وفيه تنوع تاريخي وجغرافي وتراثي، كل ذلك، يترك أثره في النص الشعري، فعلى مستوى النفس الشعري نجد التدفق والاسترسال والإطالة التي يغذيها التوليف بين الرموز والإشارات الثقافية المتعددة .

الخليج

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..