ضحكة السر قدور تملأ خياشيم القاهرة!

صلاح الدين مصطفى

نهار يوم الأثنين كان مشمسا في القاهرة على غير العادة في مثل هذه الأيام التي يشتد فيها البرد ،كنت على موعد مع الأستاذ الكبير السر قدور بمكتبه ” 3 شارع مصطفى كامل”لكن شاءت بعض الإصلاحات في مدخل العمارة لأن نجلس على الهواء مباشرة في أحد المقاهي الشعبية !
الجميع هناك يحتفون به وتملأ ضحكته “الرهيبة” فراغات أزقة القاهرة وتتسرب إلى محطات المترو ،وبين قفشات صاحب القهوة والصبي الذي يمده بالسجاير والمارة اضطررت لإيقاف التسجيل مرات عديدة ،فهم مثله تماما ، يمتلئون بالحيوية والتلقائية ويدهسون النظم والبروتكولات.
كان كالعهد به يملأ المكان بسطوة سودانية باذخة تختلط بملامح مصرية موغلة في التفاصيل الشعبية ، لذلك أحبه أهل تلك المنطقة كما عشقه مشاهدو برنامج “أغاني وأغاني” الذي اكتسب شهرة غير مسبوقة دفع السر ثمنها من خلال الشائعات والشتائم التي طالته وجعلته في كفة واحدة مع”كفار قريش”!
الجميع في ذلك المكان ينتظر دوره ،منهم صحافيون يريدون افادات قوية عن مسيرة الفن السوداني ومخرجون يودون خارطة طريق لتصوير أفلام وثائقية سودانية ،وشباب من الجالية يريدون إقامة فعالية ناجحة وناشرون يريدون أخذ رأيه في كتاب سوداني أو كاتب ومنهم ابنته وسائق التاكسي ذو اللحية الكثيفة الذي يخبره بميعاد للطبيب أوشأن شخصي موغل في الخصوصية.
عشرات السنين والسر قدور يملأ “خياشيم القاهرة” بعبق الفن السوداني يسرد الحكايات التي عايشها مع الكاشف وغيره من اساطين الغناء السوداني ويتطرق لمواقف من شعراء الحقيبة ،يوقع كتبا ودوواين شعرية ،يراجع مسودات لأخرين يصحح وينقح دون كلل أو ملل،ويشارك في الندوات السياسية والمناسبات الاجتماعية .
وأثناء جلوسك معه يرن هاتفه مرارا وتكرار ،وهو يرد بطريقته الخاصة، سواء أكان في حوار معك عبر آلة التسجيل أم في منتدى عام أو في حالة عراك لفظي “لذيذ” مع أحد المارة .
وربما يلحق بالمكالمة “عينة” من ضحكته التي صارت ضمن مقتنايته الفنية التي تخضع لحقوق الملكية الفكرية،يحادث أناسا من الخرطوم أو القاهرة وربما لندن وباريس وكل أحاديثه عبارة عن مواقف “حية” ومعلومات!
ظل عمنا السر قدور يكتب عاموده “أساتذة وتلاميذ” لعشرات السنين يغذي من خلاله ذاكرة الأجيال الجديدة بتاريخ الفن السوداني وملامح التكوين الثقافي والاجتماعي والوجداني لمبدعين أثروا الساحة الفنية بالروائع منه من قضى ومنهم من يواصل مسيرة العطاء والإبداع .
وهو قيمة كبيرة وهبة من السماء للشعب السوداني فهو شاعرو كاتب وممثل ومؤلف للالغاز ومقدم برامج ويقول عنه محمود صالح مؤسس مركز عبد الكريم ميرغني أنه يتميز “بالذكاء وسرعة البديهة ودماثة الخلق وخفة الدم والظرف والدعابة كم يتحلى بالعفة والأريحية والتواضع الجم”.
السر قدور ربط أجيالا متعددة مع بعضها البعض دون تكلف أو تعسّف فقد تغنى له الكاشف “بالشوق والريد”وبعد اكثر من نصف قرن صدح له نادر خضر”ليه اشيل همك برايا ياشريك عمري وهوايا” وبينهما أجيال مختلفة الشجن.

تعليق واحد

  1. الاستاذ السر قدور فنان شامل وابرز ما يعجبنى فيه انه يدرج (بتشديد الدال) المبتدئين فى سلالم المجد … الله يديه العافية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..