أخطأ حزب الأمة وأصابت الحكومة..! (مُنع من النشر)

يوسف الجلال

فوّت حزب الأمة على نفسه فرصة تأريخية لإجبار الحكومة، على تقديم تنازلات جوهرية، في أكثر من مضمار. بل أن الحزب أهدر سانحة ثمينة لكسب نقاط كثيرة، بعدما تراجع عن “التسريبات المؤكدة”، القائلة باتجاهه للعمل السري، كقرار استباقي لخطوة الحكومة الساعية إلى تجميد نشاطه، بعدما وقّع رئيسه الصادق المهدي على وثيقة (نداء السودان) مع الجبهة الثورية، ومنظمات المجتمع المدني السوداني.

الراجح، أن حزب الأمة كان سيكسب كثيراً لو أنه مضى في اتجاه التجميد الاختياري لأنشطته السياسية والحزبية. والثابت أنه كان سيضع الحكومة ?على الأقل? في موضع القامع للحريات، على اعتبار أن حل وتجميد نشاط الحزب ?أي حزب? وإجباره على اللجوء للعمل السري، مرتبط في المُخيلة الجمعية بالقمع والتضييق، والانقلابات العسكرية.

لكن حزب الأمة لم يفعل ذلك، واكتفى بتفعيل خيار مناهضة قرار الحكومة من خلال مسار قانوني، حشد له جهابزة القضاء الواقف بقيادة الأستاذ نبيل أديب. وهو ما ترتب عليه تقديم مذكرة قانونية إلى مجلس شؤون الأحزاب، حفلت بنقد قانوني واسع، انطلاقاً من المتناقضات والمخالفات القانونية التي انبنى عليها قرار الحكومة، الساعي لحل وتجميد حزب الأمة، استناداً على المادة (19) من قانون الأحزاب السياسية. وقطعاً سيهلل كثيرون لهذه المذكرة الضافية، لكن هل يضمن هؤلاء أن تأتي المذكرة، أُكلها وحصائدها في بلد لا تستقيم فيه الأمور العدلية على النحو الأمثل..؟!

ظني، أن ثمة مكاسب، منظورة أو مخفية، جناها أو سيجنيها حزب الأمة، جراء تفضيله الخيار الصعب، على الخيار السهل المتمثل في التجميد الاستباقي لأنشطته. لكن حينما نقارن هذه الحصائد، سنجد أنها أقل بكثير، من تلك التي كان سيجنيها الحزب، لو أنه أقدم على تنفيذ قراره باللجوء إلى العمل السري.

الأكيد، أن الحال داخل حزب الأمة لا يسُر إِلَّا عدواً، لكونه يعيش حالة من الشتات والتصدعات، لذا من الوارد جدا، أن تُسهم هجمة مجلس شؤون الأحزاب، على حزب الأمة، في إعادة بنائه على أسس جديدة. بل أن قرار حل الحزب، أو حتى تجميد نشاطه، يمكن أن يغسل جسد وتاريخ حزب الأمة من الآثام السياسية، التي لحقت بساحته، جراء التقارب المكرور مع المؤتمر الوطني. وفي اعتقادي أن حزب الأمة، ما كان سيخسر شيئاً، لو أنه اتخذ سبيله إلى باطن الأرض سربا. اذْ أن “الاحباب” لن ينسوه، وسيذكرونه. وحتى من ينساه أو يُسقطُه من ذاكرته، فسوف يقول حينما تستوي الأمور وتستقيم، وما انسانيه الا “الشيطان”.

كل هذه المعطيات، تشير ? بجلاء ? إلى أن حزب الأمة، فرّط في مغانم سياسية كبيرة، بعدما تخيّر ممارسة السياسة من على ظهر البسيطة، مع أن تلك البسيطة اهتزت كثيراً تحت أقدامه، هذا غير أن باطن الأرض أفضل من ظاهرها كثيراً ما، وتحديداً في ظل إنتفاء القدر الكافي من الحريات. وهو ما جعل حزب الأمة يتموضع في دائرة الاتهام القائل، بأنه لا يُخاشن المؤتمر الوطني إِلَّا لماماً. وإن حدث ذلك، فانه يأتي من وراء “قفازات” لا تجرح، ولا تُسيل “الدماء” السياسية.

انظر إلى المتغيرات الطارئة في تعامل الحكومة مع حزب الأمة، ستجد أن هناك انفراجة كبيرة، وانعطافة مخملية، غير مبررة. وستجد أن رجلاً مثل نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن، خرج إلى الملأ شاهراً تصريحاً يُخالف ويُناقض موقف الرئيس البشير في ما يلي التعامل مع الصادق المهدي. فقد قال حسبو إن عودة المهدي إلى السودان، لن تكون مشروطة بمثوله أمام المحكمة، ولن يترتب عليها توقيفه أو اعتقاله. وهذا القول جبّ الموقف المتشدد للرئيس حيال التعامل مع الصادق المهدي.

ومعلوم أن الرئيس اضطر ذات يوم لأن ينفي حديثاً جرى على لسان مصطفى عثمان إسماعيل، ترك الأخير ? بموجبه – الباب موارباً أمام رجوع المهدي الى السودان. قبل أن يأتي البشير ويغلق الباب في وجه امام الأنصار بـ “الضبة والمفتاح”، وشدد البشير ? يومها – على أن عودة زعيم حزب الأمة إلى البلاد، دونها مثوله أمام القضاء؛ وقبل ذلك، إعتذاره عن التوقيع على وثيقة (نداء السودان).

وعليه، فإذا بحثت عن تفسير للتعامل الحكومي “الناعم” مع حزب الأمة هذه الأيام، فسوف يُعاجزك ذلك. ولن تجد مُوضِحات أو شروح مُقعنة، لقرارات الحكومة القاضية بفتح الأبواب المغلقة أمام الصادق المهدي، غير أنها ذات علائق ? ولو بصورة غير مباشرة ? بتهديد حزب الأمة بالانسراب إلى باطن الأرض. وما يدعم هذه الفرضية، أن الدكتورة مريم المهدي، نفت ?قطعياً- أن يكون العميد عبد الرحمن الصادق، طرح مبادرة لردم الهوة بين الحكومة وبين والده. إذن، لم يكن لمبادرة الولد، دورٌ في انهاء غربة الوالد.

حسناً، فالناظر بعمق، إلى موقف الحكومة حيال التعامل مع المهدي، سيشعر ?حتماً- بحدوث هزة تنظيمية عنيفة، وقعت في اليومين الماضيين. ففي الوقت الذي خرجت فيه غالبية صحف الخرطوم، بخبر رئيسي يتحدث عن شروع وزارة العدل في ملاحقة زعيم حزب الأمة عبر “الانتربول”؛ خرج وزير العدل محمد بشارة دوسة، إلى الصحفيين من خلال شرفة البرلمان، نافياً تماماً، أن تكون وزارته شرعت في ذلك. وقتذاك لم يجد المراقبون تفسيراً غير أن الخلافات داخل أجهزة الحكومة قد تعمقّت بصورة كبيرة جداً. وهو ما يعني أن هناك جهة تُهندس اللعبة، وتُحرِّك الخيوط لنصب الفخاخ أمام مسير الصادق المهدي، وهو ما ترفضه وزارة العدل بقوة، بحسب ما يتمظهر في حديث “دوسة” الذي جهر بموقف مناوئ، لن يتأتى لكثيرين في أجهزة الدولة.

يبدو أن الحكومة فطنت إلى الفواتير الباهظة التي كانت ستضطر لتسديدها، بعدما تبضّع حزب الأمة في متاجر القرارات قليلة الكلفة، كبيرة العائد السياسي، مثل قراره بالتجميد الذاتي، واللجوء إلى العمل السري. لذا فقد سارعت الحكومة ?دون تردد? إلى نسخ مواقفها المتشددة السابقة، تجاه زعيم حزب الأمة، حتى لا تجد نفسها مجبرة على شراء ماء وجهها بمزيد من التنازلات. عليه أقول، أخطأ حزب الأمة بالتراجع، وأصابت الحكومة، لكن بالتراجع..!

مُنع من النشر بأمر الرقابة الأمنية القبلية؛ المفروضة على صحيفة (الصيحة).

تعليق واحد

  1. اكاد اشكُ في نفسي،لاني اكاد اشكُ في حزب الامة السوداني بهذه القيادة التي اجهضت انتفاضة شباب السودان في سبتمبر العام الماضي ،باتحالف مع حزب الميرغي الاتحادي،والتي قتل فيها الكيزان اكثر من 200 شاب سوداني كانوا يسعون للعدالة الاجتماعية والحرية.لذلك انا ما ذلت اشك،وسوف اشك في سلوك حزب الامة،حتي يثبت غير وعكس ذلك.

  2. لا أجد مبرر للمنع سوى التلميع !!! ملاحظة .. ظاهرة (منع من النشر) لدى نظام السفاح لاعلاقة له بما يكتب فجميع الصحف تتبع له إلا قلة لايجهلها إلا جاهل وإنما هى تصفية حسابات بين الحرامية ومن بينهم رؤساء تحرير الصحف نفسها , المقال أعلاه يلفت نظر الحكومة لقرأءت المشهد السياسى أولا ثم إتخاذ القرار وبخبث يطعن فى مواقف حزب الأمه وتسبيط همم المتعاطفيين معه .. نقولها ليوسف الجلال الحق أبلج والباطل لجلج لن ننتظر أن يخرج جيفارا من منابر العنصرية (الصيحة والإنتباهه) فقرا الراكوبة ليس هم قرأء الصحف الورقية والفرق بينهما كالفرق بين الطيب مصطفى وعثمان شبونة نرجوا من إدارة الراكوبة أن لاتنصاع خلف المقالات المغلفة …

  3. المعروف عن الجبهة الاسلامية او الكيزان الترابيين انهم يكسرون الحزب الذي يقف في طريقهم بعدة طرق ولا يراعون في ذلك دين او سياسة ولا حتى قرابة ولا يرقبون في مؤمن الا ولا ذمة .. فقد كسروا الحزب الجمهوري وحاربوا شبابه بالشوارع حتى قتلوا مؤسس وزعيم الحزب الجمهوري وكذلك فعلوا ويفعلون بالشيوعيين وحاولوا تجميد نشاطه وحله الابد في مهزلة البرلمان المشهورة..

    لم يبقى امامهم الان في الساحة الا حزب الامة وهم يريدون ورثة حزب الامة حيا او ميتاً لذلك هم يحتفلون بمناسبات المهدية اكثر من احتفال ال المهدي بها ويريدون تعمير الجزيرة اباء وقدير وتقلى وقد ذكر حسبوا بان الانقاذ هي المهدية الثانية…

    اول ما جات الحكومة حاولت شراء بعض قيادات حزب الامة وكونت الكثير من الاحزاب من حزب الامة التي لم يكتب لها النجاح لان الذي تشتريه بالمال يطالب ويطالب ويطالب بل لقد وصلت محاولة الكيزان حتى كبار قادة حزب الامة وادخلتهم القصر في محاولة لترويض حزب الامة ولن تنتهي محاولات الترابيين الا بموت المهدي في الخارج وتفكيك حزب الامة والسطو على ارث الامام المهدي والانصار بمغازلتهم بالشعارات البراقة والاحتفالات والمهرجانات..

    الاخوان الماسونين يعرفون طبيعة السودان المتدينة لذلك يريدون السيطرة على السودان باسم الدين فهم يحاولون الان السيطرة على كل ما يمت الى الاسلام بصلة يكرمون الختمية والقادرية والسمانية ويحضرون احتفالات التجانية والاطرحة والقباب او الانصار وغيرهم ..

    والذي يقف في طريق اكبر حزب في البلاد هو الصادق المهدي هو حزب الامة وسوف يجتهد الكيزان الماسونين في تكسيره ودفنه حياً بحياة الصادق او بموت فمجلس الاحزاب تابع لهم ولن تنفع مرافعة المحامي نبيل اديب او حتى محمد خير المحامي او محامي الدنيا كلها فحزب الامة ميت ميت لان الماسونية العالمية وضعت هذا الحزب في اولوياتها وانه لن تستطيع السيطرة على السودان مع وجود حزب الامة وكيان الانصار.

  4. يا جماعة الخير قولوا حزب بنات الصادق

    حزب الامة مع السيد عبدالرحمن

    و الان هو حزب البنات و المصالح و المهاترات

  5. رائع وجراب راي سديد لهم الف حق لمنعه * عاوز تخرب بيوتهم خلينا ف حقوق الكلاب والخيل والحمير والبعير والماعز ب الله عليك
    مسكين انا م كنت حيوانا

  6. يزول هو وىنو حزب الامة ، هناك خمسة احزاب تحمل هذا الاسم يقودها مجموعة من المرتزقة والانتهازيين واللصوص وعلي راس احدها الصادق المهدي ، يعني مافي فرق بينهم والكيزان اضف اليهم الانتهازي الدجال الميرغني وتنابلته وفروع الحزب الاتحادي ناس السخيل الدقير ومن لف لفهم من اللصوص ..السودان اصبح لابواكي له ، نسأل الله اللطف لهذا الشعب الصابر المسكين من هؤلاء اللصوص الاشرار..

  7. ومازال ضابط الامن بشري متجولا مع والده في العواصم .. وهو يصرف مرتبة الحكومي من مال الشعب المنهوب

    اي لعبة حقيرة يمارسها ال المهدي

  8. لست حزب امة،لكن ثبت بما لايدع مجالا للشك ان الصادق المهدي سياسي بارع،جهجه باكات الحكومة،كل صباح الحكومةرايح ليها الدرب،عفيت منك ود المهدي،انشاء الله لا تفوت لا تموت،ياالخليت الكيزان صبيان سنة اولي سياسة.

  9. الصراع الدستوري مع الانقاذ المدعوم اعلاميا يفضح النظام اقليميا بين العرب الذى يتمسح بهم وعالميا دون اضرار فادحة ويزيد من وعي الشعب الدستوري والحقيقية المؤتمر الوطني هو الذى مات سريريا ووصل مرحلة خريف البطريرك
    عروا المحكمة الدستورية العليا والقضاة القائمين عليها

  10. اكثر المعلقين لهم ضغائن شخصية اما للإمام الصادق المهدي او لحزب الامة القومي كمؤسسه وقفت صاكده ثابته رغم مشاركة الأخرين بمؤسساتهم كان اتحاديه كان حركات مسلحه ماعدا عبدالواحد محمد نور وكدا الأحزاب الاخرى المنضوية تحت مظلة التجمع لا نريد مزائده والأشخاص كان عبدالرحمن الصادق كان بشرى تبرأ منهم حزب الامة القومي ومؤسساته فهم لا يشغلون اي منصب والانسان حر في توجهه لا يتحمل الحزب والامام اخطاء فردية انما يتحمل كل شخص نتائج مشاركته مع الانقاد بعدين نحن قادرين على توفيق اوضاع حزبنا الداخلية باب العودة مشروع لكل من يعنرف انه اخطأ في ضرب مقررات ومؤسسات الحزب ويركب اخر الصف
    بعدين نحن من يقرر تةتجهات سياسة الحزب وخير ليل على نجاح سياسات الحزب ومواقفه القوية انه دينمو ومرحك اي عملية سياسية وما اتفاق باريس وادس الا دليل على ارتعاد وخوف الحكومة واحزاب الفكة ومن والاهم ومن شاركهم من الكسب السياسي الدولي والاقليمي والمحلي ومساندة كل الشعب السوداني لهدي الاتفاقيات لنقرأ الواقع السياسي بتجرد ونكران زاد نجد ماحققه حزب الامة القومي باتفاق باريس وادس عجز عن تحقيقة التجمع وقوى الاجماع والمؤتمر الوطني ومن شايعهم فبديهي ان تجد اشخاص يشككون ويطعنون في شخص الامام ومواقف حزب الامة بس كيد وفتنة ونميمة وكمان كره وعدم اعتراف بصحة مواقف الحزب والكيان وربنا يصفي القلوب ويوحد الهدف لإسقاط الجبروت والكهنوت

  11. يا ود الجلال في غواصة اسمها صديق محمد اسماعيل الان هو في اسوا حالاته بسبب سوء وفتور العلاقة بين المؤتمر الوثني وحزب الامة وبكل اسف هو نائب رئيس الحزب وهو الان ساكت واخرس عن كل ما يجري ويدور فى الحزب

  12. العكس صحيح الاتجاه الماشي فيه حزب الامة اكسب الحزب ارضية سياسية غير مسبوغة وادخل النظام في خلل سياسي كبير و المذكرة التي قدمها الحزب كانت ملازة وملحمة سياسية تاريخية . ارجو ان تعيد القراءة للواقع سوف ترى العكس .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..