أخبار السودان

النيابة: قلة وعي المواطنين عامل قوي لازدياد جرائم الاحتيال

الخرطوم: خالد فتحي
لم يكن الشاب يتوقع أن ينتهي به الحال إلى النيابة لاختصام مجهول سرق منه خلسة ثلاثة ملايين جنيه.. الشاب الذي نفض المظروف الفارغ أمام المتحري قبل أن يرسل زفرات حسيرة وهو يقول: “يا جنابو الناس ديل سرقوا قروشي”. كان حتى وقتها يبدو غير مصدق لما حدث كأنه في كابوس سيصحو منه قريباً لكن منظر المظروف الفارغ كان ينبئه أن الأمر ليس كابوسا إنما حقيقة مُرة.
الشاب بدأ يروي تفاصيل ما حدث بأنه كان يسير في (أمانة الله) بالطريق العام وفجأة ظهر أمامه شخص يشير إلى رزمة مالية ملقاة بإهمال بالطريق، وسريعا يلتقط الشخص الغريب المال من الأرض ويعرض على الشاب (المجني عليه) أن يقتسما المال معا باعتباره رزقا سهلا سيق إليهما بلا تعب ودون أن يدع للشاب أي فرصة للتفكير بدأ في عد النقود تمهيدا لقمستها مناصفة. لكن (الحلو ما يكملش) كما يقولون.. حيث يظهر شخص آخر ويتهم الشاب والشخص الآخر بأنه استولى على أمواله التي سقطت منه على الأرض دون أن يدري.
الشاب بدت عليه علامات الحيرة والارتباك من تلك الورطة التي وقع فيها وما عمق من قلقه أن الشخصين بدأت أصواتهما ترتفع بحدة كأنهما فلكان اشتبكا في ساعة نحس. لكن الشاب لم يشك لحظة واحدة أن كل ما يجري أمامه لا يعدو أن يكون تمثيلية. ودفع أحدهما بمقترح بأن يخرج كل واحد منهم الثلاثة نقوده وبحسن نية اخرج الشاب مبلغ الثلاثة ملايين جنيه الذي كان قد تسلمه للتو ثم توالت تفاصيل الحيلة حتى انتهت بالشاب في النيابة للإبلاغ عن مجهولين استوليا على أمواله.
يؤكد مصدر رسمي بوزارة العدل أن جرائم الاحتيال صارت اشبه بالصداع لرجال الشرطة والنيابات، وإن بعض أقسام الشرطة والنيابات بالخرطوم تستقبل ما لا يقل عن (4) أو (5) بلاغات في اليوم الواحد. ويضيف المصدر الذي اشترط حجب هويته قبل حديثه لـ(التيار) أمس (السبت) إن جرائم الاحتيال باتت أكثر احكاما من السابق، وإن المحتالين صاروا يتمتعون بقدرات فائقة في الاحتيال، لكن قلة وعي بعض المواطنين بتلك الأساليب كثيرا ما تشكل وسائل مساعدة على إنفاذ تلك المخططات الإجرامية، وتعد عاملا قويا في ازدياد ذلك الضرب من الجرائم. وأشارت مصادر موثوقة إلى أن جرائم الاحتيال تأخذ اشكالا مختلفة لكنها تستهدف جميعا الأموال في المقام الأول، كما في القصة التي ذكرناها آنفاً والهواتف النقالة (الموبايلات) بدرجة ثانية، وروى مصدر لـ(التيار) تفاصيل اقرب للكاريكاتورية لضحايا سوق الموبايلات حيث يذهب الضحية إلى سوق الموبايلات لبيعه وهناك يلقاك أحد المحتالين ويعطيك مبلغا أكثر من الذي تريده أحيانا يعطيك مليون جنيه حتى لو كان سعر الموبايل اقل من ذلك بكثير.
لكنه بعد لحظات يعيد لك الموبايل بحجة أنه ليس جيدا وإن البطارية ربما تكون غير صالحة أو غيرها من الحجج، لا تملك إلا أن تعيد إليه أمواله وتأخذ موبايلك لكن ذات الشخص يتبعك بنظراته ثم لا يلبث أن يأتي ليقول لك: أنا اتوكلت على الله جيبو يااخ”. ويعطيك المال سريعا قبل أن يتوارى عن الأنظار وعندما تبدأ في عد المال تجد أن المبلغ لا يتجاوز الخميسن أو الخمسة وسبعين جنيهاً وأحيانا تجد ورقتين وضعت بينهما رزمة أوراق بيضاء.
مصدر مأذون بشرطة المباحث الجنائية قال لـ(التيار) أمس إن المواطنين لا يكترثون كثيرا إلى التنبيهات التي تصدرها الشرطة مرة بعد أخرى للتحذير من جرائم الاحتيال لجهة أن معظم جرائم الاحتيال ذات ارتباط وثيق بجرائم المتابعة حيث يستهدفون الذين يأتون إلى البنوك والصرافات لأن أموالهم ستكون بحوزتهم في الغالب، كما أن طبيعة المواطنين بالسودان التي تتعامل مع الآخرين بحسن نية وانفتاح يكون غير ضروري وغير مبرر في أحيان كثيرة تساعد بشكل لافت على أن يضرب المحتال ضربته. ولفت الانتباه إلى أن هناك محتالين يستغلون شركات الاتصالات للاحتيال باسمها ويقولون لك أنت فزت بجائزة من شركة اتصالات ويطلبون منك تحويل مبلغ معين لتتمكن من استلام الجائزة. ويمضي ليقول بالرغم أن معظم الحيل صارت مكشوفة ومتداولة لكننا نفاجأ عندما نجد البعض لايزالون يقعون ضحية لها.
التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..