في القضارف الحكومة تأخذ أموالاً من المواطنين دون وجه حق..? (150%) نسبة الزيادة في تعريفة المياه للعدادات العاملة

(موية) القضارف.. حاجة (آمنة) اتصبري
? هيئة مياه القضارف قامت بزيادة تعريفة المياه وتحصلت على دعم إضافي من الحكومة (وفي الحالتين) دافع المواطن
? رئيس تشريعي القضارف خفضنا الزيادات على العدادات المتعطلة
? ربما لا يحس دستوريو القضارف بتلك الزيادات نظراً للمخصصات المالية الضخمة التي ينعمون بها

تحقيق: محمد سلمان

لم تجد الحاجة (آمنة) غير “دموع” انهمرت منها، وذرفتها ? بحرقة – لتعبر عن حالها وضعفها عن تحمل تبعات هذه الحياة، فهيئة المياه فاجأتها بزيادة فاتورة استهلاكها من المياه من (15) جنيهاً متوسط استهلاك شهري إلى (50) جنيهاً هذا الشهر، حاجة آمنة امرأة كبيرة في السن تعتمد بالكاد في دخلها على معاش زوجها المتوفي، الذي لا يتجاوز الـ (600) جنيه شهرياً، “آمنة” قالت في حديثها لـ(التيار): إن معاشها يتقاسمه “سيد اللبن” وصاحب “الكنتين” المجاور لمنزلها القابع في أحياء مدينة القضارف الغربية الطرفية، وما يتبقى من المعاش يذهب لقليل من احتياجاتها التي لا تتمكن من تغطيتها جميعها لضآلة دخلها، وبالطبع فإن الغاز ليس من ضمن مستهلكاتها الشهرية، لأنها لا تمتلك له المقدرة، كما أن القضارف من الولايات التي ينعدم فيها الغاز بصورة كبيرة في غياب تام للحكومة ودورها، التي تشغل بالها بأشياء ليست من اهتمامات المواطن من ضمنها، الحاجة آمنة رصدتها (التيار) وهي تعيش أسى وحرقة على حالها، فقد جاءت إلى الهيئة تحمل في يديها مبلغ (20) جنيهاً استلفتها من جارتها لتأخر المعاش الشهري لتسدد فاتورة المياه خوفاً من قطعها فتفرض عليها الحكومة رسوم إعادة، فهي تهاب زيادة الرسوم أكثر من خوفها من السلطات، حسب الفاتورة القديمة التي بيدها فإن نسبة استهلاكها الشهر الماضي كانت (17) جنيهاً عبارة عن قيمة (6) أمتار مكعبة من المياه، وربما يزيد ذلك المبلغ عن استهلاكها الحقيقي ومتوسطه فهي لديها فقط بالمنزل (واحد) برميل للمياه بالإضافة لـ(زير) قديم و (حلة) تستعين بها لمقابلة طوارئ انقطاع المياه المتكرر بالقضارف، الحاجة آمنة تفاجأت بأن فاتورتها للمياه هذا الشهر (50) جنيهاً وذلك بعد الزيادات التي تحصلت عليها هيئة المياة بالولاية، نسبة الزيادة فاقت (150%)، إذن فهي مطالبة بسداد خمسين جنيهاً، بينما هي أستلفت من جارتها فقط (20) جنيهاً لا غير من ضمنهم تكلفة المواصلات من منزلها وإلى السوق جيئة وذهاباً.
أكل أموال المواطنين بالباطل
تلك العبارة أطلقها أحد مواطني حي (ديم النور) بالقضارف عندما استخرج فاتورته للمياه بالولاية، المواطن الذي يبدو إنه عليم بما جرى من السلطات بزيادة تعريفة المياه بالقضارف من (2) إلى (5) جنيهات للمتر الواحد، وقد ظل متوسط استهلاك ذلك المواطن مثل الحاجة “آمنة” (6) متر مكعب من المياه شهرياً، فإذا قام بحساب استهلاكه بسعر المتر حسب التعريفة الجديدة فإن عليه أن يدفع (30) جنيهاً، لكنه تفاجأ بهيئة مياه القضارف تطالبه بدفع (50) جنيهاً، عندما قام باستفسار المدير أجابه بأن قد تقرر أن تكون التعريفة الثابتة للعدادات التي تستهلك من (صفر) إلى (20) كلم خمسون جنيهاً، بدأ الرجل مندهشاً كيف يكون استهلاكه ثلاثين وعليه أن يدفع (خمسين)، إذن فما زاد عن الاستهلاك تأخذه هيئة مياه القضارف دون وجه حق، حينها وصف ذلك المواطن على أمره ماحدث بأنه “أكل لأموال الناس بالباطل” ولم يتردد في أن يصف ذلك ” الظلم ” لكن ثقته بالله كانت ليست لها حدود في أن يرفع عليه هذا الظلم، كما أنه على قناعة تامة بأن حكومته بالقضارف ليست لديها أذان صاغية، فهي لا تسمع !! وترى ! وتتكلم أحياناً، وتسيِّر أمورها كما تشتهي ويشتهي قادتها.
زيادات غير مبررة
مواطن آخر يسكن وسط المدينة فضَّل حجب اسمه تفاجأ بموظف الحسابات بهيئة مياه القضارف يمده إليه بفاتورته للمياه لهذا الشهر، وقد بلغت (345) جنيهاً أثارته لحد العجب ! فقال لي ساخراً دون أن يعرف هويتي الصحفية : (لو كنت بشرب ” بيرة ” حسابي مابكون قدر كده) ، كل المواطنين لم يجدوا غير السخط واللعن وتوجيه الانتقادات اللاذعة لحكومة القضارف البعيدة عن المواطن، وغريبة عن دنياه، وغريبة في تصرفاتها لحد الدهشة، فهي حكومة سادرة في غيها! كسولة عند المنشط، ليست عفيفة في المغنم! قليلة العمل، تجد صفحاتها خالية من المنجزات سوى لدى قلة منها، وربما لا يجد المراقب مايصف به تلك الزيادات سوى أنها ” غير مبررة “، فالحكومة المتعطلة عن العمل في القضارف ليست في حاجة لزيادة أي عبء على المواطن “المنهك” أصلاً بضغوط الحياة والمعيشة.
ربحت هيئة (الموية) وخسر البرلمان
أفلحت هيئة مياه ولاية القضارف في تمرير زيادات المياه التي طلبتها بهدوء، دون أن يحس بها أعضاء المجلس، البعيدين عن التفاصيل الفنية لعلم الحساب ، صحيح إنهم وقفوا بصدق وبقوة ضد زيادة تعريفة المياه التي تقدمت بها وزارة المالية بالولاية ضمن الموازنة العامة، وعارضوها حتى أسقطوها في عدد من الجوانب، لكن هيئة المياه أفلحت في الوصول لتمرير الزيادات والحصول على دعم إضافي من حكومة الولاية، لكن كيف حدث هذا ؟
رئيس المجلس التشريعي بولاية القضارف الأستاذ محمد الطيب البشير أوضح بأن مجلسه قد رفض مقترح الزيادة الذي تقدمت به هيئة المياه بالولاية خلال الميزانية بزيادة المتر من (واحد جنيه ونصف) إلى (5) أو (7) جنيهات للمتر المكعب من المياه، وقال البشير لـ(التيار) : ” خفضنا تعريفة الزيادات المتعطلة (نصف) بوصة من (105) جنيهات كما هو مقترح بالميزانية إلى (60) جنيهاً شهرياً، وأقر رئيس تشريعي القضارف بموافقة المجلس التشريعي بالولاية على وضع فئة ثابتة للعدادات العاملة التي تستهلك من (صفر) إلى (20) متر مكعب من المياه تبلغ (50) جنيهاً للشهر بصرف النظر عن الاستهلاك سواءً أن كان متراً واحداً أو (20) متراً، وهو ما يعتبره المواطنون بأنه ليس عدلاً، فكيف تتم محاسبة الذين يستهلكون خمسة أمتار بالذين يبلغ استهلاكهم (20) متراً .
وزير يدافع عن الزيادات
ومن جانبه دافع وزير مالية القضارف موسى بشير عن الزيادات التي تمت في المياه، ورأى إنها معقولة بالنظر لسعر برميل المياه لدى عربات الكارو، لكن الوزير الذي دافع عن زيادات المياه في الولاية نسي إن سعر المياه في القضارف الآن هو الأعلى مقارنة بتعريفة المياه في الولايات المجاورة، وحتى ولاية شمال كردفان التي لا تمتلك أي مصدر دائم الجريان لا يصل فيها سعر المياه لهذا السعر، ربما لا يحس دستوريو حكومة القضارف بتلك الزيادات نظراً للمخصصات المالية الضخمة التي ينعموا بها.
دعم إضافي
مع الزيادات التي فرضتها هيئة مياه لاية القضارف على المواطنين تحصلت الهيئة على دعم إضافي من حكومة الولاية بلغ (2,2) مليار جنيه لهذا العام، إذن فالهيئة مررت زياداتها دون أن يدركها أعضاء المجلس، وفي نفس الوقت ظفرت بالدعم الذي تريده من الحكومة، وفي الحالتين فإن الدافع هو المواطن! فالدعم الذي تحصلت عليه الهيئة سيأتيها من مال دافعي الضرائب والرسوم وهو المواطن، والزيادات أيضاً سيتحملها المواطن بصورة مباشرة فهو في الحالتين “ضائع” .
أين يكمن الخلل ؟
هيئة مياه ولاية القضارف بحسب قانونها هي هيئة مستقلة، وعليها أن تدير نفسها بمواردها الذاتية، لكن الواقع يشير لعكس ذلك، فالهيئة ظلت تسجل عجزاً مستمراً في عائداتها وتضطر حكومة وزارة المالية بالولاية في كثير من الأحيان أن تدفع لها من مال الولاية، مما يشير بوضوح إلى أن هنالك خللاً ما، في هيئة مياه ولاية القضارف، لكن أين يكمن هذا الخلل؟ هل في نقص الكوادر الفنية والهندسية المختصة التي تعمل بالهيئة ؟ أم إن الخلل في إدارتها ؟ أم في طريقة الإدارة ؟ أم هنالك “لوبيات” ومجموعات داخل الهيئة هي التي أقعدتها وجعلتها كسيحة؟ وربما مديرها المهندس مصطفى إبراهيم غير قادر على إدارتها بهذه المجموعات؟.
وزير مالية القضارف موسى بشير فسَّر (الماء بالماء) فقام بإبتعاث محاسبين من وزارة المالية ليعملوا بجنب الكادر المحاسبي الذي يعمل بالهيئة!! كأن مشكلة مياه القضارف بنظر الوزير تكمن في علم الحساب.
التيار

تعليق واحد

  1. اغني ولايات السودان وتساهم بالغذاء والنقد الاجنبي وبها افقر السكان يسكنون في منازل من صفيح وقش ويحلمون بالماء ….. محن سودانية كما قال استاذنا شوقي بدري .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..