(كباري) جسور ولاية الخرطوم

قطاع الطرق والكباري ظل يمثل محمدة لحكومة الانقاذ، بل هناك سولجان مشهود (الرد الرد .. كبري وسد). لكن تفاجأ المواطن السوداني في الشهور الاخيرة بأن الكباري أصبحت (كباري)يمرّ عليها الفساد، ليس الفساد المالي او الاداري، لكنه فساد في التصميم والإشراف الهندسي، فساد ثمنه في أقل درجاته إهدارا لوقت المواطنين، لكنه مرشح إلى أن يصل إلى إزهاق أرواح مستخدمي هذه الكباري.
منذ شهر نوفمبر الماضي شرعت في تجميع معلومات أولية عن ملف الجسور والأنفاق في ولاية الخرطوم، حتى اجتمعت لديّ قرائن عن ضعف في تشييد أكثر من كبريٍّ على النيل أو نفق أو حتى جسر طائر. وفي نهاية ديسمبر شرعت في الاتصال بالجهات الرسمية المختصة لسماع إفاداتهم على التهم والشكوك التي وجهت لقطاع الجسور. ولازال أمامي بعض الأسئلة التي أبحث لها عن إجابات، وأطراف خيوط أتابعها لأصل إلى نهاياتها.
وأقول إن هذا التحقيق موجّه لشريحتين: الأولى هي نواب البرلمان القومي ومجلس تشريعي ولاية الخرطوم بصفتهم الجهة الرقابية ونواب الشعب المنوط بهم مراقبة أداء الجهاز التنفيذي.. ولعل انتهاء فترة المجلسين تخبرهم أن لكل بداية نهاية فليعملوا لأجل النهاية الكبرى التي تنتظر كل ابن آدم.
الشريحة الثانية تتمثل في المواطن وقراء صحيفة التيار، ليحكموا على أداء من تولوا أمرهم ويقيِّموهم، وليتذكروا أن الانتخابات على الأبواب، وهي أداة ضغط الشعب والمواطنين.
تحقيق: علي ميرغني
من هو مصدري
قبل هذا ينبغي أن أوضح شيئا مهما ، وهو أن مصدري في جمع المعلومات الأولية حول ملف الكباري بولاية الخرطوم عمل في قطاع الكباري والجسور، لذلك فقد كان شاهد عيان على مراحل تنفيذ معظمها. ثم شيء آخر ، وإحقاقاً للحق دعونا نذكر فقط أن معظم تعاقدات هذه الكباري تمت قبل عهد الوالي الحالي عبد الرحمن الخضر.
وأقول إني أبدا بنشر هذا التحقيق وأنا لازلت أبحث عن خيوط توصلني لأطراف أخرى ذات صلة، مثل شركة سشلر بلان الاستشارية، وهي شركة ألمانية، وأشخاص آخرين تم في عهدهم توقيع اتفاق إنشاء كبري الدباسين. الذي سأبدأ منه، لأنه يمثل الملهاة الأكثر كارثية والنموذج الكامل لكيفية سوء إدارة موارد الولاية. وأضيف أني سأبحث ملفات كل كبري على حدة، وسأطرح كل نقطة منفصلة ،أورد فيها إفادات ودفوعات كل طرف، قبل أن أنتقل للتي تليها، فلربما يكون أسهل على القارئ متابعتها.
قصة كبري الدباسين
استفسرت أسعد التاي عمّا يعرفه عن كبري الدباسين.. قطعا لم آخذ كل معلومة بأنها حقيقة مثبتة، إنما هي اتهامات تظل اتهامات حتى تثبت أو تفنّــد. واعتبرت المعلومات التي سيقدمها التاي مداخل لأسئلة سأبحث عن إجاباتها في الجهات الرسمية: وزارة البنى التحتية بولاية الخرطوم وهيئة الطرق والجسور التابعة لها.
إكرامية للطبيب صاحب الكبير
قال لي أسعد التاي إن طبيبا تركيا كان زميلا لمسؤول كبير بالولاية عندما كان مغترباً بالسعودية طلب من هذا الكبير أن يمنح صديقه (تورقوت) صاحب شركة (أوزشين) عقد إنشاء أحد الكباري بالولاية. وأن الكبير وافق على منح الشركة عقد إنشاء كبري الدباسين. سألت اسعد إن كانت هي الشركة التركية نفسها التي نفذت كبري المك نمر وكبري الحلفايا… ضحك ثم قال إنها شركة تعمل في تجارة السكر ومواد أخرى ولا علاقة لها بصناعة إنشاء وبناء الكباري ولم يسبق لها أن شيدت (ولا حتى كبري فوق ترعة)، حسب قوله. قلت لأسعد إنك لا تملك أدلة على ذلك أو وثائق، أجاب أنه شاهد عيان لكنه لا يملك وثائق، وطلب مني أن أبحث عنها داخل هيئة الطرق والجسور، وحتما ستقطع جهيزة (وثائق الهيئة ) قول كل خطيب.
البحث عن المعلومات
في اليوم التالي حملت خطابين.. الأول طلب إجراء حوار مع وزير البني التحتية أحمد قاسم حول ملف الطرق والجسور في الولاية وأيضا مشروع البصات النهرية والقطارات داخل الخرطوم، والخطاب الآخر كان طلب إفادات من هيئة الطرق والجسور التابعة للولاية حول ملف الجسور.
رغم الوعود والروح الطيبة التي أبداها قسم الإعلام والعلاقات العامة بالوزارة، لكني ظللت أنتظر اكثر من شهر، خرجت منه بموافقة الهيئة على الإجابة على الأسئلة واعتذار السيد الوزير لانه مشغول.
شركة غير مختصة
سألت مدير ادارة الشئون الفنية بالهيئة، المهندس طارق شاكر، عن شركة أوزفين التركية ،المقاول الاول لكبري الدباسين، ما هي وكيف حصلت على عقد إنشاء الكبري، فقال إنها شركة تعمل في مجال الحديد.. سألته : أتقصد بناء الكباري الحديدية؟ أجاب بالنفي، فهمت منه لاحقا أنها لم يسبق لها إنشاء أي كبري إلا كبري الدباسين ! يعني ان شركة اوزشين تعلمت بناء الكباري بمال الشعب السوداني.. هل أقول إرضاءً لصديق الكبير!!
كان سؤالي التالي : هل حصلت على العقد بعد الدخول في منافسة وعطاءات. أجاب مدير الشؤون الفنية بالهيئة المهندس طارق شاكر بأنه لا يعلم ، لأن الأمر تم قبل تسلمه منصبه. أضاف هنا زميله، مدير إدارة الجسور بالهيئة، عبد الواحد عبد المنعم ، وأجاب أنه لم يكن مسؤولا وقتها في الهيئة.
لكن هل الأمر يتعلق بأشخاص ومديرين يمكن أن يخلوا مناصبهم يوما ما؟ أم أن الأمر ملفات ووثائق تهمّ الدولة وتخص مشاريع ، عمرُها الافتراضي يصل لأكثر من قرن. لا أعتقد أن الإجابة خافية.
خروج الاستشاري سيشلر بلان
سألت أسعد عن الأخطاء التي قال إنها صاحبت إنشاء كبري الدباسين. فأجاب، وهو مهندس مختص في مجال الكباري، إن تصميم كبري الدباسين كان أن يتم بناء أعمدة (علب) خرصانية لكي يكون الجسم العلوي للجسر قائما على حديد. نسيت ان اقول لكم ان المسافة بين العلبة والاخرى (60) متراً.
لكن اين المشكلة هنا؟ رد علي أسعد بأنّ بناء هذا النوع من الكباري معقد جدا، ويحتاج لتقنيات متقدمة لا تتوفر في السودان. لان لحام الحديد يكون أقرب لصهر منطقة التلاقي وليس لحاما بالمعنى المعروف. وهنا ظهرت المشاكل بين المقاول، شركة أوزشين التركية، والاستشاري، شركة سيشلر بلان الالمانية، التي رفضت قبول أعمال الحديد واعتبرتها غير مطابقة للمواصفات، وكثرت الخلافات بين المقاول والاستشاري الذي يمثل المالك ، وهو حكومة ولاية الخرطوم، مما قاد لتأخير العمل في الكبري ودخول المقاول في مشاكل مالية عديدة ( ديون الكهرباء فاقت الأربعين مليون.. ديون مخبز قريب من الموقع فاقت العشرة ملايين)، بحسب التاي.
تدخل مالك كبري الدباسين، وطلب دخول طرف ثالث، شركة تركية أيضاَ، كان تقريرها أن بعض أعمال الحديد مقبولة والبعض الآخر يتطلب فحصاً متقدما فيما رفضت الباقي من الأعمال الحديدية بالكلية.
وهنا خرجت شركة سيشلر بلان الالمانية من المشروع. لماذا ؟ يجيب المهندس التاي بأن الشركة الالمانية لها اسمها وسمعتها في مجال الاستشارات الهندسية ولا يمكن أن تقبل تمرير أعمال غير مطابقة، وهي استشاري للمالك، ولاية الخرطوم، وعندما تأكدت من تهاون الولاية أمام شركة أوزشين، انسحبت من المشروع، ودخلت محلها شركة اسبان للاستشارات الهندسية.
إفادات اسبان
في اليوم التالي كان عليّ البحث عن شركة اسبان، فاتصلت بأحد ملاكها، الدكتور الطيب الريح، صديق شخصي للوزير المرحوم، عبد الوهاب عثمان، والاستاذ الجامعي الذي درّس أسعد التاي في كرري العسكرية للتقانة. طلبت منه إفادات حول ملفات الكباري بالولاية. حدد لي موعدا لمقابلته في مقر الشركة بالخرطوم بحري.
سألته عن علاقة شركته بكبري الدباسين. قال إنها ليس لها علاقة حاليا بالكبري. لكنها دخلت في فترة محددة عقب خروج الشركة الالمانية سيشلر بلان ، كاستشاري للمالك استجابة لطلب حكومة الولاية. قلت له لماذا نسحبت سيشلر بلان، أجاب بأن الحكومة الالمانية عقب فرض العقوبات على السودان ضغطت على الشركة للخروج، قلت له إن ألمانيا لم تفرض عقوبات على السودان.. عاد واستدرك بأن الحكومة الالمانية ضغطت على الشركة للانسحاب عقب ظهور ملف محكمة الجنايات الدولية. وأضاف دكتور الطيب أن الشركة الألمانية لم تترك أي وثائق ومستندات حول تصميم الكبري حتى يواصلوا هم العمل من بعدهم، وأنهم ـ شركة اسبان للاستشارات الهندسية ـ أنجزت العمل المطلوب منها وخرجت من المشروع حيث دخلت شركة استشارات هندسية سودانية أخرى في محلها.
ملكي اكثر من الملك
في إفاداتهم لي عن سبب خروج شركة سيشلر بلان من كبري الدباسين، قال المهندس طارق شاكر ان الشركة انسحبت بسبب خلافاتها المتكررة مع المقاول، شركة اوزشين التركية. وهذه الافادة تدعم ما قاله اسعد التاي من انها انسحبت بسبب اعتراضها على مطابقة اعمال الحديد للمواصفات الفنية. ويضيف المهندس عبد الواحد عبد المنعم إنهم كمالك استعانوا بشركة تركية قامت بعمل فحص لا إتلافي ( non- distructive in spection) وأخر إتلافي (Distructive) لأعمال الحديد التي نفذتها شركة اوزشين ووجدت أن بعض العينات كانت مطابقة والآخر غير مطابق… وهنا ربما تنطبق على شركة سيشلر بلان مقولة إنها كانت ملكية أكثر من الملك وأصرت على حماية مصالح حكومة ولاية الخرطوم بعدم قبول الأعمال غير المطابقة التي نفذتها شركة أوزشين. كما ينقض القصة التي رواها دكتور الطيب الريح عن انسحاب سيشلر، وأن الامر كان لأسباب سياسية وطلب من الحكومة الألمانية.
في الحلقة القادمة نجيب على: هل صحيح أن المقاول الجديد لكبري الدباسين شرع في إجراءات تصفية طوعية؟ كيف تم التوقيع على عقد كبري الدباسين؟ ونفتح ملف الجسور الطائرة، المسلمية، الامدادات الطبية، ود البشير.
عبد السلام
التيار
تحية طيبة وبعد
لفتنى فى موضوع الجسور وروداسم اسعد التاى المهندس الشاب خريج 2002 والذى لايمكن باى حال من الاحوال ان يكون مرجع فى هندسة الجسور لقلة خبرته .. وقلة مؤهله العلمى ( بكلاريوس )…
ههههههههههه 2002 عند المؤتمر الوطني خبير واستشاري وهو لا يجيد كتابة اللغة العربية بعد تردي التعليم من مرحلة الاساس الى التعليم العالي – هذا ما وصل اليه حال السودان – اذا لم تصدق ذلك ادخل اي محليه او اقرب وزارة –
يجب نصب المشانق علي الجسور