مناصير سد مروى وحسانية خزان جبل أولياء

بسم الله الرحمن الرحيم

مناصير سد مروى وحسانية خزان جبل أولياء

سيد الحسن
[email][email protected][/email]

بدخول أعتصام المناصير شهرهم الخامس وتناول أقلام الكتاب بالتحليل والتشخيص من جانب الواقفين مع أصحاب القضية فى محنتهم أو المساندين للموقف الحكومى من وجهات نظر مختلفة . ومن أكثر ما كتب بطريقة علمية وقانونية وحيادية هو د. سلمان محمد أحمد سلمان خبير المياه الدولى .
فى هذا المقال سوف أتطرق للمقارنة بقضية مطابقة تماما لقضية التهجير القسرى لبعض المواطنين بهدف قيام خزان .وهم جزء من قبيلة الحسانية عند قيام خزان جبل أولياء.والنتائج الأيجابية للتهجير كنتيجة لأتباع الطرق العلمية وأنصاف المهجرين.
قبل البدء فى بناء خزان جبل أولياء فى 1933 كانت ضفاف النيل الأبيض (منطقة جنوب الخزان) أراضى زراعية يقوم أصحابها بزراعتها بعد أنحسار مياه النيل الأبيض غالبيتها تملكها قبيلة الحسانية وقلة من قبيلة الحسنات (المنطقة الواقعة شمال القطينة حتى جبل أولياء شرق وغرب النيل الأبيض) والقبيلتين أبناء عمومة.
قام الأنجليز بدراسات علمية فنية وأجتماعية ومقترحات حلول لجبر ضرر أصحاب الأراضى (الأطيان) التى سوف تغمرها مياه الخزان وتخفيف الأثر النفسى للتهجير , وخيرت أصحاب الأطيان أما:

أولا:
منح ملاك الأراضى (الأطيان )حواشات بمشاريع بالنيل الأبيض تروى بالطلمبات التى توفرها الحكومة وما سمى لاحقا بمشاريع الأعاشة بالنيل الأبيض والتى ما زالت قائمة حتى تاريخ اليوم. وهو حل الأستقرار حول بحيرة الخزان (مايسمى فى قضية المناصير بالخيار المحلى).

أو

ثانيا:
التهجير الى مساحة أضافية لمشروع الجزيرة وهى أمتداد عبد الماجد والتى تتوسطها الآن مكتب رى عبد الماجد . وهى منطقة أبوقوتة وتشكل الأضافة ثلاثة أقسام زراعية ملحقة كأمتداد لمشروع الجزيرة وهى أقسام مكتب أبو قوتة ومكتب بجيجة ومكتب أبو أدينة. (التهجير تم لمسافات بعضها قارب الـ 100 كلم من الموطن الأصلى).

الذين أختاروا حواشات مشاريع الأعاشة فضلوا البقاء بمناطقهم الأصلية وروابطهم الأجتماعية ومعظمهم من الحسانية.
الذين رحلوا لمشروع عبد الماجد ( أشتهر لاحقا بمشروع أبوقوتة) يكاد يكونوا معظم الحسنات وجزء معتبر من الحسانية. علما بأن المنطقة (قبل أضافتها كحواشات لمشروع الجزيرة) كانت من حيازات قبيلة الحسنات والعوامرة ومناطق رعيهم وزراعتهم المطرية. الجزء المرحل من قبيلة الحسنات لم يواجهوا الأثر النفسى للتهجير حيث أنهم رحلوا ليكونوا بين أهلهم وعشيرتهم وأن تغير المكان.

أما ما رحل من قبيلة الحسانية فهى تأثرت نفسيا بالتهجير وأن أختاروه بمحض أرادتهم لتقديرات أقتصادية وتضحيات بمفارقة أرض الميلاد وألاباء والأجداد.
لتخفيف الأثر النفسى فى المدى الطويل على ما رحل من قبيلة الحسانية أتبع الأنجليز سياسة توزيع حواشات ما رحل من قبيلة الحسانية على أن يكون مساكنهم موزعة على معظم قرى المنطقة حتى يتم الأنصهار التام لاحقا (وهو ما حدث اليوم) بين المهجرين (حسانية) وأصحاب الأرض قبل المشروع (الحسنات والعوامرة). وتجد حتى تاريخ اليوم أن بكل قرية عدد مقدر من الأسر والعوائل من قبيلة الحسانية فى كل قرية ولا تجد أبدا قرية كاملة من قبيلة الحسانية مما شكل أجيالا مختلطة الأنساب من القبائل الثلاثة نتيجة للمصاهرات التى حدثت بعد الترحيل.
الملاحظ أن تعامل حكومة المستعمر مع المرحلين كان بمنح أصحاب الأطيان المغمورة من خزان جبل أولياء بدائل ذات جدوى أقتصادية أفضل مما كانوا قبل قيام الخزان مع توفير خدمات التعليم والصحة من مدارس أبتدائية (4 فصول ) بالقرى الكبيرة ومدارس صغرى (ذات ثلاثة فصول) بالقرى الصغيرة ومدرسة أوسطى ومستشفى أبوقوتة متوسطة كل القرى مع شفخانات موزعة بعضها بالمكاتب الزراعية لتكون وسط القرى.(تم كل هذا فى أواخر الثلاثينات وأوائل أربعنيات القرن الماضى) .

تزامن بداية التنفيذ فى مشروع عبد الماجد (أبوقوتة) ومشاريع الأعاشة بالنيل الأبيض مع بداية بناء خزان جبل أولياء مما أدى لاحقا فى أواخر ثلاثينات القرن الماضى الى أن تأتى بداية زراعة أول موسم زراعى لمشروع عبد الماجد متزامنة مع أكتمال بناء الخزان وبداية أغراق مياه الخزان للأطيان. (ملاحظة أن مشروع عبد الماجد كان أضافة لمشروع الجزيرة يروى من خزان سنار.) أما مشاريع الأعاشة فوفرت الحكومة الأنجليزية طلمبات الرى وجهزت المشاريع لتكون ضربة البداية فى موسم واحد مع مشروع عبد الماجد وأغراق الخزان للأطيان المتضررة.

التخطيط السليم مع الدراسات الفنية والأقتصادية والأجتماعية أدى لاحقا أن تكون مدينة أبوقوتة من أكبر المراكز التجارية فى المنطقة من منطقة جنوب الخرطوم وحتى مدينة المناقل ومن منطقة جبل أولياء وحتى الحصاحيصا. حيث مثلت والى عهد قريب أكبر أسواق المحاصيل والمواشى مع بقية السلع الأستهلاكية اليومية حيث يتسوق ويسوقوا بسوقها يومى الأثنين والخميس مواطنى غرب النيل الأبيض حتى المنطقة المحازية للقطينة بالضفة الغربية ومواطنى جنوب أبوقوتة حتى تجار مدينة المناقل والقرى الواقعة شرقها حتى مدينة الحصاحيصا وطابت والهدى وأبوعشر, وقرى جنوب الخرطوم (الواقعة حاليا محازية لطريق جبل أولياء الخرطوم) وقرى النيل الأبيض حتى أبوحبيرة الضفة الشرقية لمدينة الدويم .
لو أتبعت الحكومة فى تعاملها مع المناصير نفس طريقة تعامل الحكومة الأنجليزية مع المرحلين من قبيلة الحسانية لما تضرر بل أرتفع العائد المائدى لقبيلة المناصير والتى لا تزال قضيتهم تزدادا تأزيما يوما بعد يوم ولكفى الله الحكومة شر المشاكل والأعتصامات والأحتجاجات التى طالت حتى معظم الجامعات مما نقل القضية الى منابر أوسع من مواعينها.

المقارنة بين قضية المناصير وقضية الحسانية تصديقا لمأثورة لشيخ الإسلام ابن تيميه يقول: (إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة ولهذا يروى، إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة).

نسأل الله أن يفرج أمر أهلنا المناصير ويهدى أولى الأمر الى أنصافهم وأحقاقا للحق ودرءا للمشاكل.
سيد الحسن

تعليق واحد

  1. الذين تم تهجيرهم هم قبائل المحمدية والجميلية والعرماب والحسنات وهم ابناء عمومة الحسانية , وهم والحسانية من بطون قبيلة الكواهلة , ولعلمك ولفائدة القراء فالمناصير هم فرع من قبيلة الكواهلة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..