وصفة كرم الله

(كلام عابر)
وصفة كرم الله

عبدالله علقم
[email][email protected][/email]

السيد كرم الله عباس الشيخ والي القضارف رجل يثير الجدل كل يوم بتصريحاته العفوية التي تستهوي أجهزة الإعلام وهي تصريحات لا يمل منها كرم الله ولا تفتقر للصدق بقدر ما تفتقر في كثير من الأحيان للروية والعقلانية ولكنه يطلقها على كل حال ويسهر الخلق جراها ويختصموا، ولعله وجد مؤخرا العزاء في مثل هذه التصريحات عن الوفاء بالوعود الكثيرة التي بذلها للناخبين قبل أن يجلس على الكرسي الوثير، فلما جلس على الكرسي وجد أن الواقع يختلف كثيرا عن الوعود الوردية، ولكن رغم ذلك يحسب للرجل أنه قد أفلح في منع الاعتداءات، الظاهرة على الأقل، على المال العام التي كانت تتميز بها ولاية القضارف بشكل مفضوح ، و لم يعد هناك من سبيل لطامع متربص بالمال العام في عهد كرم الله ، ولم تسجل تقارير ديوان المراجع العام الذي أطلقت يده في الولاية ، أيا من مثل هذه التجاوزات أو السرقات ،فكرم الله، جزاه الله خيرا، لم يلغ في المال العام، لا هو ولا أهل بيته، ولم يسمح لغيره بالولوغ فيه، وهذه فضيلة غائبة بمقاييس هذه الأيام رغم أنه في أزمنة خلت كان التعفف عن مد اليد للمال العام ممارسة عادية ويومية مثل الأكل والشرب والتنفس ، والاغتسال بعد قضاء الحاجة ولا تستوجب جزاء ولا شكورا ولا تميز مسئولا عن آخر، ولكن لكل زمن ثقافته ومقاييسه ومعاييره ولكل زمن أيضا رجاله، ولئن مد لنا الرحمن في أيامنا لرأينا ولسمعنا عجبا.
في مقابلة نلفزيونية على شاشة قناة الشروق قال السيد كرم الله إن هناك مشكلة عنوسة، وحل المشكلة يكمن في تعدد الزوجات ،وذكر أن النسبة تسعة إلى واحد، وأحسبه قياسا بسياق حديثه يعني نسبة الإناث إلى الذكور، ولا أدري ما هو مصدر أو مدى موثوقية هذه المعلومة الإحصائية أو إن كانت هذه المعلومة الإحصائية تنطبق على ولاية القضارف(حقل التجارب الذي لا يكل ولا يمل) أم تنطبق على كل السودان، وبناء على هذه الإحصائية قال السيد كرم الله إنه زوج لاثنتين ويعد ليضيف لهما الثالثة، أما الزوجة الرابعة، وهي أيضا في الطريق، فستكون من الجارة الشقيقة أثيوبيا، وهذه الزيجة الرابعة كما قال ستدعم العلاقات الأخوية بين الشعبين الجارين. متعه الله بالصحة والعافية ووسع له في رزقه. ولم ينس سيادته أن يذكر المشاهد بأن الله سبحانه وتعالى قد أحلّ الزواج باربع وأن تعدد الزوجات يعالج مشاكل اجتماعية أخرى كثيرة ، أما كيفية إعالة الزوجة، الواحدة فقط، والأسرة في ظل حالة البطالة والضائقة الاقتصادية التي يعيشها العزاب مثل كل المجتمع وكيفية معالجة مشاكل الناس الحياتية، فلربما يكون عند السيد كرم الله الحلول والخبر الأكيد في مقابلات تلفزيونية قادمة.
لكن إدارة شئون الولاية ومصائر العباد تحتاج لمنهجية وجدية أكثر لا وجود لهما حتى الآن في الممارسة أو في الخطاب. الكف عن نهب المال العام أمر طيب، وقرار كرم الله بتحويل صرح حكومة الولاية الباذخ لمرفق علاجي أمر طيب هو الآخر وموقف ونموذج أخلاقي جدير بالاحترام وينسجم مع واقع الحال رغم أن القرار تزامن وتناقض مع قدوم ذلك الجيش الجرار من شغلة الوظائف السيادية ومن ماثلهم والذين سيصبحون بلا شك عبئا ثقيلا على إنسان الولاية، وفي جميع الظروف يظل إنسان الولاية حالة من الضنك المعيشي والمعاناة وينتظر أفعالا ،لا أقوالا، تمشي على الأرض.
(عبدالله علقم)
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..