الأستاذة بدرية سليمان .. موالاة العسكر أم عسكرة التشريع ؟

محمد علي طه الملك

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة8].
أعلم أنها ليست وحدها في الحقل القانوني ممن والوا ويوالون الأنظمة العسكرية مُكترية الشمولية ، غير أنها الأوجع والأبعد أثرا على الحقوق العامة ، لكونها تسهم كمهنية برصيد خبرتها ، فهي لا تملك ما تزجيه سوى بضاعتها القانونيه ، أما غيرها من القانونين فقد استدبروا مهنيتهم واعتلوا مركب السياسة وتلك مركبة يحاسب عليها الشعب لا القّيم الأخلاقية للمهنة .

لعل المتابع لسيرة ومسيرة أمينة الشؤون العدلية بالحزب الحاكم ورئيسة لجنة التعديلات الدستورية يبصر بلا غشاوة ارتباط حبلها السري بالأنظمة الشمولية التي يقيمها العسكريون ، ورغبة لا تحدها حدود لعسكرة التشريعات ، كأن جينتها المهنية تتنتسب لمصنع الرجال لا لمؤسسة القيمّ الإنسانية والمثل العليا ، استمرأت تسويق عقلها الوظيفي عند دواوين النظم الشمولية ، لتضفي على القرارات المزدرية بالحرية العامة مسحة شرعية ، لا يستهويها إلا أن ترى الناس يرسفون تحت أغلال تشريعاتها المهينة لقيم التكريم الإلهي لبني الإنسان ـ وكأنها لم تسمع يوما بمقولة الفاروق ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) .

ذهنية مهنية تسترعي بتاريخها الانتباه والحيرة ، لكون دراسة القانون توطّن في وجدان الدارسين قيّم العدل ومبادئ الإنصاف ، فمن عَقلّها ثم عافها في دنيا التطبيق والممارسة ، حق عليه أحد أمرين ، مغرض بدافع الخوف يستهويه غلو ا الاقتصاص ، أو متجاهل حق عليه المثل الشهير بأحماله وأثقاله.
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) النساء .

هذه الآية نقشت ترجمتها على جدار مدخل أشهر جامعات الحقوق ، جامعة هارفارد الأمريكية ، بينما كنا الأولى بنقشها في ضمائرنا المهنية ورؤس أقلامنا حين نشرّع أو نقضي .

ظهرت أول ما ظهرت أواخر الحكم المايوي البائد ، مستشارة للرئيس جعفر نميري ، وعندما وقع تمنٌع القضاة الشهير ، وترنح النظام وتوجس قادته خيفة من انهيار دستوري للدولة ، استجابوا صاغرين لمطالب القضاة ، وفي دواخلهم يستبطنون الغدر بمبادئ استقلال القضاء ، يتحينون الفرص للانقضاض على مؤسساتها وتحريف مهنيتها التي استقرت فقها وقضاءا بين الناس ، فتصدت للمهمة كما هي الآن دفع بها النظام المايوي بعد تعزيز لجنتها التشريعية بشابين صوفيين ينتميان لطريقة صوفية ذات جذر عائلي واحد ، أسفر نشاطهم التشريعي عن تشريعات قوانين سبتمبر ، فظفر النظام بما يشفي غليله من أولئك القضاة بشقيهم الجالس والواقف ، بما عرف آنذاك بمحاكم العدالة الناجزة ، كانت في حقيتها ناحرة لشيم العدل على أبواب السلطان ، استجلب لها الأعضاء ـ ولا أقول القضاة ـ من طلاب السلطة وهوّات الإعلام المرئي ، جُمعوا من إدارات شتّى تنفيذية وغير تنفيذية ، بينهم مالا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من المهنين القضاة ، لا أدري ربما دفعهم الإشفاق على أرزاقهم متناسين أن أبوابه بيد الأعدل ، فخسروا ولوثوا تاريخهم المهني بما يشين ، ساموا الناس العذاب ، قطعوا الرقاب والأرجل والأيدي ، وملؤوا السجون ، بعد أن حرموا ضحاياهم حق الدفاع عن النفس عن طريق الاستعانة بالعارفين من القضاء الواقف ، وكأنهم لم يقرؤا يوما أن الوكالة عمل شرعي مباح ، وأن ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ) أو يسمعوا بحديث رسول الله صلى الله وعليه وسلم ( إن لله عبادا إختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم إلى الخير وحبب الخير إليهم أولئك الآمنون من النار يوم القيامة ) ولإن قال بضعفه البعض فجوهر الحديث يحث على عمل الخير .

كل ذلك الإهدار والعبث المتعمد باسم الله ( تعالى الله عن ذلك ) ، كان الدافع إليه التشريع الذي وضعته الأستاذة بصحبة زميليها بين يدي حاكم عرف عنه ما يغنيني عن ذكره وقد أسلم الروح لبارئها .

يقولون العاقل من يتعظ بغيرة ، والعاقل من يتعلم من أخطائه ، غير أن من تأسر إرادته الحرة نظم القهر والاستبداد فلا سبيل للانخلاع عنها ، أو كما قيل يموت الزمار وأصابعه تلعب ، لم يدُر بخلدي مطلقا أن تعود السيدة بدرية لدائرة العمل العام في ظل حكم شمولي لتعيد تجريب المجرب ، بعدما رأت بعينيها ذلك الغضب الشعبي الذي ملأ الطرقات لاعنا نظام الحكم الذي أرضعته خبرتها وشدت أزره بذلك التشريع ساهية عما رؤي في الأثر ( إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة ) .

كان المأمول أن تستثمر خصلة العفو التي جبل عليها هذا الشعب الكريم ، فتنزوى مثل رفيقيها في ركن ركين تمارس مهنتها حرة ، غير أن مشيئة الله أرادت كما وعدت أن تمد لها مداً ، كأن ما اغترفته في حق أبناء وطنها يجب أن يظل يقظا لا تغشاه سنن النسيان ، فعادت على مركب الانقاذ تطل من ذات النافذة التي أطلت منها علينا من قبل .

هذه التعديلات الدستورية التي رمتنا بها ليست هينة يمكن السكوت عليها أو تجاوزها عفو الخاطر ، فهي من الجسامة والخطورة بمكان ، لكونها تعدت الشكلية وغاصت في جوهر طبيعة الدولة السودانية ، ماحية إرث عقود من التطور الدستوري ، صبر عليه الشعب صبرا تجاوز مداه نصف قرن من الزمان دون أن يخبو أمله ، لتفطره السيدة المبجلة بعد كل ذلك حشفا !! .

صاغت التعديلات الأخيرة برأس قلمها المهني ، فأضافت على حمل ماضيها المهني وزر الافتئات على طبيعة الدولة بتحويلها لدولة مركزية مطلقة ، دولة الرجل الواحد التي تجاوزتها تجارب الحكم الدستوري في البلاد من عهد الحاكم العام في الحقب الاستعمارية .
ليس هذا وحده الخطر الماحق على جسامته ، بل زادتنا بلة فأحيت محاكم الطوارئ سيئة الذكر بمكياج جديد ، لتقضي على ماتبقى من حريات قليلة ، ذلك بالتعديل الذي أجرته على الاختصاصات الدستورية لجهاز الأمن ، ليصبح قوة عسكرية موازية للقوات المسلحة ، بل أشد منها زندا وأطول باعا بما يملك من سلطة الاعتقال والتعذيب والقتل دون رقابة أو مساءلة ، وعلى الرغم من هذا التعديل المخسر للحقوق العامة ، قد يبدو مظهر الحكم في الدولة طبيعيا للعيان ، غير أنه في الواقع حكم باعلان طوارئ مكتمل سُكت عن إذاعته دستوريا .

ما كان لي ولا جاز أن يكون خطابي هذا موجها لشخصها ، بل شخصيتها الاعتبارية العامة من واقع مهنتها الدستورية ومهنيتها القانونية ، فواجبي المهني يحتم على تعرية الباطل ، والكشف عن خدمتها المسيئة للحريات العامة وحقون الإنسان المكرم من خالقه ، وتقاعسها عن إسداء النصح والعمل بما يتسم بشيم العدل والإنصاف ، انحيازا لوجدانها المهني وانتصارا لأخلاقياته وقبل ذلك مخافة الله ، فمن دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يُعْصَى الله في أرضه .
لقد علمنا هذا الشعب الأبي المفضال ، لنكون عونا له وصونا لحقوقة لا عليه .
آخر قولي أن الحمد لله رب العالمين .
محمد علي طه الملك
قاض سابق / خبير قانوني.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بدرية سليمان الديناصورة من ايام الاتحاد الاشتراكي ثم قوانين سبتمر ثم التعديلات الدستورية للبشير الرقاصة
    هؤلاء يجب ان يعلقوا في المشانق بميدان ابو جنزير لتأكل جثثهم الطيور حتى يكونو عبرة لكل متسلق وطفيلي وكل طامح للسلطة ولايخدم الشعب ولايخاف الله فيه

  2. بدرية الترزية انا اطلب من ست الظار بدرية تعمل لينا حفلة ظار بدستورها هي والريس الرقاص و هاك يا واحد دستور لاسيادها للبخور في البرلمان وواحد لحنة القصر وواحد لدخان القعدة وهاك يادساتير لاولاد ماما دستور يااسيادي دستور ومعاه واحد ديك احمر وواحد اسود وهاك يا رقيص

  3. بدرية ليست القانونية البارعة التي لها القدرة في وضع القوانين والدساتير ، ما هي إلا كوزة تنفذ سياسات تنظيمها ورئيسها فقط

  4. كيفما يريد المؤتمر الوطني يطرز له له الدستور ويرقع
    ان اراد دستور جناح ام جكو او على الله او جلابية ختمية او قميص تحرمني منك وحتي ثوب فرعون العاري وحتى الشارلستون وكاشف الرقم
    على استعداد لتفصيل متلف الدساتير وبالوان زاهية وجميلة
    خبراء في المجال
    متى ما دعت الحاجة الى دستور نحن جاهزون
    توسيع تضييق ترقيع وكله بالقانون وبدون القانون

  5. يامولانا
    بدريه سليمان الترزيه وساميه محمد أحمد الشهيره بساميه شلوفه وعفاف تاور الشهيره بآدم المكوجي مرضى
    يعانين من مشاكل صحيه ونفسيه عده أهمها مشاكل سن اليأس وقد لخص الأطباء مشاكل سن
    اليأس التي يعانين منها لتنعكس علينا دون ذنب منا في التالي :

    1- الشعور بنوبات حرارة في الوجه والراس و التعرق الكثير و تحدث في 70-80% من النساء في هذا السن وتختلف شدة هذه الاعراض من سيدة الى اخرى فقد تستمر عندهن هذه الاعراض لمدة 10 سنوات أو اكثر تخيل .!!!!

    2- عدم القدرة على النوم و الكابة و القلق و تغير في المزاج والهلوسه والضلالات .

    3- الم عند الجماع كلما حاولن أن يثبتن انو لسه فيهن رجا و ذلك لان نقص هرمون الاستروجين يؤدي الى قلة افرازات المهبل وبالتالي جفافه و ضمور جدار المهبل و بالتالي الاحساس بالم عند الجماع.

    4- عدم السيطرة على البول و خاصة عند السعال بسبب ضمور جدارالمثانة و الاحليل و كثرة الاصابة بالتهابات مجرى البول مايجعلهن مضطرات دوما للبس البانبرز الخاص لهذه الحالات فيعوق حركتهن ويسبب لهن الضيقوالضجر.

    5- المعاناة من هشاشة العظام وامراض القلب فيكونن غير قدرات علي الحركه وصعود السلالم بسلاسه بسبب
    آلام المفاصل وتسارع ضربات القلب والنهجان .

    وبحسبه بسيطه فكل نسوان الانقاذ التحقوا بها وهن في سن الثلاثين مثلا وظلوا معها الي الآن يعني 30 + 26 = 56 سنه يعني كلهن يعانين من مشاكل سن اليأس حتى ولو كابرن ولمعن وشوشن وبالغن في التألق ونستثني من ذلك وداد حرم الرئيس لصغر سنها غير انها تعاني هي الأخرى من مشاكل أخرى تتعلق بالضمير والأخلاق والأمانه فضلا عن معاناتها من كهولة زوجها اب ركبا صينيه وبروستاتا متورمه منتهيه الصلاحيه تجعله عاجزا عن التحصين
    وفي ان يكون أسد في بيته ومن سخروا منه بخبث في فريق عمله واطلقوا عليه لقب أسد افريقيا يعلمون ذلك جيدا.

    عرفت يامولانا بدريه الترزيه واخواتا ليه كارهين الشعب وحاقدين عليهو ؟

    أنصح كل نسوان الأنقاذ خصوصا بدريه الترزيه أن يقعدن في الواطه ويقرن في بيوتهن رحمة بهذا الشعب الخلااااااااس طلع ميتينو اذ يكفيه هبل وجهل وحمورية وهوس البهايم البحكموهو.!! ويمكنكن تجاوز سن اليأس بامور بسيطه جدا شرطا تقرن في بيوتكن
    وتتلخص هذه الأمور في :

    الأستغفار الأستغفار الأستفغار لما ارتكبتنه في حق الشعب .
    الأعتذار لكل فئات الشعب واعلان التوبه علي رؤوس الأشهاد عله يقبل .

    تغيير نظامكن الغذائي من الحرام والسحت الي الطيب الحلال الزلال بحيث يحتوى النظام الجديد علي كميه أعلي من ماده ال phytoestrogen وفول الصويا مصدرا غنيا جدابهذه الماده والتي في تركيبها تشبه هرمون الأستروجين الموجود لديكن وبذلك تسهم في الحد من مشاكل ماتعانون منه من سن اليأس
    وهو ماسينعكس علينا وستكون تصريحاتكن وهبلكن أخف وطأه علينا.

    ممارسة البسيط من الرياضه لسلامة عظامكن المنتهيه ولسلامة قلوبكن العليله وبرضو ده هاينعكس علينا مايجعلنا قادرين علي تحمل هيافتكن وجهلكن.

    كما ان هناك هرمونات بديله كثيره وعلاجات عده يمكنها مساعدتكن في تجاوز سن اليأس .

    نسأل الله ان يلهم شعبنا العظيم في كل ربوع السودان الصبر الجميل علي تحمل هذه الطغمه المريضه التي تعاني من مشاكل صحيه ونفسيه فضلا عن الهوس الديني والتعصب وياشعبنا العظيم الليل الطويل لابد يعقبوا نهار فالصبر الصبر الصبر ووالله قد لاح هذا النهار.!!!!!

  6. سكاكين بدرية الحربوية يجب ان تتذوق شفرات سكاكينها ف اول حكومة قادمة كما ذوقتة للضحايا ولنضع حدا لها ولغيرها من طفيليات حكم العسكر امثال شمو واسماعيل الحاج موسي وغيرهم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..