دارفور الأخرى؟ا

دارفور الأخرى؟ا

د. عبدالوهاب الأفندي
[email][email protected][/email]

(1)

أجرى برنامج “اليوم” (توداي) في راديو 4 في إذاعة البي بي سي صباح الأربعاء الماضي مقابلة مع موكيش كابيلا، ممثل الأمم المتحدة الأسبق في السودان، وصف فيها النزاع الجاري حالياً في ولاية جنوب كردفان بأنه تكرار لما حدث في دارفور، وتعهد بأن يقود حملة لكشف ممارسات الحكومة السودانية، والتي قال إنها تكرر استهداف المدنيين على أساس عرقي-ديني.

(2)

المعروف أن كابيلا كان هو الذي فجر العاصفة الإعلامية حول دارفور حين أجرى مقابلة مماثلة مع نفس البرنامج في الرابع عشر من مارس عام 2004، بعد حوالي عام من تولي منصبه رئيساً لمكتب الأمم المتحدة في السودان، حيث وصل إلى الخرطوم مع بداية أزمة دارفور. وبحسب رواية كابيلا، فإنه قد جاء بتوقعات متفائلة بقرب حلول السلام في الجنوب عقب توقيع بروتوكول مشاكوس في صيف عام 2002، ولكنه صدم ، بتطور الأحداث في دارفور، والتجاوزات الكثيرة التي بدأت تقع هناك.

(3)

يقول كابيلا إنه ناشد رؤساءه في الأمم المتحدة، اتخاذ اجراءات عاجلة لمعالجة الأمر، وقام كذلك بابلاغ حكومته في بريطانيا والمسؤولين الامريكيين، إلأ أن أياً من هؤلاء لم يحرك ساكناً، لأن الجميع كان يخشى أن تأثير ذلك على جهود السلام في الجنوب. وعندما يئس من تحرك القوى الكبرى، عمد إلى التحرك الإعلامي.

(4)

كان كابيلا، بسبب خلفيته كدبلوماسي بريطاني يعلم أن برنامج “اليوم” في راديو 4 هو أهم البرامج الأخبارية على الإطلاق، حيث يتابعه يومياً الملايين، ويحرص كبار المسؤولين على متابعته. ويقول قادة البحرية البريطانية إن الغواصات البريطانية المكلفة بمهمة الردع النووي في حالة تعرض بريطانيا لهجوم، تعتبر بث البرنامج أحد الضمانات بأن الأوضاع على ما يرام. وعليه حزم كابيلا أمره ورتب مقابلة مع البرنامج تحدث فيها لحوالي عشر دقائق، حيث أعلن أن دارفور تواجه “أسوأ كارثة إنسانية في العالم”، وألقى اللوم على الحكومة السودانية في الأزمة.

(5)

فجرت المقابلة عاصفة إعلامية لم يسبق لها مثيل، حيث سارعت كل وكالات الأنباء بالاتصال وبثت تقارير حول الأزمة، والتقطت كبرى وسائل الإعلام الخيط وبدأت تغطية مكثفة، خاصة حين أضاف كابيلا في مقابلة أجراها في نيروبي بعد أيام إن أوضاع دارفور تشبه أحدث رواندا، وأن الفرق بين المجازر في البلدين هي في الأعداد فقط. وقد تصادف أن كانت الأمم المتحدة تحيي في تلك الأيام الذكرى العاشرة لمجازر رواندا، وكان الأمين العام كوفي أنان، والمتهم بالتقصير في أحداث رواندا حين كان يتولى وقتها قيادة عمليات حفظ السلام في المنظمة، قد قرر بهذه المناسبة إنشاء آلية لمنع تكرار مجازر رواندا. وكان لهذه المصادفة أثرها في إذكاء الاهتمام الدولي ودفع السياسيين للتحرك والظهور بأنهم يقومون بعمل ما لتجنب الكارثة.

(6)

كانت النتيجة الأولى لتحرك كابيلا أنه فقد منصبه، حيث تم إبعاده من رئاسة مكتب الأمم المتحدة في السودان. ولكن العاصفة التي أثارها كانت بداية حملة فريدة في تاريخ التعامل مع الصراعات في افريقيا، تجاوزت الإعلام إلى نشأة حركات مدنية أصبحت من أقوى اللوبيات في أمريكا. وقد ساعد ذلك في تحريك الدول الكبرى والأمم المتحدة والاتحاد الافريقي ومنظمات أخرى لمعالجة الأزمة، وأصدر مجلس الأمن حزمة من القرارات حولها، أنشئت بموجبها أكبر بعثة حفظ سلام في العالم وواحدة من أكبرها تكلفة.

(7)

ليست هناك بالطبع ضمانة لأن تحقق حملة جنوب كردفان نفس النتائج، فالظروف مختلفة والوقائع كذلك. ولكن ما يذكر هو أن سرعة تقبل الإعلام للتقارير حول دارفور يعود جزئياً إلى أن الرأي العام الغربي قد هيء لسنوات طويلة لتقبل مثل هذه الدعاوى على خلفية الحديث المكثف عن فظائع وانتهاكات في حرب الجنوب. بل إن بعض أبرز الناشطين في حملات دارفور، مثل الاستاذ الجامعي اريك ريفز، كانوا قد اكتسبوا خبراتهم حول السودان أثناء قيادة حملات حول حرب الجنوب. وبنفس المنطق فإن تغطية أزمة دارفور قد هيأت الجو لتقبل الدعاوى الجديدة، خاصة وأن الوالي أحمد هارون كان من أول المطلوبين للمحكمة الجنائية في دارفور (يستعصي على الفهم قرار الحكومة بتعيينه على هذه الخلفية!).

(8)

يبدو أن الحملة قد انطلقت فعلاً، حيث أن نفس المحطة بثت أمس تقريراً لمراسلها من معسكرات النزوح في جنوب السودان. ولا شك أن هذه الحملة كان مخططاً، لأنه لا يعقل أن يصل المراسل إلى موقع الحدث خلال أقل من أربع وعشرين ساعة. ولكن الملفت أن تقرير المراسل أكد دعاوى الحكومة حول ضلوع حكومة الجنوب في دعم التمرد، حيث أنه أورد أن معسكرات النازحين كانت تعج بالجنود العائدين من ميادين المعارك في الشمال عبر الحدود أو الذاهبين إليها.

(10)

في تعاملها مع قضية دارفور، ركزت الحكومة على التغطية الإعلامية والتحركات الدولية أكثر من تركيزها على الديناميات الداخلية للأزمة، بل ذهب بعض المسؤولين إلى اتهام الإعلام بأنه هو الذي افتعل الأزمة، بينما رأت الحكومة تحركات القوى الدولية والمنظمات الطوعية جزءاً من “المؤامرة” إياها.

(11)

القضية الحقيقية في جنوب كردفان، كما كانت في دارفور، هي الإنسان ومعاناته. القادة في الجانبين يمارسون لعبة السياسة عبر دماء ومعاناة أضعف افراد المجتمع، بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان. وإننا ندعو كل هؤلاء أن يتقوا الله في المواطنين الأبرياء، وأن يعلن كل طرف من جانب واحد وقف العمليات العسكرية والعودة إلى الحوار. فقد مررنا للأسف بكل هذه المراحل، حيث فقد مئات الآلاف حياتهم، ودمرت حياة الملايين، ثم عاد الجميع إلى الحوار والتنازع حول المغانم، دون أن يدفع أي منهم الثمن، بل تقاضوا ثمن الدماء التي سفكوها مناصب ومنافع لا يستحقها أي منهم.

تعليق واحد

  1. دارفور الاخرى على وزن (مريم الاخرى ) شتان ما بين حنجرة الاستاذ الكبير مصطفى وقلمك ايها الافندى لاني اراك كانك تشكك فى روايه الرجل والسؤال هل تعاطفه مع اهل دارفور من اجل سواد عيونهم .. اباده اهل دارفور لا يشكك بها الا السفهاء . عذراء كتاب السودان عند وقوع ازمه دارفور جف مداد قلمكم وهذه وصمه عار فى جبين كل غيور على الوطن ارحلوا عنا واتركونا لحالنا اطفال وشيوخ معسكرات النزوح لهم رب يحميهم وهم ليسوا بحاجه الى اقلام خجوله..

  2. “ثم عاد الجميع إلى الحوار والتنازع حول المغانم، دون أن يدفع أي منهم الثمن، بل تقاضوا ثمن الدماء التي سفكوها مناصب ومنافع لا يستحقها أي منهم‏”‏..لله درك يا د. عبدالوهاب بالفعل البسطاء هم من يدفعون الثمن و القادة هم الذين يقبضون الثمن و ربما لنا في فطايس حرب الجنوب (على حد تعبير أحد قادة الحركة الاسلامية وقتها‏)‏ آية لمدى جحود القائده ونكران الجميل وتغيير المواقف لمجرد شعورهم بأن زلزال بدء يهتز من تحت قدميه وقد يلفظهم خارج المعادلة السياسية في اي لحظة ويفقد سطوته و بريقه متناسيآ انه هو ومن معه من دغدغو مشاعر الكثيرين وبشروهم بالشهادة و الفوز العظيم !!

  3. بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان
    بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان
    بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان
    بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان
    بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان
    بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان
    بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان
    كثيرة خارج السودان

    الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــخ

  4. بالرغم من أني أختلف مع توجه الحركة الاسلامية وتوجهات أعضائها وبالرغم من أني أختلف مع د. الأفندي وألومه ومن على شاكلته على وقوفه وتثبيت أقدام الانقاذ وعرابها الفتاك في عشر سنينها الأولى إلا أني أوافقه على ما جاء في كثير من أطروحاته في هذه الأيام الأخيرة من عمر الانقاذ. بالرغم من أنا لا نرى في طرح الدكتور إلا “قفزاً من المركب الغارق” إلا أنا لا نرفض أن نتعاون سوياً في هذه المرحلة إن تقاطعت أهدافنا إلى حين عودة الديمقراطية وحينها نلجأ ونحتكم للشعب إما أقصيناه وإما رأى الشعب فيه شخصاً مرغوباً فيه.
    أعجبتني الفقرة الأخيرة في مقاله أعلاه “القضية الحقيقية في جنوب كردفان، كما كانت في دارفور، هي الإنسان ومعاناته. القادة في الجانبين يمارسون لعبة السياسة عبر دماء ومعاناة أضعف افراد المجتمع، بينما أسر الزعماء الذين يظهرون على الشاشات داعين للجهاد أو الثورة الشعبية في مكان آمن، وفي أحيان كثيرة خارج السودان. وإننا ندعو كل هؤلاء أن يتقوا الله في المواطنين الأبرياء، وأن يعلن كل طرف من جانب واحد وقف العمليات العسكرية والعودة إلى الحوار. فقد مررنا للأسف بكل هذه المراحل، حيث فقد مئات الآلاف حياتهم، ودمرت حياة الملايين، ثم عاد الجميع إلى الحوار والتنازع حول المغانم، دون أن يدفع أي منهم الثمن، بل تقاضوا ثمن الدماء التي سفكوها مناصب ومنافع لا يستحقها أي منهم” إنتهى.
    إننا جميعاً ندعو الفئات المتحاربة من قادة الحكومة ومن من عارضهم أن يتقوا الله في المواطنين الأبرياء ولكن إن لم يفعلوا فما نحن فاعلون د. الأفندي؟
    {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً }الفرقان27
    {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ }السجدة29

  5. صحيح ما ذهب إليه دكتور الافندي ..هي دار فور أخرى بكل تفاصيلها المأساوية والتي ضحيتها في كل الحالين إنسان المنطقة المغلوب على أمره وشباب تسوقه حكومته إلى المحرقة لينعم كبارها في قصورهم .
    ولكن الافندي يحاول في خاتمة تحليله الجيد وبذكاء شديد ن يداري سوءة أشياعه الانقاذيين حينما يقول “وإننا ندعو كل هؤلاء أن يتقوا الله في المواطنين الأبرياء، وأن يعلن كل طرف من جانب واحد وقف العمليات العسكرية والعودة إلى الحوار.”
    والأفندي يعلم جيداً من الذي أصر على الحرب بعد أن اتفق الطرفان في أديس أبابا وعبر الوساطة الافريقية على، على وقف الحرب والاتفاق على حل مشكلة نزع قوات الحركة الشعبية/شمال عبر الطرق السلمية ، إلى أن جاء البشير عائدة من الصين ليلغي كل ذلك ويصر على الحرب والقتال دون مراعاة لأوزار تلك الحرب ولا احترام لزعماء الدول التي رعت ذلك الاتفاق وشهدت على توقيعه، ولا احتراماً لمسؤوله الحزبي وساعده الايمن الدكتور نافع.
    كان حري بالدكتور أن يقولها صراحة وبشجاعة أن البشير هو من يتحمل مسؤولية استمرار هذه الحرب ويجب أن يحاسب عليها، وأن يدعوه لأن يتقي الله في المواطنين الأبرياء، ولكن قل لي يا دكتور هل من يجلب ويسلح الجنجويد لقتل وحرق مواطنيه، يتقي الله!!؟ وهل من يدعو جنوده للقتل والقتل ولا يريد اسيراً.. يعرف حرمة النفس والدم ومخافة الله!!؟ هؤلاء هم جماعتكم الاسلاميون يا دكتور . وقد قلت عنهم في ممارساتهم الامنية الكثير.. ثم تأتي الآن لتقول أن يتقوا الله… هم اصلا يعرفون الله!؟ رغم أن أهل الكجور من النوبة يحترمون كجورهم!؟

  6. اقتباس ]يبدو أن الحملة قد انطلقت فعلاً، حيث أن نفس المحطة بثت أمس تقريراً لمراسلها من معسكرات النزوح في جنوب السودان. ولا شك أن هذه الحملة كان مخططاً،
    يااااا الافندي اسلوبك الكيزاني المبني علي الكذب والافتراء ما زال مكشوفا ودائما تسارعون الي اتهام التدخل الخارجي ومهاجمتكم من قبل الامبريالية العالمية 000 وتختم مقالك ان همك الاوحد رجل دارفور!!!!! وتدعو هولاء ان يتقو الله في ناس دارفور !! وتساوي المدافع عن عرضه وبلده بالمعتدي ؟؟؟؟ انك صرت مكشوفا بوجهك الكيزاني ولن تستطيع خداع احد بعد الان ولكن المحيرني انو معقول انك لا تعلم انك قد صرت ورقة محروقة في يد التنظيم او الذي لا يعلم هو الترابي ؟؟؟ نحن قادمون وبقوة لاقتلاع النبت الشيطاني من جزوره فهل خبرت تنظيمك فتكون قد بلغت00!!!

  7. لا توجد بدافور إبادة ولا يحزنون بل يوجد مخطط لإقامة الشرق الأوسط الكبير. يعني الشغلة حايشكوها ويشوكشوها من جديد (ريشفيل) الله يشك رؤسهم بشواكيش حديد حسب نيتهم المهببة التي يصدقها مثل مسمار الزنكي، لكن كان ادوه طقة واحد بشاكوشهم بعرف تمام انه كان مسمار زنكي ساكت.

  8. يا الافندى انت يا تكون حمار

    يا كضاب

    من الذى اختار الحرب ومن الذى رفض اتفاق السلام لعنة الله عليك

    انتبهوا لهذا الافندى وشيخه الثعلب

  9. لله درك يا أفندى فرغم انتقادك للانقاذ الا ان ذلك لا يجرمنك ان تقول الحقيقة فى ان مراسل البى بى سي شاهد جنود مدججون بالسلاح فى معسكرات اللجوء بالجنوب بعضهم عائد من الحرب وبعضهم ذاهب اذا فقد ثبت بالدليل القاطع ان الجنوب يدعم تمرد النوبة وطبعا المنطق السليم ان توزع الحكومة قطع شوكلاته على هؤلاء المسلحين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..