عوضية.. بعد البكاء

زمان مثل هذا

عوضية.. بعد البكاء

الصادق الشريف

? الشرطي هو أوّل من يقابله المواطن من مظاهر السلطة.. لهذا ينالُ ما يعلق بالقلوب اتجاهها. ? وموقف المواطنين من الشرطة ليس محايداً.. فالعلاقة بين الحكومة وشعبها تنسحب بالضرورة على العلاقة بين المواطنين والشرطة. ? هكذا تبدت هذه العلاقة في قضية مقتل المواطنة عوضية عجبنا.. والتي كانت ضحية لِ(التعسف في استخدام الحق).. وهي قاعدة تمنح الحق في استخدام القوة (بشروط) ليس من بينها التعسف. ? وقاتل عوضية رجل شرطة مدرّب على استخدام السلاح.. وإذا أراد أن يُعطِّل عوضية حتى لا (تقتله) كان بإمكانه ذلك.. بافتراض التدريب القتالي الذي تلقاه.. كأن يضربها في قدمها أو أيِّ منطقة أخرى تؤدي للتعطيل وليس القتل (هذا بافتراض أنّ عوضية تمثل خطراً داهماً على حياة ضابط الشرطة). ? لكنّها امرأة.. عزلاء من السلاح.. وغير مدربة على استخدامه حتى لو نزعته منه.. وهي بالمقاييس السودانية.. (امرأة.. مقابل رجل). ? كما أنّ الضابط ليس وحده في مسرح (الجريمة).. بل معه قوة شرطية.. مدججة بالسلاح.. مما يعني أنّ حياته ليست معرضة للخطر (الداهم) الذي يعطيه الحق في الدفاع عن بقائه على قيد الحياة. ? بجانب أنّ الضابط قد نفّذ أمر التكليف الأساسي الذي جاء من أجله وهو (القبض على شقيقها).. مما يعني أنّ الإنسحاب كان خياره الأفضل. ? ولو أنّه أراد أن يقبض عليها تحت دعوى (معارضة موظف أثناء أداء واجبه/ معارضة).. كان من الممكن العودة لتنفيذ الأمر مرةً اخرى.. إتقاءاً لتأزم الموقف بين المواطنين المتعاطفين مع جيرانهم من جانب والشرطة من جانب آخر.. فعنوان المنزل أصبح معروفاً لدى أفراد القوة. ? تفاصيل مقتل المواطنة عوضية كلها لا تقف إلى جانب ضابط الشرطة.. فهو مُدان عرفياً وأخلاقياً.. ونترك الجزم بإدانته قانونياً.. ما دام الأمر سيصير إلى الهيئة القضائية. ? إدانتنا للحادث أمر طبيعي.. لأنّه لا ينسجم مع روح التسامح التي عُرِف بها المجتمع السوداني.. كما انّ القضية موضوع الحادث (اتهام بشرب/ بيع الخمر) وهي قضية ليست معقدة.. يُدان ويُحاكم فيها العشرات في اليوم الواحد.. ولم تكن تستدعي مصادرة الروح. ? ولكن في الجانب الآخر.. حيثُ بعض أحزاب المعارضة.. فإنّ الاستخفاف بالروح الآدمية هو من قبيل الانتهازية السياسية.. كأن تقول المعارضة : إنّ الحكومة (أهدت) للعالم نموذجاً حياً على القمع في يوم المرأة العالمي. ? هذا قولٌ فجٌ.. لا يليق بمعارضة تحترم نفسها أن تعتبر نفساً من النفوس التي أكرمها الله.. مجرد (هدية)!!!.. هدية جاءتها من السماء لتثبت لها أنّها على حق.. وأنّ الحكومة على باطل. ? متى كانت أرواح البشر هدايا.. وقرابين تُقدّم في ميادين السياسة بكلِّ هذه الأريحية دون إرادتهم؟؟.. ودون وجود لسبب جوهري لتقديم القربان؟؟. ? فلترتقِ المعارضة من هذا الإسفاف.. ولو كان لا بُدّ من استغلال.. فليستغلوا قضايا الأحياء من هذا الشعب الصابر.. فقضاياهم (على قفا من يشيل).. وليتركوا الأموات للحيِّ الذي لا يموت.

التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..