مجمع الفقه.. والتفحيط

مجمع الفقه.. والتفحيط
الصادق الشريف
? مرة أخرى.. يوقف مجمع الفقه الإسلامي مسابقة تبادر بها أحد الشركات (الشركات الخاصة بالطبع).. فالشركات الحكومية (ما تبقى منها) لا وقت لديها لتقديم طلب استفتاء للمجمع.. بينما تحرص معظم الشركات الخاصة على استفتاء المجمع حول بعض أنشطتها. ? تقوم المسابقة على فكرة (سباق سيارات) تنظمه شركة البافارية (وهي شركة مصرية الجنسية والوكيل الحصري لسيارات «بي أم دبليو» بالسودان ومصر) على أن يقوم المتسابق بدفع رسوم اشتراك ألف جنيه (مليون جنيه بالقديم).. تمّ تخفيضها بعد ذلك إلى خمسمائة جنيه. ? الفائز سيحصل على جائزة قيمة وثمينة.. وهي سيارة بي إم دبليو (BMW).. وهي أغلى سيارة بالسودان.. ومن السيارات الأعلى سعراً على مستوى العالم. ? ومن هُنا نبع التحريم.. من قيمة الاشتراك التي يدفعها المتسابق.. لأنّها تصبح أقرب للمقامرة (وليس المغامرة).. يدفع المتسابقون مالاً قليلاً ليفوز به أحدهم (بسيارة BMW) ويخسر الباقون وبالمصطلح الشرعي.. هي ميسر لا ريب.. شبيهةٌ ب(الكرتلة) وال(توتو كوره).. وعلى القدماء شرح ما بين الأقواس للجيل الجديد. ? المجمع كان قد أوقف أو كاد.. مسابقة شركة زين.. التي يحصل الفائز فيها على سيارة ميتسوبيشي (لانصر Lancer).. بذات السبب.. المقامرة.. بحسبان أنّ هنالك مشتركين قُدامى.. وآخرين سوف يشتركون من أجل المسابقة.. ويشترون شرائح زين بغرض الفوز بالسيارة.. ويصبح مال المشترك الجديد الذي سيدفعه جزءاً من تمويل الجائزة.. (ذات الفكرة: يدفعون مالاً قليلاً ليفوز به أحدهم – بسيارة Lancer – ويخسر الباقون. ? زين أكملت جائزتها ببعض الإضافات.. لا أدري ماهي.. ولكن أصحاب سباق السيارات لم يستطيعوا أن يخرجوا أنفسهم من براثن الميسر.. رغم أنّهم قالوا إنّ قيمة الاشتراك (لن) تموَّل بها الجائزة.. بل سيستخدمونها في التجهيز والإعداد للسباق.. وقالوا إنّ القيمة ستذهب للعمل الخيري (لأطفال السرطان).. ولن تدخل في شراء الجائزة.. ولكن كل ذلك لم يخرجهم من دائرة التحريم. ? ما سيخرجهم هو أن يلغوا الاشتراك تماماً.. ليصبح الأمر بعيداً عن المقامرة.. تماماً كما فعلت جهات أخرى. ? السباق كان أمراً مُهماً للشباب.. وقد كتبتُ من قبل عن ظاهرة (التفحيط) في صحيفة الأيام الغراء.. ظاهرة الشباب والصبية الذين يتجمعون بالمساء بسياراتهم (أو سيارات آبائهم) أمام المطاعم الخرطومية.. ويستعرضون عضلات تلك السيارات أمام الفتيات.. واقترحتُ وقتها أن تحتوي إدارة المرور تلك الظاهرة.. ولكن علمتُ – فيما بعد – أنّ الصبية (المفحطين) هم أبناء مسؤولين كبار في الحكومة.. لا يسهل توقيفهم وعقابهم. ? يااااه.. كيف لم أخمن ذلك؟؟.. وهل يستطيع صبي من ناس (قريعتي راحت) أن يفعل بسيارته ذلك الفعل الذي يحتاج لظهرٍ ذي حصانة ضد القوانين والإزعاج العام؟؟.. أو بدءاً هل يملك ناس (القريعة التي راحت) سيارة أصلاً؟؟. ? على كلِّ حال.. كان من شأن هذا السباق أن يستوعب هؤلاء الشباب.. يستهلك طاقاتهم.. ويوجهها للتدريب والفوز بالجوائز.. بدلاً عن إرهاب المارة وإزعاجهم. ? لكن.. التخطيط للسباق.. تمّ بلا تخطيط.. ولم يستفد من التجارب السابقة.. ومجمع الفقه على حق.. فهو لا يستطيع أن يضع حراماً في موضع الحلال.. وإلا صارت فتنةٌ في الأرض وفسادٌ كبير. ? ليت الشركة البافارية تعالج (ملاحيظ) مجمع الفقه.. لتكمل مشروع السباق.. فهو مهمٌ لكثير من الشباب المترفين الذين لا يجدون قضية يصارعون من أجلها.. فليتسابقوا إذن!!!.
التيار
هاك شاهدنا
http://www.youtube.com/watch?v=KDLr5QkD-ao&feature=related
قبل أن نعرف رأي المجمع في تحديد حل وحرمة هذه الجائزة، نتمنى أن نعرف كيف يسمح لشركة أجنبية (بافاريا) أن تكون وكيلا مستوردا لسيارات أو لبضاعة ما بالسودان؟ لا أدري إلى أن يصل بروتوكول سقف الحريات الأربع الموقع بين السودان ومصر، لكنني أعرف تماماً أن منح الوكالة أي وكالة سواء كانت حصرية أم غير حصرية يجب أن يتمتع بها مواطن البلد المعني فقط ولا يجوز لأي أجنبي الحصول على وكالة مهما كانت إمكانياته. هل يجوز لي مثلا أن أكون وكيلاً لمنتجات شركة (فوجستو) اليابانية بالقاهرة مثلا. وحتى لو كان هذا الوكيل وكيلا لشركة بي أم دبليو بالشرق الأوسط فهذا لا يمنع من وجود وكيل سوداني. التفحيط مسألة داخلية مقدور عليها أما النهب المنظم لاقتصاد السودان فهذا هو الأخطر.