الإعلامية والقاصة ناهد : الوطن يحتاج لصحوة إبداعية ترتب الأمزجة وتجدد سيرته

تتميز ببحثها الدائب وتجريبها وتحليقها في الفضاءات الرحيبة، وتسهم معرفتها النقدية في بناء نصوصها بمفردات ساطعة لتمتلك أسلوبها الخاص في إيجاز وتكثيف رائعين…تحتطب حطب الظهيرة لايقاد تلك النار التي يشعلها التائهون في الصحارى حتى تراها القوافل العابرة، الإعلامية والقاصة ناهد هكذا شغوفة بتعب مفاصل الأيام، وباحثة عن ترياق الصدق واسترسال الكشف والرؤيا.. أجرينا معها الحوار التالي في محاولات بحث عن عوالمها واستكشاف لغوصها العميق في اﻷشياء وسبر أغوارها في حثيث محاولاتها للاستجلاء وإماطة اللثام عن وجه فجر تبرق شموسه، اختلفت المحاور ما بين تجربتها الإعلامية والأدبية وغيرها من المحاور.
حوار: التغيير
من أين أقلعت أجنحة ناهد نحو ارتياد اﻷفق الابداعي ؟
ولدتُ ..وظلت مراحل العمر منذ بواكيرها تحرضني على التلصص على تلك الكتب المتراصة …واعتدتُ على تنسم عطر الكتب ..وأتعمد شم الصفحات والانبهار بعطرها المميز الذي قادني إلى استبطان سر العلاقة بين الكتاب والإنسان ..لقد كان لوالدي الكاتب الأديب الفلسفي الراحل بشير الطيب مكتبة ظلت تتراءى لي كبستان متعدد النباتات والأشجار..وكان ذلك البستان هو مكان لهوي ولعبي …وهو يحتل عقلي الباطن بما سيأتي …وأعتبر أن الأجنحة قد صُممت من خلال تلك المراحل العامرة بعطر الكتاب.
الجمع بين الإعلام وأنت صحفية ومذيعة وبين اﻷجناس اﻷدبية وأنت شاعرة وقاصة وروائية وكاتبة ..كيف تأتى لك ؟
القنوات الابداعية عموماً في عصرنا الحاصرة متصلة ببعضها البعض والفعل الإبداعي يقوم على الواقع الإنساني والاجتماعي؛ حيث تهاوت الفواصل والحواجز على كل الأصعدة الممثلة للنشاط الإنساني وصارت على سبيل المثال ..السياسة والاقتصاد واﻵداب والفنون والإعلام مرتبطة جوهرياً ببعضها البعض ولم تعد تجزئة مكونات الجوهر جائزة في معظم احوالها..أضف إلى ذلك إلى الطبع الإنساني بين اكتساب المعرفة والتجربة ..وإعادة صياغة مان عرفه وما خبره عبر منتوجه الإبداعي..وفي الإنسان متسع للتعددية في الابداع والانفلات من قبضة الاتجاه الواحد ..فمن التنوع والتباين ..تصنع الهارمونية الجاذبة ..في ابعاد فلسفة الحياة واشواقها مدنفة العطاء…
هل لنا أن نقرأ لافتات محطات مشوارك التلفزيوني..؟
نعم؛ وبالتأكيد سوف أقرأ تلك المحطات من محطة التحرك الأولى وبالطبع لا توجد آخر محطة فقلق الابداع لا تحده حدود ولا محطات أخيرة تلقي الحقائب على الأرصفة..كانت محطتي التلفزيونية الأولى هي قناة (الاي آر تي) مشاركة في عدة برامج … ومن ثم تعاونت مع قناة النيل الأزرق في برنامجين هما (عالم خاص) و(أحلام مسافرة)…وقد أكسبني هذا تجربة اعتز بها من خلال معرفتي بخبايا وأسرار العمل التلفزيوني والبرامجي …وأنا اﻵن في محطة قناة (أمدرمان) الفضائية أقدم برامج (أهلاً وسهلاً…(تأشيرة حوار)..(هذه ليلتي).
التجربة الاذاعية كيف كانت؟
قطعاً ليست مبنية للمجهول فقد.كانت حاضرة بمضارعها المستمر وكنت تواقة إلى التجربة الاذاعية حيث أتيتها مزودة بالتجربة التلفزيونية بفارق الصورة فقط..وبالفعل انضممت إلى الاذاعة الطبية عام 2013… وعملت على إعداد وتقديم برامج حوارية واجتماعية ومنوعات مثل كيف حاله، يلا البيت، الحمام الزاجل، الساعة تمام العيد، إيد في عيد، جدلة وحريرة، ولحياة أفضل، وعيد الأغنيات.وعدد من السهرات.
ماذا عن جمع وتوثيق سيرة الراحل الأديب بشير الطيب ومؤلفاته العديدة ومخطوطاته إلى أين وصل مشروعك؟
جمع تراث الوالد الأدبي والثقافي هو أحد همومي الكبرى، ويتطلب الكثير من الجمع والكثير من الدقة ومن منطلق هذه المسؤولية آثرت أن أخطو خطوات مشروعي بكل تؤدة وروية لا سيما أن مخطوطات الوالد التي لم تُنشر كثيرة وتحتاج بعد جمعها طباعياً إلى مراجعة دقيقة إلى جانب مؤلفاته المطبوعة ومقالاته في الصحف والمجلات؛ وكلي أمل في أن يوفقني الله لاستكمال الخطوات الأولى في الجمع والتدقيق ومن ثم أشرع في طباعتها في مجموعات كاملة.
من أية زاوية تقرأ ناهد دور الإعلام عموماً نحو المجتمع والوطن؟
اﻹعلام هو ابن مجتمعه ..المنبه والمكتشف وأقرأه متغلغلاً في مسام اليوميات العادية وقضايا الناس متسربلاً بأشواقهم ومتشحاً باﻷمنيات والأحلام الكبرى؛ فالوطن يحتاج من يكتب ومن يقرأ لتحرير جملته الفعلية ودلالات تنمية الوطن والإنسان ..والفعل الإعلامي قادر على تقديم المعلومة وتحليلها وبناء اسئلته على أنقاض الاجابات الخبيئة.
ماذا ينقص الساحة الابداعية والثقافية نحو خلق أفق ثقافي إبداعي جديد؟
الحركة الابداعية عموماً تحتاج الكثير في ظل شُح الملتقيات والمنتديات والورش الابداعية، لقد كانت أهم عوامل نجاح الحركة الابداعية في السبعينات الميلادية كانت هي تجمعات المبدعين حيث المنتديات والمهرجانات ..والالتفاتة الناضجة نحو الوطن فكرة والتحاما…والاستغراق في النهل المعرفي من مشارب الأدب العربي والعالمي..وكما ذكرت في البداية إن صعد مناشط الإنسان لم تعد خاضعة للفصل والتجزئة من العوامل الاجتماعية الكبرى فقد تأثرت الحركة الابداعية بتدهور اﻷحوال المحيطة؛ ونأمل في صحوة ابداعية تعيد ترتيب الأمزجة وتعيد وتجدد سيرة وطن غني بثقافاته وتراثه وابداعه.
ناهد بشير كأم ماذا تقول للأم في عيدها؟
عيد الأم لايجب أن يكون يوماً واحداً يتسكع على الوسائط والميديا ..عيد اﻷم هوكل كسر من الثانية تنبض فيه الحياة مُترعة بحنانها الدفاق وأشواقها المجنحة وصبرها وعظيم تضحياتها وايثارها وهي التي تضعف أمام دموع اﻷبناء وتقوى أمام دموعها من حيث تضحياتها وصمودها وهي في أشد حالات الحزن تعطي الفرحة ومن قطرات دموعها تصنع ابتسامتها المشرقة في وجه الابناء ..أهنىء كل أم أصيلة وكل أم بديلة.
التغيير