شعب الله المديون

أحداث ومؤشرات

د.أنور شمبال
[email][email protected][/email]

شعب الله المديون

سبحان الله الذي جعل أطول آية في القرآن الكريم هي آية الدين وهي الآية (282) من سورة البقرة وتضمن (129) كلمة، وأمر سبحانه وتعالى خلالها المؤمنون كتابة الدين كثيره وقليله، وبشهادة شاهد، وهي آية شاملة لكل الديون بمسمياتها المختلفة من قروض حسنة وغير حسنة، وبيوع بأقساط، والبيوع الآجلة، ودفتر الدكان وغيرها… (ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلا تَكْتُبُوهَا…).
سبحان الله إن مضامين هذه الآية الكريمة صارت قواعد أساسية في الاقتصاد الرأسمالي، الذي يصفه البعض باقتصاد الكفار، فيما المسلمون المؤمنون الذين خاطبتهم الآية، يتجاهلون تنفيذ مضامينها، وإن كانوا مؤمنين بها إيماناً قاطعاً، والدليل أن غالبية بلداننا الإسلامية مديونة من المؤسسات المالية العالمية، وبعض ديونها أصبحت غير مقدور على سدادها كما هو حالنا في السودان، الذي اقترب فيه الدين الخارجي المائة مليار دولار إذا ما أضفنا الديون التي لم يأت أجل سدادها وتلك التي يجري في سدادها، ويتم التشهير بها، فيما لم نجد العكس رغم أن البلدان الإسلامية هي مصدر الموارد الطبيعية الأساسية، ألم تكن هذه الموارد مالاً؟!
سبحان الله لقد أجريت استطلاعاً عشوائياً تلقائياً على مدى أسبوعين كاملين شمل فئات المجتمع المختلفة من مسئولين رفيعي المستوى، وموظفين، وعمال، وحرفيين، وأصحاب مهن صغيرة، فوجدت القاسم المشترك الأعظم بين كل هؤلاء أنهم جميعاً مديونين، بينها ديون على شاكلة أقساط سلع أو بيوت، وقروض من بنوك أو مؤسسات مالية، فيما كان الدين من صاحب الدكان هو الغالب وهو الدين لسد الحاجة، ولم يقابلني أحد من كل أولئك الذين طرحت لهم السؤال قال لي إنه غير مدين، و من تلك الحيثيات يمكن ان نسميه بكل ثقة (شعب الله المديون) لأن فوق على هذا سوف ينزل عليه الدين الأثقل وهو الدين الخارجي الهالك الذي اقترب إلى (40) مليار دولار، والذي تشير كل المؤشرات أنه لم يعفَ عبر مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (الهيبك)، فيما تبقى خيار توزيعها على شعب الله المديون.
سبحان الله أن غالبية ديون أولئك الذين شملهم السؤال غير مكتوبة، مع الجهة الدائنة باستثناء تلك التي أخذت من البنوك، وصاحب الدكان الذي يحرص على تسجيل ديونه، وبينهما ديون مهولة غير مكتوبة وغير معلومة، ومكتومة بين الدائن والمدين فقط، وهو ما يأتي بالريبة، والشك، وهو منبت عدم الشفافية المالية التي جعلت السودان يتصدر قائمة الدول الفاسدة، وما النار إلا من مستصغر الشرر؟!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..