( كلو من ناس الكورة ديل )

أضحكني أمس زميلنا الكاريكتيرست الفنان علي الدويد بكاريكتيره الذي جعل فيه أحد الغلابى التعابى يحتج بغضب على زيادة فاتورة المياه، ولكنه بدلاً من أن يصب جام غضبه على من كان السبب، إذا به للغرابة والمفارقة يصبه على أولادنا الطلاب الذين حملهم هذه الزيادة بقوله (كلو من ولادنا، أي امتحان يجيبو ليهم يقولوا موية ساكت)، ولفتة الدويد الذكية ذكرتني بحكاية ود حلتنا ود الشول، وأرجو أولاً أن أطمئن أي شخص من خارج حلتنا يصدف أنه يحمل نفس الاسم، أنه غير معني بما سنورده من خبر «ود الشول بتاعنا»، أما من أراد أن «يتلعبث» ويتلقى الحجج ويزعم أنه المقصود ويلبس هذه الطاقية و«يشنقها كمان»، فهو حر في زعمه، وأنا لست مسؤولاً عن دعواه أو ادعائه، لا قانونياً ولا عرفياً ولا أخلاقياً، والحقيقة أن هناك العشرات بل ربما الألوف الذين يُكَنّون بـ«ود الشول»، فقد درج السودانيون على إطلاق هذه الكنية على كل شخص ينحدر من أم اسمها الشول، وشخصياً أعرف كثيرين غير «ود الشول بتاعنا» يحملون هذه الكنية، بعضهم يشغلون مواقع مرموقة في المركز والولايات، ويقال أن إطلاق بعض الأسماء التي تبدو غريبة على الوسط الذي ينتمي إليه المولود الذي يُطلق عليه اسم غريب وغير مألوف عند قومه، يعود سببها بحسب الاعتقاد السائد لـ«كف العين»، كي يعيش المولود الذي غالباً ما تأتي ولادته في أعقاب وفيات متتالية لمواليد سبقوه ماتوا في المهد.. المهم أن «ود الشول بتاعنا» كما قلنا شخص مشهور ولكنها شهرة سالبة، فللشهرة وجهان كما تعلمون، موجب وسالب، وما اشتُهر به «ود شولنا» أنه شخص زُهجي وحُمقي من النوع «البشاكل ضلو» و«أخلاقو في نخرتو»، ولعل ذلك كان سبباً في عدم زواجه حتى شارف الخمسين، فليس هناك من ترضى به زوجاً، فكل بنات حارتنا والحارات المجاورة ونسائها من فتيات بكر وثيبات ومتزوجات ومطلقات يلقبنه سراً طبعاً بـ«غضبان ديمة»، وشهرته في سرعة الغضب والحدة والحمق أصبحت تضاهي شهرة جحا وود نفاش، لجهة أن الناس أضحوا ينسبون له أي قول أو فعل أو موقف فيه مبالغة في الغضب والحماقة. قيل أنه كان مرة على خلاف مع أحد أعضاء لجنة فريق الحارة «درجة ثالثة» لكرة القدم، وتصادف في أحد الأيام أن تجاورا في الجلوس على مقعد يسع ثلاثة في حافلة المواصلات، وكان يومها الجو حاراً جداً، بلغ درجة تقول عنها الحبوبات «تقلي الحبة»، هذا الجو الملتهب ضاعف من حدة ود الشول ورفع مستوى حمقه وغضبه إلى درجة الاشتعال، هذا الحال جعله يتصيد أي فرصة ليكيد لجاره الإداري الكروي، إلى أن جاءه الفرج من جارهم الثالث الذي بعد أن تأفف وأطلق زفرة حرى، قال الرجل وقد حشد حروفه بكل أبعاد الضجر ومعانيه «دي سخانة شنو دي»، سريعاً التقط القفاز ود الشول كالذي يلتقط هدية سقطت عليه من السماء، وصرخ بأعلى صوته وهو ينظر شذراً إلى جاره «بتاع الكورة» «كلو من ناس الكورة ديل»، قال الرجل الضجر مستعجباً وكيف ذلك، قال ود الشول «ناس الكورة ديل جننونا ياخ، كل شوية يهتفوا فوق فوق سودانا فوق، لحدي ما وصلونا الشمس».

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..