مسخرة!

عبد المنعم سليمان

صورة المشير البشير المنشورة على صدر هذا المقال من تقرير لوكالة أخبارية أخذتها من الملصقات التي تمتليئ بها شوارع بلادنا هذه الأيام .. ولاشك انه وبنظرة خاطفة للصورة سيصل أي مُبصر إلى إستنتاج أولي وأخير .. وهو ان صاحب هذه الصورة اما: أبله ، أو انه ضحية لإهمال التطعيم من أمراض الطفولة الستة في مرحلة الصغر .. ولا أعتقد ان هذه الخلاصة البديهية قد إستعصت على القائمين بإختيار صور المشير .. لولا انهم قد أطمئنوا على وجاهة رئيسهم مقارنة بقبح ودمامة صور منافسيه (الصُوريين) .. وخاصة محمود عبد الجبار ? صاحب الصورة االتي تظهر على يمين صورة البشير ? والذي أنصحه بان يكتب أسفلها : ( واما السائل فلا تنهر) ..

بالطبع ان الصورة تدخل في إطار فواصل الإمتاع البصري كما السمعي التي يتحفنا بها مسرح الرجل الواحد ، في مسرحيته الانتخابية الكوميدية التي ينافس فيها (البطل) نفسه .. ويكفي الإستماع لخطب أئمة الفضاء المبثوثة هذه الأيام حتى نعرف إلى أي مدى وصلت الكوميديا في بلادنا .. فالمسرحية بالإضافة إلى انها مليئة بالشخوص الكاريكاتورية فانها ايضاً محتشدة بالسحرية والأشياء الخارقة للطبيعة أو (الفانتازيا) في لغة أهل المسرح .. فهي الانتخابات الوحيدة في هذا العالم التي تتنزّل فيها الملائكة بأجنحتها البيضاء كي تصوّت للرئيس المعلوم بالضرورة .. وتظله بظلها .. وتتوجه ملكاً على رؤوسنا..

وكما قلت من قبل ان أكثر من يعرف ان الناس تتساقط ضحكاً من المسرحية الفكهة هو بطل المسرحية نفسه .. ولابد ان عمر البشير قد شهق من الضحك عندما علم بأن الإتحاد الافريقي قد أخذ عرض مسرحيته الهزلية هذه مأخذ الجد ، وقرر إرسال مراقبين لمراقبتها .. ولابد انه قد أصابه الخرس وعجز عن التعبير وفغر فاه من الدهشة عندما سمع بخطرفات علاء الزهيري سفير جامعة الدول العربية ، والذي قال ان جامعته أرسلت بعثة لمراقبة (الانتخابات) في السودان في إطار حرصها على (دعم الديمقراطية في الوطن العرب)!

لا أود الحديث عن الاتحاد الافريقي .. الذي تم تأسيسه ليكون سوقاً للرق وتجارة البشر .. وللعبودية الجديدة .. العبودية التي تتم بلا وسيط أبيض أو مُستعمرين جدد .. فالعبد بداخلها يعرض نفسه للبيع بإرادته .. وعارياً كما ولدته أمه .. بلا أدنى حشمة أو خجل .. ويمكن لأي تاجر الدخول بحقيبة أموال إلى مقر هذا الإتحاد والخروج منه بعد (5) دقائق وهو يجر ثامبو أمبيكي بيده اليمنى وأبوسانجو باليسرى .. ويمكنه أن يأخذ رئيسة مفوضيته (فوق البيعة) !

اما الحديث عن دعم الجامعة العربية للديمقراطية فهو ما جعل أسناني تصطك من الضحك .. فمن يستمع لسفير الجامعة العربية وقوله بانهم حضروا للمراقبة في إطار دعم الديمقراطية .. سيعتقد ان الجامعة العربية تضم في عضويتها فرنسا والسويد وسويسرا وبريطانيا ، وليست خيمة للملوك والشيوخ والأمراء وبعض الجنرالات .. وسيظن انها منظمة تُحظى بإحترام العالم ، وليست مجلساً للمؤانسة والموالسة .. وشخصياً أتمنى لجامعته هذه المزيد من الإستقرار لأنها المنبر السياسي الوحيد الذي يُمتعني في هذا العالم .. خصوصاً لحظة القاء قادتها لكلماتهم في مؤتمراتها الكثيرة والماسخة .. حيث يخطئون حتى في قراءة آيات القرآن الذي يحكمون شعوبهم باسمه.

بعد مراقبة الأفارقة والعرب دون سواهما لهذه (المسخرة) العلنية ، يمكننا القول ونحن نمد أرجلنا على وجوههم : (المراقب المناسب في المكان المناسب).

[email][email protected][/email]