سد النهضة بذرة خلاف بين الإسلاميين

رصد: علي ميرغني
عند الثامنة من مساء الاثنين أول أمس وأمام بنك فيصل فرع شارع المشتل بدأ يتبلور حشد من العلماء والمهتمين، ثم شرعوا في الصعود إلى الطابق الرابع حيث قاعة الفيصل ليحضروا الندوة التي حملت عنوان (سد النهضة .. الاتفاقيات، الحقوق المائية ودرء المخاطر).
الحضور كان نوعيا بدرجة كبيرة حيث ضمت القاعة المشير عبد الرحمن سوار الذهب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى إدارة البلاد في أعقاب سقوط نظام النميري 1985، ووزير الري الاسبق، المهندس كمال علي، ونقيب المحامين السودانيين الأسبق، عبد الرحمن الخليفة، ولفيف من حملة الدكتوراة في مجالات الهايدرولوجي، الهندسة الجيولوجية، الهندسة الكهربائية والقانون. وأيضا امين عام حزب المؤتمر السوداني، عبدالقيوم ابراهيم.

مناهضة السد
شملت الندوة أربع اوراق علمية، الثلاث الأوائل منها فنية بحتة، فيما الرابعة والأخيرة كانت قانونية. أجمعت كل الأوراق على أن سد النهضة يحمل تبعات سالبة تجاه السودان في النواحي كافة. وعلى الرغم من وجود بروفسيور مهندس جون جندي، إلا أنه آثر الصمت والاستماع فقط. ولم تورد الأوراق الفنية الثلاث جديدا حول المآخذ على سد النهضة وتأثيراته السالبة تجاه السودان،

الخطأ الاستراتيجي
آخر الاوراق كانت الورقة القانونية التي قدمها دكتور أحمد المفتي ، مستشار وزارة الري السابق، الذي بدأ حديثه بأن السودان انخدع واتبع الاستراتيجية الاثيوبية. التي وصفها بأنها تقوم على تحويل النقاش من الحديث عن الحقوق القانونية إلى الحديث عن الامور الفنية الهندسية والجيولوجية، بمعنى ان اثيوبيا ضمنت اولاً إلغاء أي اتفاق دولي ملزم لها وأصبح الامر حديثا فنيا عن منشأة اثيوبية تشيدها اثيوبيا على أراضيها وتخزن مياها تخصها هي ، ليس للسودان او مصر حقوق ملكية قانونية فيها، بالتالي تحويل الأمر إلى مشورة فنية لأثيوبيا تقدمها دولتا المصب السودان ومصر ومن حق اثيوبيا ان ترفضها او تأخذ بها إن شاءت لكنها غير ملزمة. ووصف المفتي التوقيع على الاتفاقية الإطارية حول سد النهضة بانه يماثل التوقيع على اتفاقية نيفاشا. وقال إانها أهدرت حقوق السودان من لدن اتفاقية 1902 التي منحت اثيوبيا منطقة بني شنقول مقابل عدم إقامة أي سد على النيل الازرق. كما انها لم تمنح لا السودان ولا مصر أي حق لا في تشغيل السد أو الاستفادة من كهربائه ولا حتى الحديث عن الأمن المائي.
وكشف المفتي عن أن الاتفاق الإطاري حول سد النهضة ألغى عملياً خمسة عشر بنداً حوته اتفاقية عنتبي التي صادق عليها البرلمان الاثيوبي، وتحدثت في أحد بنودها عن الحقوق الاساسية للانسان التي تشمل بحسب تعريف الأمم المتحدة حق استخدام المياه في انتاج الغذاء، لكن اتفاق الخرطوم الاطاري حول سد النهضة تجاهل ذلك تماماً ، بحسب دكتور المفتي.
وعلى الرغم من ان الورقة التي قدمها المفتي رسم صورة قاتمة عن ضياع حقوق السودان في مياه النيل الازرق عقب التوقيع على اتفاق الخرطوم الاطاري حول سد النهضة، إلا أنه عاد وأوضح إمكانية استدراك الامر، ليس بالنكوص عن الاتفاقية، إنما بعرضها على البرلمان ودراستها بصورة جيدة رجح أن تقود إلى أن يرفضها البرلمان وبالتالي يكون السودان في حل منها.

الصفقة الاثيوبية المصرية
دكتور المفتي بحسب خبرته وشغله لمنصبه في ملف مياه النيل لفترة طويلة يتمتع بمعلومات غنية تمكنه من تقييم الملف بصورة يعتمد عليها. وفي ضمن حديثه تكلم عن أن الاتفاق الإطاري حول سد النهضة لا يحفظ لمصر حقوقها وانه كان موقناً ان الرئيس المصري المشير عبد الفتاح السيسي لن يوقع عليه، وأن توقيعه يطرح علامة استفهام كبرى ! وعندما سأل الحضور دكتور المفتي إجابته لعلامة الاستفهام هذه، أجاب انه يرجح حدوث صفقة مصرية اثيوبية بعيداً عن السودان، وعندما طلب منه تفسير أكثر قال انه يترك ذلك لتحليل المحللين السياسيين.

توصية
واحد من الأشياء اللافتة كان التوصية الندوة برفع مناشدة الى الرئيس عمر حسن البشير تطلب منه تكوين لجنة فنية وقانونية لإعادة دراسة بنود اتفاق الخرطوم الإطاري عن سد النهضة. وشرعت المنصة فعلا في تشكيل اللجنة التي عرضت رئاستها على المشير سوار الذهب الذي اعتذر عنها، وكان أن تم إرجاء الامر إلى يوم آخر فيما أكدت المنصة أنها سترفع الأمر الى الرئاسة خلال الأيام المقبلة.
يبقى ان مسرح الندوة، قاعة الفيصل (بنك فيصل) وحضور شخصيات بارزة من الحركة الإسلامية للندوة لا يمكن تجاوزه بدون التدقيق فيه وفيما بين سطوره، كل هذه التفاصيل ترسم ملامح خلاف جديد داخل الحركة الاسلامية، سينكشف عنه الغطاء بعد انتهاء فترة الانتخابات وإعلان نتيجتها.

اليتار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..