الهُروبُ إلى المنْفَى / شعر

قصيدة

فضيلي جمّاع:

الهُروبُ إلى المنْفَى / شعر

(إلى عالم عباس.. الشاعر والإنسان)
(1)
أسعَى إليكِ وأنتِ أبعدُ من رؤايْ
زادي من الأيامِ نبْضُ القلبِ
جمْرُ الحبِّ..
مسبحةٌ ونايْ
صعبٌ طريقكِ
والمشاويرُ العتيقةُ تستطيلُ
وتحبلُ الأشجارُ بالثمرِ البوارْ
وحلُمتُ أنّكِ كنْتِ لي
وحلمْتُ أنكِ كنتِ شاهدةً على موتي
سهوْتُ.. بكيت
جئتُ مشمّراً ساقي إليكِ
وأنتِ أبعدُ من رؤاي
وعلى قفايْ
الحزنُ ينبتُ وردةً صفراءَ
أهربُ منه كيْ ما ألتقيهْ
وأضيع فيه!
وتمرُّ قدّامي فلولُ الظافرين بلا حروبْ
غنّيتُ، ضاع الصوتُ بين الطيبينَ
وبين تجّارِ العيوبْ !
وضحكتُ، يا لسذاجتي
زمنٌ يهزُّ الراسياتِ من الجبالِ
فعلّمي قدمي الثباتْ !
(2)
كفني رموشكِ فاستريني
في زمانِ الرّعْبِ والحمّى أجيئكِ راجلاً
كفي بلا سيفٍ وصدري..
مشرعٌ للرّيحِ أنتظرُ الإشارة
كنت أجهلُ أنّ حزنَكِ بعضُ حزني
في زمانِ الرّعْبِ أبدلتِ الرّياحُ مسارَها
وعلِمْتُ أني لم أغيّرْ رقصتي!
الساعة النّعْسَى ولغط العابرينْ
والملصقات على الجدار تغيّرت
أسمي تغيّر مرتين!
ولم يعدْ في دفترِ الأحوالِ عنواني
تغيّر كلُّ شيءٍ حول خاصرتي
ولكنّي بقيتُ لأنّ صوتي..
مهرجانُ الدمع ألبسه الطهارة!
(3)
عيناكِ منفَى،
كلما أقلعْتُ منه يردّني شوقٌ إليهْ
فأعودُ محتقباً أساي
وأموت فيهْ
كل الدّروبِ تقودني حتماً إليك!
الشوق يبدأ منكِ ، والأحزانُ
والأفراح تفقدُ شكلَها
وتذوبُ فيكْ
أحلى من اللّقيا انتظاركِ
في المحطاتِ البعيدة
كلما خطرت ببالي الأغنياتُ
هرعْتُ منتشياً إليكْ
وأعود طفلاً عندما ألقاكِ
أهربُ من يديكِ إلى يديك!
والعائدون من الحقولِ تأمّلوني
كان عشبُ الأرضِ يرقصُ عارياً تحتي
وتجلسُ غيمةٌ في ساعدي وعلى جبيني
ربّما فرحي بأنكِ كنتِ لي
أو ربما حُلُمِي بأنكِ
في المحطاتِ البعيدةِ بانتظاري
هيّج الذكرى،
أباح قناعَ صمتي
عندما غنّيْتُ قام العشبُ
يرقصُ والحجارهْ
كان صوتي رائعاً
فالحزنُ أكسبه النّضارهْ!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. في زمان الرعب أبدلتْ الرياح مسارها
    أحلى من اللقيا إنتظارك
    عندما غنيت قام العشب
    يرقص و الحجارة
    كان صوتي رائعاً
    فالحزن أكسبه النضارة
    ما أبدعك فضيلي جماع
    فشعرك يعيد صياغة تفاصيل الحياة
    و ينبت زهرة الأمل
    في النفوس التي محلتْ أرضها
    و يقترن كل هذا برفيقك
    و حامل المسك
    الشاعر الأعلى صوتاً
    عالم عباس

  2. لك التحية والتقدير استاذنا فضيلي جماع على هذا البوح الجميل وهذا الحس النبيل . والتحية كذلك لشاعرنا عالم عباس .

  3. والعائدون من الحقولِ تأمّلوني
    كان عشبُ الأرضِ يرقصُ عارياً تحتي
    وتجلسُ غيمةٌ في ساعدي وعلى جبيني
    ربّما فرحي بأنكِ كنتِ لي
    أو ربما حُلُمِي بأنكِ
    في المحطاتِ البعيدةِ بانتظاري
    هيّج الذكرى،
    أباح قناعَ صمتي
    عندما غنّيْتُ قام العشبُ
    يرقصُ والحجارهْ
    كان صوتي رائعاً
    فالحزنُ أكسبه النّضارهْ!

    ما أبدعك و ما أحلاك من قصيد.
    و لهذا كان الشعر ديواناً.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..