مسوؤلية السودانيين بالخارج تجاه وطنهم

مسوؤلية السودانيين بالخارج تجاه وطنهم

تاج السر حسين
[email][email protected][/email]

ما أقسى الا يشعر الأنسان بطعم وطن ، فيضطر للأنتماء الى وطن آخر أو يبحث عن وطن بديل.
ولا أريد الخوض كثيرا فى معرفة من هو الطرف الذى أطلق الرصاصه الأولى فى الحرب الأخيره وأسباب ذلك وهل هى مشروعة أم لا أذا كانت من هذا الطرف أو ذاك.
ومفروغ منه أن الأستفزاز وهضم الحقوق والتنكر لها قد يكون السبب الخفى فى اطلاق تلك الرصاصه حتى لو كان الأطلاق الحقيقى من طرف آخر.
ومعلوم فى علم السياسه أن الأنظمه التى تعانى من خلافات داخليه وأزمات اقتصاديه حاده وشعور بعدم رضاء مواطنيها عنها وأنفراط عقد الوحده الوطنيه تلجأ للحرب لكى تغطى على كل ذلك ولكى تعلو نغمة يرددها الجميع (لا صوت يعلو على صوت المعركه) ومن يسبح عكس التيار يصبح خائنا وعميلا.
والمستفيدون من تلك الحرب معروفين .. ولا يحتاج تحديدهم الى ذكاء كبير وهم الذين رفضوا زياره (رئيسهم) للجنوب خائفين عليه ومنافقين ، وهم اُثرياء الحروب على مر العصور والأزمنه ، لذلك منهم من أطلق التصريحات المحذره قبل الزياره ومنهم من أخرج الفتاوى والمناشدات ومنهم من طالب بتعزيز (الضمان) .. وضمان للضمان فحولوا رئيسهم الى شيك (مشكوك) فى صحة توقيعه والى اعتماد بنكى يجب أن يعزز من أحد البنوك العالميه الكبرى، مثلما كانت تعزز الشيكات القابله للدفع فورا داخل جيوبهم من قيادى بارز فى العصابه الحاكمه.
لكن هذا كله لن يحل مشكله ولا يمنع من المناداة ضرورة التغيير وأسقاط النظام لأنه نظام سئ وفاشل وفاسد اضاع الوطن ومزقه .. انه نظام يعلن عدم مفاوضته أو جلوسه الا مع الذين يحملون السلاح، فيجعل ارض السودان كلها مثل افلام (الكابويات) تعج بالسلاح ، ثم يترك الأقوياء ومن يحملون السلاح فى الميدان ويوقع الأتفاقات التى لا تساوى قيمة الحبر الذى كتبت به، مع مجموعات صغيره لا تحمل السلاح ولا وزن لها بين مواطنيها، فتصبح عبئا على ميزانية الدوله بما ينفق على قادة تلك المجموعات فتزيد المشاكل والأزمات تعقيدا، ولا يجنى من ذلك سوى أن يطيل عمره لعدد من السنوات بتلك الأتفاقات الهلاميه التى أجزل فيها العطاء على أصحاب المطامع الشخصيه الضيقه.
وعلى أية حال فشرفاء الوطن فى الداخل لم يقصروا وبذلوا جهدا مقدرا فى مقاومة النظام ومنازلته رغم الظروف الصعبه التى يعيشون فيها والتى نعلمها جيدا ورغم دموية النظام وبطشه وتضييقه الخناق عليهم فى حياتهم وأرزاقهم ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
ومعلوم لدينا وجود عدد ضخم من السودانيين بالخارج مبعوثين وطلاب دراسات عليا ومن مكنه علمه وخبراته فى الحصول على وظائف دوليه مرموقه، وهؤلاء جميعا لا تزيد نسبتهم عن ال 10%، لكن باقى السودانيين فى الخارج معظمهم خرجوا من الوطن مضطرين بسبب مواقفهم السياسيه وبسبب البطش والتعذيب أو بسبب فقدان الوظيفه والضغوط الأقتصاديه، وبعض آخر غير قليل وجدوا حياة كريمه وتربية جيده لأبنائهم من خلال انتماءتهم الحزبية حقيقة أو (خداعا)، وجنوا ثمرات تضحيات الشهداء الأبرار المنتمين لتلك الأحزاب والحركات المقاومه وثمرات نزيف دماء المناضلين فى المعتقلات.
للأسف من بين هؤلاء من تنكروا للشهداء .. فبعد أن حققوا طموحاتهم الدنيويه انقلبوا مؤيدين للنظام لا عن فكر وقناعة وانما لكى لا يفوتهم ريع الداخل وغنائم النظام التى يجود بها على المطبلاتيه والأرزقيه فى الخارج ، ومما يؤسف له كثيرون منهم سيطروا على مجالس الجاليات ودور الأنديه التى كان من المفترض أن يتولى قيادتها الشرفاء والمخلصين.
رغم ذلك كله ..فأنا على ثقة بأن القابضين على الجمر فى بلاد المهجر المختلفه كثيرون منهم شرفاء مخلصون لوطنهم لن يتوانوا أو يتأخروا فى دعم قضايا الوطن والمساهمه فى التغيير بفكرهم وجهدهم ومالهم قدر استطاعتهم اذا شعروا بمصداقية وجدية من يقودون تلك التنظيمات والتجمعات التى تعمل لذلك التغيير.
أنه أمر مؤسف ومحزن الا توجد حتى الآن وبعد 23 سنه من اغتصاب نظام الفساد الأنقاذى للسلطه وانقلابه على الشرعيه والديمقراطيه وتسببه فى الأنفصال وما يدور من حروبات وأزمات، قناة تلفزيونيه أو اذاعه أو مجرد صحيفة (ورقيه) اسبوعيه تعرى النظام وتكشف مخازيه وعوراته .. وأن يقتصر ذلك العمل على المواقع الألكترونيه ? المقدر- التى لا يعرف طريقها غير النخب والمثقفين، ولذلك يواصل النظام طغيانه واستبداده وفساده .. وكلما انكشفت كذبه ابتدع كذبه جديده، ومنها هذه الحرب الأخيره التى دخلها قاصدا متعمدا بسبب الخلافات الواضحه داخل تنظيمها وبسبب علو صوت المعارضه والضغط عليه من جميع الأتجاهات والمطالبه بالتغيير حتى من اقرب الناس اليه وهو المتسبب الأول والأخير فيها اذا خرجت الطلقه الأولى من فوهات بنادقه أو من الطرف الآخر.