خالد الاعيسر: وزير الاستثمار السوداني هل خانته الذاكرة؟

خالد الاعيسر٭

نشرت إحدى الصحف في ربيع الأول 1430هـ/ مارس 2009 نقلاً عن الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني «وقتها» وأثناء مؤتمر صحافي عقده في الرياض، رداً على سؤال حول طريقة تعامل بلاده مع الأزمة الناجمة عن صدور مذكرة اتهام في حق الرئيس السوداني عمر البشير، من قبل المحكمة الجنائية الدولية قوله: «لو كنا نتعامل بالعنتريات لما كان حال السودان اليوم، مقارنة مع ما كان حاله من قبل، هذه الحكومة عندما جاءت إلى السلطة، الشعب السوداني كان مثل الشحاتين، يقوم من صلاة الصبح يقف في الصفوف عشان يتحصل على جالون بنزين، أو يقف في الصف عشان ما يلقى رغيفتين عيش يقدر يعمل بيها ساندويتش لأولاده».
وقد تبعت تلك التصريحات المستفزة عاصفة من السجال والامتعاض الشعبي والتبرير الحكومي.
تذكرت ذلك تزامنا مع تصريح جديد منسوب للدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، وزير الاستثمار السوداني حاليًا، خلال مشاركته الأسبوع الماضي في ملتقى الاستثمار، الذي نظمته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في العاصمة السويسرية جنيف.
أشار فيه إلى أن بلاده تسعى للانفتاح على الخارج، وفقاً لرؤية اقتصادية واستثمارية هدفها كسب المزيد من الثقة والضمانات لدى المستثمرين، باعتبار أن السودان أصبح قبلة أنظار العالم، نظراً للكم الهائل من الموارد الطبيعية التي يتمتع بها، خاصة في مجالات الأمن الغذائي، الأمر الذي يتطلب تهيئة البيئة الاستثمارية الجاذبة، وإزالة المشاكل والمعوقات، ووضع السياسات والخطط التي من شأنها المساعدة في تحقيق هذه الأهداف.
أيضا، سبق ذلك بيومين تصريح آخر للدكتور مصطفى عثمان أكد فيه استعداد السودان لاستقبال الاستثمارات السعودية والخليجيــــة، ودعوته القطاع الخــــاص للمشاركة.
هذا التسلسل في التصريحات والإصرار الذي ميز حركة الوزير السوداني، وإلحاحه الشديد في طلب المستثمرين، يقــــود للتـــساؤل، هل الإنقاذ وبعد أن حكمت السودان لخمسة وعشرين عاماً لا تزال تستجدي الاستثمار والمســـتثمرين، مع كل هذه الإمكانيات التي ذكرها الوزير؟ ولماذا لم تبلغ الحكومة مرحـــلة يعيـــش فيها الشـــعب السوداني في ثراء عميم؟
أظن أنه من الأوفق للحكومة السودانية وقبل أن تبدأ في استجداء المستثمرين، اتخاذ خطوات جريئة وشجاعة لتغير الواقع الاقتصادي والاستثماري المنفر، وعلى رأس ذلك اتخاذ قرارات جادّة لمحاربة الفساد والمفسدين، باعتـــبارهما من أكبر أدوات ظلم المستثمرين وإهدار حقوقهم، الأمر الذي حدث للآلاف من المستثمرين القادمين من دول الخليج العربي.
الوزير كان محقا عام 2009 عندما قال: إن «القضية ليست عنتريات»، ولكن ألم تكن العنتريات هي ذاتها من صميم الفعل الذي كاد أن يودي بأهم الاستثمارات الخليجية في السودان، ممثلة في مصنع سكر كنانة الممول من دولتي الكويت والمملكة العربية السعودية، وذلك عندما قرر وزير الصناعة السوداني العام الماضي، إقالة العضو المنتدب من دون أي سند قانوني، ومن دون حتى الرجوع إلى مجلس الإدارة أو النـــظام الأســـاسي، الذي يؤسس للشركة منذ عام 1972.
أسئلة كثيرة موجهة للوزير للإجابة عليها هذه الأيام، وعلى رأسها، كم كانت ديون السودان عندما جاءت حكومة الإنقاذ، وكم هي اليوم؟.. وبالتّالي من يبدو أكثر تأهيلا لوصفه بالقول «مثل الشحاتين»، الشعب السوداني عام 1989 أم حكومة الوزير الحاليّة التي يستجدي باسمها في حله وترحاله؟
واضح أن وزير الاستثمار السوداني خانته الذاكرة، على الرغم من أن ما قاله لا يزال عالقــــا في أذهان الكثــــيرين. وتلك مهزلة، لأنه وبعد كل هذه الأعوام التي قضتها حكومة الإنقاذ في الحكم، ها هي صفوف الخبر تعود من جديد لتتصدر عناوين صحف الخرطوم، كما حدث طوال الأيام القليلة الماضية.
السؤال الأخير، هل الشعب الذي كان «مثل الشحاتين قبل خمسة عشرين عاما»، بحاجة لحكومة فشلت طوال هذه الأعوام في درء هذه الشبهة وتغيير المشهد الاقتصادي المنهار الى واقع مثالي لجذب الاستثمارات من دون تصريحات جوفاء.

٭ كاتب سوداني مقيم في بريطانيا
صحيفة القدس العربي

تعليق واحد

  1. والله يا استاذ خالد الإعيسر نوجه ليو سؤال واحد بس . خلي الشعب السوداني قول ليو انتا كنت شنو قبل الانقاذ وزوجتك دولة تاج السر كانت شنو استاذة في الابتدائي وانتا كنتا طبيب اسنان مغترب في السعودية الان انتا وين ودولة تاج السر الان وين بعدين اي انسان ناقص دائما بهاجم الناس لانو حقيقتو مابتتغير مهما عمل ولا زيف ولا لفا ولا دور اللذيذة كمان كمان قال وزير الاستثمار الغريبة حكمة الله فاشل في اي حاجة بعدين بيتك الفي يثرب العاملو والحوش الجنبو والجامع البنيتو عشان تصلي فيو انتا والارزقية بتاعنك نحنا عارفين ومراقبين اي حاجة ياطفل يامعجزة يا ……..

  2. حياك الله الاستاذ/ خالد الإعيسر:

    لقد أشدت بك هنا في الراكوبة ملاذ الاحرار والمناضلين من الشعب السوداني الحر الابين أشدت بك عندما تدخلت في سجال مع ذنب المؤتمر البطني سي جمال المصري أقصد جمال الوالي، عندما كنت انت مديرا لقناة النيلن الرياضية وعندما برزت مشلكة بث مبارة المريخ وكمبالا ستي على ماأعتقد.

    المهم عندما سمعتك تتلكم بصوت من لا يخاف اجحاف النظام الفاسق عرفت انك تحمل جينات ابن البلد البار المناضل الحر. وقلت عنك هذا الكلام الجميل في وقتها وانت الآن تأكد على ما قلته وتلقم هذا الطفل المعزة حجرا ليته يسد حلقة فيكف عن أذية الشعب السوداني الفضل.

  3. منو البيجى يستثمر فى دولة غير مستقرة مندلعة فيها الحروب وفى مناطق الانتاج كمان وعندها مشاكل حدودية ومناطقية(ابييى) مؤجلة مع دولة الجنوب وعندها معارضة مدنية سلمية ومسلحة ولا تتمتع بالاستقرار السياسى والدستورى والامنى ياخى هم وقفوا الحوار والسلام من يوم 30/6/1989 بانقلابهم لتنفئذ برنامج الحركة الاسلاموية اللى هى مش طفل معجزة بل هى حثالة وزبالة وارذل شىء فى السودان والدليل 26 سنة والحال السياسى والاقتصادى والاجتماعى والامنى امامكم والناطق الرسمى باسم الجيش يتكلم عن معارك فى شمال السودان وليس توريت التى صارت فى دولة اخرى عضو فى الامم المتحدة الانقاذ او الحركة الاسلاموية هى الفشل يمشى على قدمين اثنين الله ياخذهم اخذ عزيز مقتدر!!!

  4. هل يتذكر هذا الوزير الشحات ايام حكومة الصادق المهدى المنتخبة ديمقراطيا ماذا كان يفعل الاخوان المتاسلمين؟ اسال الاخ حسين خوجلي عندما كانوا يصحون قبل صلاة الصبح ويشترون الخبز من المخابز ويرمونه في المجارى لخلق الازمات للحكومة….

  5. خالد الاعيسر اسسسسي دي لو قالو ليهو تعال والي او هاك الجريدة دي طوالي بيقلب..دا مش نفس خالد القعد يجرجر الراحل الطيب صالح عشان يشهد للبشير؟؟وقعد يلصق الكلام لصيق في لسان صاحب القولة الشهيرة من اين اتي هولاء؟و الله فعلا من اين اتي هولاء..افلامكم الكيزانية التافهة زرقوها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..