مشروع الجزيرة مأثرة تنمية

مشروع الجزيرة هو بوابة العبور “الاخيرة” نحو تفكك الدولة السودانية!!!. (*)
صديق عبد الهادي
[email][email protected][/email]
المقال الخامس
مشروع الجزيرة مأثرة تنمية
اوضحنا في المقال السابق أن العقود التي تقوم بتسويقها كل الجهات المشبوهة مثل شركة الاقطان والبنك الزراعي ـ قطاع الجزيرة ـ تمثل شراكاً حقيقية للايقاع بالمزارعين وتوريطهم مما سيؤدي في نهاية الامر إلى إجبارهم للتخلي طوعاً، وتحت طائلة القانون الجائر لسنة 2005م، عن ملكية اراضيهم والتي ستؤول إلى ملاكٍ جدد، وهم الراسماليون الطفيليون الاسلاميون وحلفاء طبقتهم الطفيلية من المؤسسات العالمية. كل ذلك سيتم وفقاً لسياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي تؤمن بل وتعمل لاجل وضع ملكيات القطاع العام وجميع الملكيات الخاصة الصغيرة تحت سيطرة المؤسسات الخاصة العملاقة وذلك هو الهدف الذي تتخلق لاجله الآن بل ويتم تخليق الراسمالية الطفيلية الاسلامية (رطاس) في السودان لاجل إنجازه.
واشرنا في ذات السياق إلى ان حجم الخطر الذي يتهدد منطقة الجزيرة قد إستدعى عدداً كبيراً من حملة الاقلام ليكتبوا وبحس وطني مخلص في شأن الدفاع عن حقوق اهل الجزيرة وحماية مشروعهم، بإعتباره مشروع وطني في المقام الاول. وهذه النقطة بالتحديد ترتبط وثيقاً بخلاصة المقال الذي نحن بصدده الآن.
مقدمة/
توفر لسلطة الانقاذ الديكتاتورية من فرص الثراء ما لم يتوفر لغيرها من الحكومات التي شهدها تاريخ السودان الحديث، حيث جرت من بين يديها ومن فوقها ومن تحتها ثروات طائلة اشبه بحكاوي الخيال الجامح الذي طرَّز قصص العصر العباسي، ذلك الذي توجته سردية الف ليلة وليلة العجيبة الصنعة.
فماذا فعلت الإنقاذ بتلك الثروات؟!.
ما فعلته الانقاذ بتلك الثروات هو ان صرفت منها ببذخٍ وهلع على اجهزتها الامنية وملحقاتها، لان الدولة التي تديرها هي دولة بوليسية من ذؤابة راسها وحتى إخمص قدميها، وذلك منذ اول يومٍ لانقلابها وإلى يوم الناس هذا. أُستُثمِرَ قدرٌ عظيمٌ من تلك الثروات أيضاً في خلق طبقة مميزة، اُستُكمِلَ بناؤها بمزجٍ لا سابق له بين السلطة المطلقة والثروة!!!. وقد كان ذلك، وسيظل، هو الملمح الاساس الذي ميَّزَ ويميِّزُ حكم الرأسمالية الطفيلية الاسلامية في السودان.
إن مظاهر النمو الإقتصادي التي تبدو وتطفو على سطح الحياة في السودان، لا جذور ولا عمق لها وسط الفئات الغالبة والمطحونة من الشعب، بقدر ما إنها تمثل تعزيزاً لمواقع الراسمالية الاسلامية. فالموسسات المالية والشركات الاستثمارية العملاقة والبنوك والعقارات الشاهقة، وحتى الزيادات في الدخل القومي الإجمالي، وكلها مؤشرات نمو، لا علاقة للشعب بها ولا تنعكس في حقيقة الحال الذي تعيشه فئاته. والفئات التي نعنيها بالحديث هنا هي تلك التي تقع تحت خط الفقر، والتي وصلت نسبتها الى 95% من مجموع الشعب، وذلك بالطبع حسب ارقام وإحصائيات دولة الراسمالية الطفيلية الاسلامية نفسها.
من هذه المقدمة اردنا ان نُهيأ مدخلاً لتوضيح كيف ان مشروع الجزيرة وعبر تاريخه المديد قد خطَّ فاصلاً بين النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية.
اراد المستعمر لمشروع الجزيرة ان يخدم الرأسمالية العالمية وخاصةً البريطانية ويحقق تطلعاتها في النمو والاتساع. لم يكن الانسان وتنميته، بأي حال من الأحوال، هدفاً مباشرالتحقيق بالنسبة للسلطة الاستعمارية، وذلك هو ذات الهدف بالنسبة لسلطة الراسمالية الاسلامية الآن في شأن تدخلها الفظ الحالي في مشروع الجزيرة. وحتى في معالجتها لموضوع ملكية الاراضي في منطقة الجزيرة، والتي كانت معالجة في غاية الموضوعية، كانت السلطة الاستعمارية محكومة بعاملين مهمين الأول هو المقاومة التي كانت واضحة من قِبل اهل الجزيرة، والعامل الثاني تمثل في تجربة الامبراطورية البريطانية المؤسفة التي خبرتها في الهند وسيلان، حيث انها خلقت وبمعالجاتها المجحفة لموضوع الارض هناك، طبقة من الاقطاع في غاية الوحشية قوامها فئات محلية ومالكو شركات استثمار اجنبية. وقد كان ذلك هو السبب الاساس وراء رفض السلطات الاستعمارية الاعتماد على التمويل من قِبل شركات الاستثمار الاجنبية في بناء خزان سنار، والذي تمَّ تمويله بقرض من الحكومة البريطانية وبسعر فائدة لم يزد عن الـ 6%. (راجع آرثر جتسكل، مشروع الجزيرة..قصة تنمية في السودان).
والآن تود سلطة الراسمالية الطفيلية الاسلامية ان تعيد ترتيب مشروع الجزيرة ومن خلال إعادة معالجة ملكية الارض وذلك بالاعتماد على عاملين، الأول جبروتها وتسلطها وفرض قوانينها الجائرة، والثاني باعادة تجربتها المشوهة في تراكم رأس المال الطفيلي. وهي تجربة اعتمدت فيها على التجريب والاهتداء بأدب متخلف في التنظير الاقتصادي لا يفرق بين النمو والتنمية الاقتصادية.
إن المأثرة التاريخية التي انجزها اهل الجزيرة من مزارعين وعمال زراعيين وعاملين في المشروع وبفضل قيادات تاريخية متجردة، هي انهم أعادوا صياغة المعادلة والقاعدة التي قام عليها مشروع الجزيرة، وذلك بتحويله من مشروع استثماري فقط، غرضه تحقيق التراكم الرأسمالي، إلى مشروع تنمية حقيقي اساسه الانسان، مشروع يعمل لاجل تحويل وهز حياة الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. قام اهل الجزيرة باعادة صياغة المشروع ليكون قوة دافعة لاجل كسر حلقة الفقر، ولقد كان بالفعل، وذلك ليس فقط لاهل الجزيرة وانما لكل السودان. لقد كان حاصل العمليات الانتاجية لمشروع الجزيرة ينعكس وبدقة في النظام المالي للسودان وفي موازناته، في حين ان حاصل العمليات الانتاجية من المناطق الاخرى في السودان وبحكم وجودها في القطاع التقليدي لم يكن ينعكس في النظام المالي للبلاد بل وانه ولحد كبير كان يقع خارج نطاق التأثير علي مجمل السياسات الوطنية التي كانت تُبني على ضوء نظام البلاد المالي وميزانياتها، والتي ما هي في واقع الامر إلا حصيلة النشاط الاقتصادي لمشروع الجزيرة واهل الجزيرة!!!.
وكيف تمت تلك العملية التاريخية ليتحول مشروع الجزيرة لمشروع تنمية؟
أولاً/
كانت البداية في انعكاس مقاومة اهل الجزيرة واثرها على صياغة قانون اراضي الجزيرة لسنة 1927م والذي اعترف بملكية اهل الجزيرة لاراضيهم.
ثانياً/
إن انتزاع المزارعين لحقهم في التمثيل وتكوين اتحادهم بديلاً للجمعية التي كانت ممالئة للاستعمار ساهم في ان يضع مستقبل المشروع في المسار الصحيح.
ثالثاً/
إنبنت تلك المساهمة على ارث باكر ثر من العصيان في منطقة الجزيرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر قام مزارعون من قسم المدينة عرب وبقيادة المزارع “مبارك دفع الله” بالاضراب عن العمل في عام 1947م مطالبين بتحسين اوضاعهم.( راجع كتاب المناضل عبد الله محمد الامين برقاوي…على خطى المشاوير).
رابعاً/
ومن العوامل الفاعلة في عملية تحويل مشروع الجزيرة لمشروع تنمية كان التغيير المستمر في علاقات الانتاج لصالح المزارعين والعاملين في المشروع، والذي جاء نتيجة الوحدة والاصرار من قبل اهل الجزيرة في سبيل تحقيق اوضاع افضل تليق باهل المشروع.
خامساً/
وقد انعكس ذلك في تقسيم وتحديد الانصبة بالنسبة للشركاء في المشروع ـــ المزارع، الحكومة المركزية والادارة ـــ، حيث بدأ توزيع عائدات ارباح المشروع بأن يكون نصيب الحكومة 40%، المزارع 40% والشركة الزراعية 20%، وذلك في العام 1925م، ولينتهي توزيعها، في العام 1981م، ونتيجة للنضال الشرس لاهل الجزيرة وبعد مروره بمراحل مختلفة، بان يكون نصيب المزارع 47% ، والحكومة 36%، الادارة 10%، مال الاحتياطي 2%، المجالس المحلية 2% والخدمات الاجتماعية 3%.
سادساً/
إن الثلاثة نسب الاخيرة، المذكورة اعلاه، والمستحدثة من العدم، تقف عنواناً باهراً ودليلاً ساطعاً على ان كيف أستطاع اهل الجزيرة تحويل مشروعهم من مجرد ماكينة لتراكم راس المال إلي أداة فاعلة للتنمية. وقد لا يفوت على فطنة احد ان المال الخاص بالاحتياطي وبالمجالس المحلية وبالخدمات الاجتماعية كان يستهدف في جوهره حماية وترقية وتنمية الانسان في منطقة الجزيرة.
إن الانتقال بمشروع الجزيرة من مجرد مشروع استثماري إلى مشروع تنمية، هو نوعٌ من الانتقال، بالتأكيد، لا تصنعه إلا العقول الكبيرة، والقلوب الخيِّرة. لقد كان القادة في منطقة الجزيرة، بالفعل، صُنَّاع تغيير حقيقيين لم يدعوا عامة الناس وفقرائهم للشخوص بابصارهم إلى السماء، ولينعموا هم النظر وبنهمٍ في أنعام الارض من مال ٍ وبنونٍ وبنوكٍ و”نخلْ”!!!.
وما العمل الآن؟
إن مشروع الجزيرة ما زال يحتشد بطاقات بشرية هائلة، وإمكانيات إقتصادية قلَّ نظيرها. إن الخطوة الأولى في العمل تبدأ بتوحد اهل الجزيرة ومن ثمَّ بتوحد اهل السودان في المهمة المقدسة المتمثلة في حماية مشروع الجزيرة من وحوش الراسمالية الطفيلية الاسلامية (رطاس). ودواعي توحد اهل الجزيرة كثيرة وصلبة، لا تنحصر فقط في حقيقة التاريخ المشترك لمختلف اجناسه واعراقه، وإنما تستند في واقع الامر على إدراكهم لحقيقة أن الرأسمالية الطفيلية الاسلامية لا تعي فقط ان منطقة الجزيرة كبؤرة للوعي تهدد سلطتها المركزية وإنما المشروع يوفر إمكانياتٍ ثرة لتحقيق احلامها. فلذلك، وبالاستيلاء على المشروع يمكن إخراج منطقة الجزيرة من دائرة التأثير على السلطة المركزية، ومن دائرة التأثير على مستقبل السودان، كذلك.
إن الوحدة المعنية في مواجهة الرأسمالية الطفيلية الاسلامية (رطاس)، يجب ان تشمل مؤيدي المؤتمر الوطني من ابناء الجزيرة وليس قادته او النافذين فيه، لان مصالح اولئك القادة والنافذين بقدر تناقضها ومصالح السواد الاعظم من شعب السودان فهي تتناقض وبالضرورة مع مصالح مؤيديه الذين إنحدرت غالبيتهم من صلب عامة الشعب ومن بين طبقاته المسحوقة. وهذه قضية وبقدر إلحاحها وحساسيتها لابد من ان ينفتح حولها الحوار بين ابناء وبنات الجزيرة على وجه الخصوص.
ستكون الحلقة الاخيرة من هذه السلسلة عن سؤال، وما البديل؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
(*) ورقة تمّ تقديمها في ندوة تدشين كتاب “مشروع الجزيرة وجريمة قانون سنة 2005م” والتي كان ان إستضافها منبر 21/24 بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة الامريكية في يوم السبت 30 ابريل 2011م.
(**) نُشِر بـ”جريدة الأيام” 26 يونيو 2011م.
الاخ صديق الهادى لك خالص التحايا لكل هذه الاسهامات الرائعة حتى تعود لمشروع الجزيرة سيرته الاولى فقد لخصت الورقة بعلمية وابنت ..
ان مشروع الجزيرة يحتاج الى رجال يؤمنون بقضيته ويتدارسونها ويتواثقون للدفاع عنها مهما صعبة المهمة فمشكلة مشروعة الجزيرة لست بالسهلة ولا يمكن علاجها بين ليلة وضحاها ولكن علينا العمل بخطوات مدروسة لهيكلة المشروع واعادة بناءه . باعادة الهيكلة الادارية اولا ثم انتخاب اتحاد مزارعين معافى من النفعيين والمصلحجية ومعالجة كل الاخطاء مثل قانون 2005 وغيرها ثم الدعوة لمؤتمر عام باسم ( مشروع الجزيرة اولا ) وتقدم فىه الاوراق العلمية وتخرج بتوصيات تكون اجبارية التنفيذ والمتابعة اننا ابناء الجزيرة لو لم نحمل مشعل مقاومة تدمير المشروع فمن غيرنا ينفخ فى المشروع روح الاعادة والانتاج . معا لحملة اعلامية ضاربة من اجل اعادة هيكلة المشروع
حملة يحمل لواءها العلماء والمفكريين والباحثيين والصحفيين ومن خلفهم المزارعيين والعمال والطلبة وكل فئات المجتمع حملة تكون منظمة وممنهجة تكون لها لجان فى شكل غرف طوارىء .
1- لجنة الاعلام
2- لجنة البحوث والاوراق العلمية ( الادارية والهندسية والقانونية وغيرها )
3- لجنة المتابعة والتنسيق
كما نناشد كل العلماء والمفكرين والصحفيين بزيادة الجرعة الاعلامية وتوضيح الحقائق وانارة الطريق للسلطة حتى تعرف بان السودان لا يمكن ان يقوم الا على ركيزة الزراعة ومشروع الجزيرة هى الركيزة الاولى لاقتصاد الوطن فان ضاع المشروع ضاع كل الوطن .
وتحياتنا لكل من ساهم وكافح ونافح من اجل هذا المشروع الذى ذبح من الوريد للوريد وبايدى ابنائه ومعا من اجل اعادة هيكلته
استاذ/ صديق
التحية والاجلال لك وأنت تفضح لنا أعمال المخربين لمشروعنا العظيم …وتوضح للجميع
تخطيطاتهم الفاسدة …ومشروع الجزيرة هو صمام الامان لاقتصاد السودان عامة رغم كيد الكائدين
وتخريب الفاسدين
ننادي معك بصوت عالي باٍجتماع ابناء وبنات الجزيرة في كيان شامل دون النظرات الحزبية الضيقة
والنعرات القبلية المهلكة من أجل مشروع قام وطن بكامله عليه ومن أجل أهل جاهدوا وكابدوا
الامراض وهم يعملون بصمت دون من ولا أذي
ان ظهور مثل هذا التجمع الشامل لاهل الجزيرة والمطالبة بالحقوق العادلة .. سوف يجعل هؤلاء الفاسدين
يعملون الف حساب عند وضع مخططاتهم التدميرية
نحي أهلنا في الجزيرة المجاهدين الصابرين ونحي ابناء الجزيرة الاوفياء الذين
يدافعون بكل ما يملكون عن مشروعهم وعن ارضهم وعرضهم
ولا نامت أعين الفاسدين المهلكين للحرث والنسل
“إن الثلاثة نسب الاخيرة، المذكورة اعلاه، والمستحدثة من العدم، تقف عنواناً باهراً ودليلاً ساطعاً على ان كيف أستطاع اهل الجزيرة تحويل مشروعهم من مجرد ماكينة لتراكم راس المال إلي أداة فاعلة للتنمية. وقد لا يفوت على فطنة احد ان المال الخاص بالاحتياطي وبالمجالس المحلية وبالخدمات الاجتماعية كان يستهدف في جوهره حماية وترقية وتنمية الانسان في منطقة الجزيرة.”
بمنطق الرأسمالية الطفيلية التنمية البشرية دي كلام فارغ وما بتأكل قروش.
الناس مثلا ما تعرف القيمة الحقيقية للتنمية البشرية في الجزيرة ، ففي التعليم مثلا قرى زي “ودبهاي”
و”الطالباب” عدد المهندسين والأطباء فيهم أكتر من أي تجمع حضري تاني في كل السودان..!
اليوم متعلمي الجزيرة بيرفدوا السودان كلو بالمميزين في كل النواحي ودي ثروة كبيرة بمقياس الوطن.