الدهّابة .. واقع مأساوي جدير بالاهتمام !!

حسن وراق
@ ازدهرت في السنوات الأخيرة (ثورة )التعدين عن الذهب في عدد من مناطق البلاد وحقق الذين تفرغوا لهذه الحرفة (التعدين) ثروات ضخمة غيرت مجري حياتهم منهم من واصل في الحرفة كتاجر و منهم من قام بتوظيف ما كسبه في استثمارات أخري . مع انتشار أخبار المعدنين و ما حققوه من مكاسب حتي بدأت هجرة مكثفة لمناطق التعدين وشراء أجهزة استكشاف الذهب وما ارتبط بالتعدين من عمالة و خدمات أصبحت تشكل عامل جذب للكثير من الذين ينشدون الثراء السريع يحدوهم أمل و ثقة في أن القدر ربما في لحظة ما يبتسم لهم ابتسامة (ذهبية ) تحقق كل الآمال و المعجزات .
@ مناطق تعدين الذهب في صحاري الشمال والشرق أصبحت معسكرات سكانية جديدة تحمل ملامح ديموغرافية جديرة بأن تجد إهتمام المختصين و الباحثين لان هنالك واقعا جديدا يتشكل بعيدا عن المدن والمجتمعات التقليدية التي قوامها الأسرة والأبناء والحراك الاجتماعي اليومي والمناسبات الخاصة والعامة والدور الكبيرة الذي تسهم فيه المرأة بوصفها نصف المجتمع ولها أثرها الكبير في صياغة المجتمع المعافى و المكتمل . هذا الواقع يفرض نفسه في تشكيل المجتمع السوداني إلا أن ما يحدث في معسكرات التعدين يشكل واقع يقوم علي المقامرة و الأحلام بالثراء و تحقيق الأماني بعيدا عن الواقع الذي هربوا منه .
@ المواطنون في مواقع و معسكرات التعدين يتمتعون بمكونات فريدة من كل مناطق وقبائل البلاد بمختلف المعتقدات والعادات والخلفيات الاثنية والفكرية والثقافية ،لا مجال لها في الانصهار والتصاهر في تلك البيئة القاهرة ، الكل يحلم بمفرده لبلوغ هدفه بالثراء ويغادر المنطقة بلا عوده علّ ما ظل يعانيه في تلك البيئة الصعبة يصبح مجرد حكاوي .الغالبية العظمي من التشكيلة العاملة في مناطق التعدين يمثلون المجموعة التي لم تحظ بقدر من التعليم يعتمدون فقط علي مقدرتهم علي العمل الشاق و مجموعات كبيرة فاتها قطار الاغتراب وعدم وجود حرفة معلومة ليصبح التعدين حرفة من لا حرفة له سوي الحلم .
@ من البشر تغطي مناطق التعدين في صحراء العتمور في بيئة صعبة لا ذخيرة لهم سوي الصبر و مواصلة الحلم بتحقيق الثراء ، إنسان لا يصبر ولا يحلم لن يستطع أن يعيش في مناطق التعدين العشوائي التي يواجهون فيها صنوف العذاب و المعاناة في هجير الصحاري وزواحفها القاتلة السامة وسوء التغذية وحالة التوحد والتفكير المستمر في الاسرة والمستقبل وتحمل أمراض بدنية من طبيعة الطقس والتلوث بالأبخرة والغازات السامة المنبعثة من باطن الأرض و الكيماويات المستخدمة إلي جانب الحوادث وإصابات العمل والموت بانهيار الحفريات والتحمل الزائد لسلبيات الاحتكاكات بين مجموعات من مختلف الخلفيات الثقافية .
@ عدد كبير من المعدنين والعاملين في مناطق التعدين لا يحبون السئوال التقليدي عن ما تحقق من كسب خلال تلك المدة التي قضوها فالإجابة التقليدية ( والله الحمدلله) تحمل في مضامينها عبارة مستترة لا تقال (مافي فايدة) و حتي لا تحسب فترة العمل في مناطق التعدين في نظر الكثيرين (تعب بلا صالح ) أدمن الكثيرون البقاء في صحراء التعدين لا يفكرون في العودة مهما حدث وفي ذهنهم (يا غرق يا جيت حازما ) . الحكومة كعادتها لا تهتم بمواطنيها و تسعي بكل السبل لامتصاص جهد عرقهم دون أن تقدم لهم علي الأقل دعم نفسي حتى لا يفقدوا الأمل في الحياة وتفقدهم أسرهم ، واقع المعدنين يحتاج لوقفة جادة من الحكومة والباحثين والدارسين لان هنالك سودان آخر يتشكل ببطء متسارع يفرز تأثيرات سالبة لها دور في خلق المزيد من الأزمات .
@ يا كمال النقر ,, الذهب .. الذهب يكاد عقلهم يضهب !
[email][email protected][/email]
أستاذ وراق:
والله هذا ناقوس خطر يُقرع لكن للأسف على آذان صًم.
فكما قلت هذا واقع جديد يتشكل بعيدا عن أعين الحكومة والسلطات التي لاترى إلا مايمتصونه من عرق هؤلاء الكادحين المكافحين الذين يغامرون بحياتهم من أجل غد أفضل لهم ولمن يعولون.
تخيل أن السلطات في مناطق كالشمالية لاهم لها إلا أن تنتظر حتى يمنّ الله عليك “ببئر” منتجة فيهبطون عليك من اللامكان ويستولون عليها يوما أو يومين كاملين كل أسبوع يأخذون إنتاجها كاملا دون أن يُترجم هذا الإستيلاء إلى أي نوع من العائد أو الخدمات، سواء على المعدنين أو مناطق الإنتاج.
لو كنا ، أستاذ وراق، في بلد تحترم مواطنيهاوتهتم بهم لرأينا الباحثين والدارسين والمسؤولين يترون ذرافات ووحدنا إلى مناطق التعدين لدراسة هذه الظاهرة الجديدة ، ألا وهي نشوء مجتمعات أو قل تجمعات سكانية على نهج لم نره من قبل.
لكن أستاذ وراق ، نحن في أيه ولا أيه.
لاحول ولاقوة إلا بالله العظيم.