الفنان شرحبيل أحمد خريجو برنامج “نجوم الغد” أثَّروا سلباً على الساحة الفنية

الخرطوم : مصعب الهادي

في منتصف الأربعينات تركت أسرته مدينة أمدرمان واتجهت نحو مدينة “الأبيض” لتظهر بين أحضان تلك المدينة ملكته، حفظ وأداء الأغاني، مما مهَّد لالتحاقه بكلية الفنون الجميلة بالمعهد الفني وحصل آنذاك على دبلوم الفنون الجميلة، ليعمل بوزارة التربية والتعليم فناناً تشكيلياً، وقد ذاع صيته وأضحى رساماً معروفاً، بل رائداً خلاقاً من حيث المهنة، تلاها إجازة صوته في أواسط الخمسينات، ليعمل مع فرقة أجنبية عازف إيقاع بصالة غردون، كانت انطلاقته نحو المسارح بعد تلقيه دعوة لحضور إفتتاح المسرح القومي في العام 1960م، وتغنى خلاله بأغنية (يا حلوة العينين (وكانت الأغنية استعراضاً راقصاً مما حدا به توظيف كل جهوده لتطوير الأغنية السودانية الراقصة بكل مايمكن من توظيفه من حداثة مع الحفاظ على الروح القومية للأغنية، فـ”شرحبيل أحمد” أعطى الفن كل ماعنده من إشراقات ساهمت في تكوينه، ليحجز لنفسه مقعداً وثيراً وسط مشاهير العالم، وقد شكلت تلك التكوينات حيزاً مهماً في تهذيب النفوس، فهو من الفنانين الذين وهبوا السودان عصارة فكره الخلاق في مجالات عدة لم تقتصر على الغناء فحسب، بل امتد أثره مابعدها.
لنرجع قليلاً كيف كانت ذكرياتك بمدينة الأبيض وكيف أثرت وجدانك؟.
مدينة الأبيض من المدن الجميلة والمحببة إلى نفسي، فهي كانت الميدان والمسرح العظيم الذي ترعرت ونمت فيه موهبتي الفنية. عندما حضرت إليها لأول مرة كنت برفقة الأسرة، حينها في سن التاسعة، فبها قرأت في الكُتاب ثم مدرسة النهضة الابتدائية، وبعدها سكنت في أحياء متعددة ومتفرقة بدءاً بحي “الموظفين” الذي يقع بالقرب من المستشفى يجاور سوق “أبو جهل” كما عُرف سابقاً، ثم حي أو فريق أبو خمسة، ثم حي المواليد ثم القبة شرق، ثم انتقلت إلى حي “القبة غرب” وفريق “فور” ، واستقر بي المقام بحي “الرديف”، خلال تلك التنقلات تفرقت على العديد من الأصحاب وزملاء الدراسة في المرحلتين الأولية والابتدائية، شاركت خلالها في الجمعيات الأدبية المختلفة في “الدين”، “الفنون”، “الرياضة” “التشكيل”، “التمثيل”، مما أثرى وشكَّل وجداني الفني والموسيقي والتشكيلي، بعد ذلك غادرتها وأنا صبي ملهم ومشبَّع عائداً مع الأسرة إلى الخرطوم بأمدرمان كي أواصل دراستي وأطوِّر موسيقاي.
إذاً كيف كانت لجنة إجازة المطربين في فترة الخمسينات عندما قدمت نفسك مطرباً جديداً؟.
كانت لجنة كبيرة في حجمها تضم أعضاء متخصصون من الإعلام والإذاعيين، وعددهم ثلاثة عشر عضواً “مدير الإذاعة” و”نائبه” و”كبير الإعلاميين” وهو “سكرتير اللجنة”، بجانب عضوين للموسيقى هما: “رئيس اوركسترا الإذاعة” و”نائبه” يأتي على رأسها عضوية فنان كبير مشهور، وعضوين من وزارة الثقافة والإعلام، وعضوين من الصحفيين مهمتهم النقد والتحليل، وكانت تتم المعاينات داخل مباني الإذاعة دورياً كل خمسة عشر يوماً، وهكذا إلى أن تصل اللجنة في النهاية إلى العدد المطلوب والمجاز من قبل اللجنة، وهم المستوفون لكل شروط المعاينة،وعددهم قد يكون خمسة أصوات جديدة أو ثمانية من ثلاثين صوتاً متقدماً، وتراعي اللجنة في ذلك جودة اللحن وتفرد صوت المتقدم وتمكُّنه من سلامة الأداء الصوتي والشعر بمضامينه ومصداقيته في التعبير.
ولماذا توقفت عن كتابة الأشعار والأغنيات؟.
لم أتوقف، فمن قبل كتبت عدة قصائد غنائية منها للمثال وليس الحصر “الليل الهادي” و”فكري يوم قال ليا” و”اللابس البمبي” و”عينيك الحلوة” و”ابعد وابعد” إلى جانب كتابات خاصة للأطفال منها أشعار شخصية العم تنقو، والآن لديَّ ثلاثة دواوين لم أنشرها بعد.
وما الرابط بين الرسم والشعر؟.
الرابط بينهم هو الخيال، قد توحي لوحة جميلة أو منظر شاعري جميل بلحن بديع ومعبِّر، وقد يوحي لحن جميل أو أغنية ما، جميلة بلوحة معبرة جذابة وهكذا.
شرحبيل الفنان كيف كان اسهامه مع أبنائه ممن سلكوا الدرب؟.
بالمساندة والتشجيع، وتفحص الأعمال التي يقومون بها من أعمال فنية تجد النقد الهادف والتوجيه الصحيح.
من قبل اختزلت المديح في “أولاد حاج الماحي” و”البرعي” ثم تناقضت لما؟.
لم اختزله بالمعنى، ولكنني أفاضل في طريقتهم للمديح فهم أفضل من يجيد التعبير بالمديح، وأتمنى من كل من يريد أن يمدح يجب عليه أن يراعي ذلك، وأن يحاول الوصول إلى ماوصلوا إليه من ناحية الأداء، أي نعم، هناك كثير من المداح ولهم مدائح معروفة، إلا أن مدائح أولاد حاج الماحي والبرعي لها وقع خاص في أذن المتلقي، فأنا أملي في ماقدمته من مديح أن ارتقي إلى ما وصلوا إليه في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا حتى نرتقي في المديح إلى مراتب جيدة وربنا يوفق كل المادحين.
ومارأيك في برامج اكتشاف المواهب؟.
أقولها لمن هم في برنامج “نجوم الغد”: كان يمكن أن يكون البرنامج ناجحاً و ايجابياً إذا تغنى الشباب بأغنياتهم الخاصة، ولكن ترديدهم لأغنيات المطربين الذين سبقوهم وتعبوا بها في التعديل أو الإضافة ، أضر بتلك الأغنيات كثيراً وغيَّر ملامحها الجميلة، وعليه مستقبلاً سيجدون أنفسهم بلا أي إضافة للمكتبة السودانية، ولا أدري ماذا سيكون مصير هؤلاء الشباب، قد أرهقوا أنفسهم في أداء أغاني الغير وأهملوا أنفسهم، كان أجدر بهم أن يجتهدوا لتقديم الجديد حتى يكون لهم شرف المساهمة في إثراء الساحة الفنية الغنائية، لا أن يكونوا سلباً عليها.
رسالة لمن توجهها وماذا تحمل؟.
رسالتي هذه ضرورية وأساسية لكل من يريد أن يدخل الغناء أي كان “جاز” أو غيره من أشكال الغناء المختلفة، لتحقيق ذلك يجب أن تكون لديك الرغبة أولاً ومن ثم الموهبة وتوفر الاستعداد الطبيعي، يلي ذلك التدعيم بالدراسة وأطر المعرفة، خاصة دراسة أصول الموسيقى وقواعدها العمل وفق تدريبات الصوت وفنون الإرسال النغمي الصحيح، بالإضافة إلى الاستماع وفهم أصول الموسيقات العالمية من كل لون، وتعلم العزف على أي آلة موسيقية مثل:”الجيتار” أو “البيانو” أن كان ذلك ممكناً، ففي عالم اليوم لأي مجال قواعده، والغناء أصل، أضابيره إجادة الموسيقى، وأي شخص لديه ملكة التلحين أو الغناء تعمَّد جهل تلك القواعد سيفشل لا محالة.

التيار

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..