الجرح لا نام لا استطاب!!..فائزة إدريس

تتعدد الجراحات التي يتسبب فيها الناس للناس! وتتنوع وتتباين أساليبها وأنماطها. وليس بالضرورة أن يكون الجرح عموماً بمدية أو آلة حادة، وجرح المدية أقل ألماً من جراحات أخرى. فالأول لا يأخذ مدة طويلة كي يبرأ فسرعان ما تضمده ملائكة الرحمة! فيشفى المتألم ويتعافى ويبرأ الجرح، وان كان غائراً.
ولكن الجرح المعنوي من الصعب شفاؤه، حيث لا تفلح الأيام في محوه من دواخل من جُرِح، فهنالك أناس لا يحلو لهم غير جرح غيرهم من الناس بشتى السبل والطرق والوسائل، تلك الجراحات تظل تئن ويتملك الألم من يقاسيها.
ويعانيها حيث تختلف درجات الألم حسب الجرح وحسب من قام به وعلاقته بالمجروح، فهنالك من لا يتسبب جرحه المعنوي في إحساس المجروح بالألم وان كان كبيراً! وهنالك من يتسبب جرحه في ألم المجروح ألماً مبرحاً يتذوق منه مرارة لا تضاهيها مرارة وان كان صغيراً!، ومثل تلك الجراحات قد يزول ألمها لفترة من الوقت ولكن سرعان ما تعاود آلامها مرة أخرى.
الجرح قد تتسبب به كلمة لاذعة يوجهها أحدهم لآخر، فتلك الكلمة قد تحدث جرحاً غائراً في صميم المجروح فيتأثر بها على مر الزمان ولا تداويها طيب الكلمات وان كانت صادرة ممن تفوه بكلمته اللاذعة تلك، فهي تتخذ مقعداً وثيراً في حناياه ليس من السهولة بمكان أن تترك ذلك المقعد وتبقى مختبئة في مخزون الذاكرة، وقد يتفاقم الأمر فتؤثر تلك الكلمة فى العلاقة بين الجارح والمجروح حيث تحدث شرخاً تبدو سيماؤه واضحة في الفتور الذي ينتاب علاقة الطرفين، هذا الفتور تتمثل دلائله في أشياء كثيرة تختص بتلك العلاقة وإن كانت نضرة متوردة فإنّ الذبول ينتابها فتبدو منكمشة ويطولها الجفاف الذي يقود إلى موتها البطئ ومن ثمّ موتها الأبدي!.
كذلك من المحتمل أن يتسبب في الجرح تصرف أو سلوك يأتي به الجارح إزاء المجروح الذي يشعر وكأن خنجراً قد غمد في قلبه أحدث جرحا كبيرا تسبب في أن يكون ليله نهارا!. فهنالك من يجرحون غيرهم بسوء الأفعال وسوء التعامل بغض النظر عن السلوك الذي تسبب في الجرح حيث تتباين التصرفات التي تصنع الجراحات والإساءات، ومثلها تتباين مفاهيم البشر وما تحويه عقولهم فتنعكس على تعاملاتهم وتصرفاتهم.
وجراحات القلوب تأخذ منحى آخر فهي لا تندمل بسهولة وتظل باقية في أفئدة المجروحين، وفي كثير من الأحيان يقوم فيها الجارح بتمثيل دور البريء الذي لم تقبض أنامله على «سكين» ليسدد بها طعنة نجلاء في قلب من جرح تنزف من جرائها مشاعره! ، فينصب لنفسه سرداقاً ليقيم به عزاءً كان فيه هو الميت ومتلقي العزاء من نفسه!.
نهاية المداد
عدنا ولا عاد الصدى
زمناً يسافر كالخريف
يبنى مدارات الشذى
والورد والفرح الشفيف
الانتباهة