الذري ابراهيم عوض.. أتراح الحول التاسع

إعداد : نوح السراج
لم يكن إبراهيم عوض مجرد مغنٍّ أو مطرب وإنما كان ظاهرة فنية اجتماعية
يصادف اليوم السبت الموافق 23 / 5 / 2015 الذكرى التاسعة لرحيل الفنان الكبير إبراهيم عوض .. في منتصف خمسينات القرن الماضي بل في ربعها الاول تنبهت المدينة لصوت ذهبي يخترق بموهبته الباهرة فضاءات ليل أمدرمان الهادئ المرصع بالنجوم .. ذالكم الصوت هو صوت الفنان الشاب إبراهيم عوض عبد المجيد .. ومن أزقة حي العرب التقط الشاعر والملحن عبد الرحمن الريح ذهب هذه الموهبة وصنع من برادته سبيكة ثلاثية الأضواء هي ( هيجتني الذكرى ) و ( علمتني الحب ) و ( أسرار العيون ) …كانت مرحلة لإجازة صوته والعبور به إلى كل أذن سودانية تستمع إلى ( هنا امدرمان ) .. لم يقف تعاون عبد الرحمن الريح مع إبراهيم عوض عند حدود التقديم وإجازة الصوت بل واصل دعمه ورعايته له بباقة أخرى من حديقة ود الريح من شاكلة بسمة الايام ( ابسمي يا أيامي.. بسمة الزهر النامي ..في هوى الحب السامي.. روحي وآمالي وأحلامي ) التي قام إبراهيم عوض بتلحينها وهي اول تجربة لحنية له وكانت سببا في انتقاله من الدرجة الثالثة دون المرور بالدرجة الثانية الى الاولى ? وامتدت المسيرة بينهما متواصلة بعدة أغنيات أخرى ( أنفاس الزهر ? الدنيا منى وأحلام ? ألم الفراق ? هوى الروح ? جمال دنيانا ) وغيرها من الأغنيات ? هذا وقد اتصلت مسيرة التعاون بين الموسيقار الشاعر ود الريح وإبراهيم عوض? ونستطيع القول إن ثنائية التعاون بين عبد الرحمن وإبراهيم هي التي شكلت الأساس الإبداعي لشخصية إبراهيم عوض الفنية ? وتدفق شلال الغناء الجميل فجاء الشاعر والملحن الطاهر إبراهيم ،وهو أيضا من حي العرب ليحدث النقلة الكبرى في مسيرة ابراهيم عوض بمجموعة من الأغنيات الخفيفة ( حبيبي جنّني ? عزيز دنياي ? فارقيه دربي ? يا خائن ? ملاذ أفكارنا ? أبيت الناس ? بحنيني توريني ? لو بعدي برضيهو ? يا حبايب ) وغيرها من الأغنيات وجميعها من كلماته وألحانه ? استطاع إبراهيم عوض بهذه النقلة أن يتحول من مجرد مطرب إلى فنان نجم وأسمته الصحافة الفنية حينها بالفنان الذري , اتصل بعدها تعاون إبراهيم عوض مع مجموعة أخرى من الملحنين والشعراء منهم الشاعر إبراهيم الرشيد الذي قدم لإبراهيم عوض أكثر من 10 أغنيات ويعد الأوفر حظا من الشعراء الذين تغنى لهم ابراهيم بأغنيات كثيرة . ثم جاء سيف الدين الدسوقي فقدم لابراهيم عوض ( المصير ) و ( المرآى الجميل ) و ( أحب مكان وطني السودان ) و ( مرة تانية ) وغيرها من الأغنيات , وتواصل العطاء مع عوض أحمد خليفة في ( غاية الآمال ) ومصطفى عبد الرحيم ( تذكار عزيز ) ومحجوب سراج ( مين قسّاك ) و( ليه بتسأل عني تاني ) و ( راخصني ما مغليني ) وغيرهم من الشعراء الآخرين . ومن الملحنين كان عبد اللطيف خضر ود الحاوي والسني الضوي وبشير عبد العال ملحن الاغنية الشهيرة ( يا سلوى ) – لم يكن إبراهيم عوض مجرد مغنٍّ او مطرب وإنما ظاهرة فنية اجتماعية أثرت على الجيل في تصفيفة الشعر وأثر على شكل الموضة والأزياء و حتى الأداء الراقص الطروب على المسرح وكان ملهما للشباب ونموذجا يحتذى به في الأناقة والذوق .
ابراهيم الرشيد يتعرف على الذري صدفة
من أكثر الشعر اء الذين تغني من كلماتهم الشاعر أبراهيم الرشيد حيث تغنى له بأكثر من 10 اغنيات , يقول الشاعر ابراهيم الرشيد: التقيت بإبراهيم عوض لأول مرة عن طريق الصدفة وكان ذلك بمصلحة البريد والبرق بامدرمان حيث كنت أعمل في قسم المبالغ المالية المحولة , فحضر ابراهيم عوض ناحية الشباك الذي كنت أعمل فيه وطلب مني خطاب مسوكر باسم والده ،وكان يحتوي الخطاب على حوالة مالية عبارة عن معاش مرسل لوالده من القاهرة فطلبت منه إثبات شخصية حسب النظام المعمول به فأجابني انه لا يملك اثبات شخصية فرفضت اعطاءه الحوالة المالية فذهب لصديقه أحمد إبراهيم أبو العلا الذي كان يعمل معنا وأتى به , قال لي أحمد ابراهيم :ألم تتعرف على هذا الشخص؟ قلت له لا لأنني حضرت قبل يومين من سنجة ولم أحظَ بمعرفته قال لي إنه الفنان إبراهيم عوض وطلب مني إعطاءه الحوالة على مسؤوليته الشخصية ودعاني إلى جلسة فنية ستقام في مساء نفس اليوم بمنزل الفنان عثمان الشفيع بالعرضة، وفي تلك الامسية تعر فت على ابراهيم عوض أكثر وتوطدت علاقتي به وأذكر ان عثمان الشفيع كان معجبا بغنائه حيث كان يقول ( ان هذا الفنان ينتظره مستقبل باهر ) غنى ابراهيم عوض في تلك الليلة بعض أغنيات أحمد المصطفى وعبد الحميد يوسف وإبرهيم الكاشف وبعض أغنيات الحقيبة ? وفي سؤال لإبراهيم الرشيد عن سبب إعطاء ابراهيم عوض أغلب أغنياته التي كتبها قال : إن ابراهيم عوض في بداية حياته الفنية تغنى بالعديد من الأغنيات من كلمات الشاعر عبد الرحمن الريح لكنه توقف في فترة ما عن الغناء لمدة عام بسبب بعض المشكلات، وحينما عاد وجد أن الشاعر عبد الرحمن الريح قد انشغل ببعض المطربين وكتبت له عددا من الاغنيات وكان أول تعاون بيني وبينه أغنية ( تحدي ).. هذه الاغنية تغنى بها في العيد الاول لثورة 17 نوفمبر لكنه لم يتغن بها مرة اخرى ولم يسجلها للاذاعة وقدمت له العديد من الاغنيات الاخرى بعد ذلك ( لو مشتاق حقيقة ? وشاية ? أبقى ظالم – غالي عليّ ? لو داير تسيبنا ? سحابة صيف ? وسيم الطلعة ? يا زمن ? فرحة خطوبة ) ومعظم هذه الاغنيات لحنها الموسيقار عبد الطيف خضر . انتهى .
الذري وود الحاوي
يعد الموسيقار عبد اللطيف خضر ود الحاوي من أكثر الملحنين الذين تعاونوا مع الفنان ابراهيم عوض – يقول الموسيقار ود الحاوي : إن علاقته بإبراهيم عوض بدأت وعمره لم يتجاوز آنذاك ال 16 عاما عندما كان ضمن الفرقة الموسيقية لإبراهيم عوض على آلة الاكورديون وقال إن الخلاف الذي نشب بين الشاعر الملحن الطاهر إبراهيم وإبراهيم عوض الذي أدى الى توقف التعامل الفني بينهما جعله يتجرأ ويطلب منه السماح له بتلحين بعض الاغنيات . رد عليه ( والله لو بتقدر أنا ما عندي مانع ) ذكر ود الحاوي أنه قبل أن يبدأ في تلحين أية أغنية ذهب إلى الطاهر ابراهيم واستأذنه فسمح له ودعا له بالتوفيق عن طيب خاطر لكن بعد فترة عادت المياه الى مجاريها بين الاثنين لان الخلاف كان بسيطا ,. يقول ود الحاوي : أنا و إبراهيم دخلنا في تحدي حتى تظهر الأغنية الاولى في التعامل بيننا في شكل جديد وجميل لأن من سبقوني في التلحين له كانوا من القامات الفنية السامقة ..عبد الرحمن الريح ? الطاهر إبراهيم والحمد لله أعتقد أنني وفقت في أول لحن قدمته إلى إبراهيم عوض أغنية ( غاية الآمال ) التي كتب كلماتها الشاعر عوض أحمد خليفة . انتهى ?
الذري والسني الضوي
كان اول تعاون بين إبراهيم عوض والموسيقار السني الضوي في أغنية ( مين قساك ) ثم ( ليه بتسأل عني تاني ) و ( قاصدني ما مخليني ) وكان الموسيقار السني الضوي سببا في العلاقة الوثيقة التي ربطت بين إبراهيم عوض والشاعر محجوب سراج الذي كتب كل الاغنيات التي لحنها السني الضوي .
ولد الفنان ابراهيم عوض عام 1933 بحي العرب بامدرمان وهو يعتبر من رواد الغناء السوداني ،حيث برع في ادخال الايقاعات الراقصة والسريعة و آلات النفخ التي لم تكن معهودة لدى السودانيين في ذلك الوقت أواخر الاربعينات و أوائل الخمسينات واستفاد من الموسيقى الشعبية للشعوب الاخرى , وترك لمكتبة الغناء السوداني أكثر من 150 اغنية , ويعد الفنان ابراهيم عوض من المطربين الذين ساهموا في تحويل الكسرة إلى أغنية كاملة وذلك بتقديمه مجموعة من الاغنيات ذات الإيقاع الخفيف الراقص , وهو أول مطرب سوداني تغنى من خلال التلفزيون السوداني في العام 1963 فى عهد الرئيس الأسبق المرحوم الفريق إبراهيم عبود ..الفنان ابراهيم عوض يعد بكل المقاييس ظاهرة فريدة في عالم الأغنية السودانية وفي قصته نموذج للفنان العصامي الذي نشأ في أسرة متوسطة الحال واستطاع أن يكون عنوانا مشرقا للفن ومرآة عكست وجها ناصع البياض . هذا قليل من كثير من حياة الراحل المقيم الفنان الذري إبراهيم عوض ولو أردنا ان نملأ كل صفحات هذه الصحيفة بالحديث عنه لما استطعنا، لأن الحديث عن ابراهيم عوض يطول ويطول و يطول , رحمه الله رحمة واسعة
التيار
اللهم تغمده برحمتك يا ارحم الراحمين واسكنه فسيح جناتك مع الشهداء والصديقين .
يا غاية الآمال لو دعاك الشوق ما كان جافيتنا زمان وأنت الحنان والزوق
رحم الله أبو خليل ورحم الله الزمن الجميل .. أغنية باكية في كل مفرداتها أغنية رفيقة مشاوير الصبا كثيرا ما ترنم بها من أمثال شخصي الضعيف في فترة السبعينات التي إنقضت وإنفض سامر المفردة الجميلة التي لا زالت تتأرجح ما بين جمال فرفور وذاك المغني الذي يقول . أدبك وزوقك خلوني إتكسر فوقك بردلب أقع.. رحلت أبو خليل أبو دكتور هاشم ودكتور مازن وتركتنا لن أرث جميل من فن راقي .. صاغ مفرداته لك الطاهر إبراهيم . النعمان على الله . إبراهيم الرشيد . سيف الدين الدسوقي .. اللواء عوض أحمد خليفة صاحب العيون الباكية .. والبقية تطول.. هرمت الذاكرة وبقي منها ما بقي من فنك الراقي الأصيل.. الله يرحمك في الدارين .. الحنين / جدة
اللهم تغمده بواسع رحمتك واسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقاً
اللهم تغمده برحمتك يا ارحم الراحمين واسكنه فسيح جناتك مع الشهداء والصديقين .
يا غاية الآمال لو دعاك الشوق ما كان جافيتنا زمان وأنت الحنان والزوق
رحم الله أبو خليل ورحم الله الزمن الجميل .. أغنية باكية في كل مفرداتها أغنية رفيقة مشاوير الصبا كثيرا ما ترنم بها من أمثال شخصي الضعيف في فترة السبعينات التي إنقضت وإنفض سامر المفردة الجميلة التي لا زالت تتأرجح ما بين جمال فرفور وذاك المغني الذي يقول . أدبك وزوقك خلوني إتكسر فوقك بردلب أقع.. رحلت أبو خليل أبو دكتور هاشم ودكتور مازن وتركتنا لن أرث جميل من فن راقي .. صاغ مفرداته لك الطاهر إبراهيم . النعمان على الله . إبراهيم الرشيد . سيف الدين الدسوقي .. اللواء عوض أحمد خليفة صاحب العيون الباكية .. والبقية تطول.. هرمت الذاكرة وبقي منها ما بقي من فنك الراقي الأصيل.. الله يرحمك في الدارين .. الحنين / جدة
اللهم تغمده بواسع رحمتك واسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقاً