تونس .. الجرح الأخضر ..

إذا الشعــب يومــا أراد الحيــاة فلا بـــد أن يستجيب القــدر
ولا بـــد لليــــل أن ينجلـــي ولابـــــد للقيـــــد أن ينكســـــر
ومن لم يعانقــه شــوق الحيــاة تبخــر فــي جوهــا واندثـــر
هكذا رسم ذلك الشاعر الفذ بأحرف التفاؤل الخضراء صورة تمجد إصرار الشعوب على العيش بالكرامة إينما كانت .
الى أن يختتم أبو القاسم الشابي معلقته تلك ..بما يماثل مبتدأها من خالد الحِكمة الشعرية بقوله..
وتبقـى الغصــون التــي حملــت ذخيــرة عمــر جميــل عبــر
معانقة وهي تحــت الضبــاب وتحــت الثلــوج وتحــت المــدر
لطيف الحيــاة الذي لا يمــل وقلــب الربيــع الشــذي النضــر
وحالمــة بأغانــي الطيــور وعطــر الزهــــور وطعــــم المطــــر
وبعده بعقود عدُة عمد هذه الكلمات عملياً بإحراق عود الجسد في ليل الحياة حينما إدلهم شارعها بظلمة الظلم .. شاب أخر هو البوعزيزي فكانت تونس بداية الهبة التي سلكت طريقها الصحيح نحو التواضع على حب الأرض وسجد ابناؤها وبناتها عليها مقبلين ثراها الممهور بالدم والنار وهم على قلب إنسان واحد رغم إختلاف مشاربهم السياسية ..فحموا ثورتهم بقلم الدستور وكتبوا في صفحة التاريخ ما لم يستطع بلوغ سبيله الآخرون الذين سلكوا الإتجاهات الخاطئة التي أبعدتهم عن جادة الثورية و حطت بهم في بركان الفوضى غير الخلاقة !
بالأمس وفي الذكرى الخامسة لثورتهم قام شباب تونس بعملية جرد حساب ..عنوانها نريد الشغل والتنمية ..وخرجوا لتذكير الساسة بأن الثورات ليست إقتسام المغانم في بيدر الحكم بين من يحصدون مازرعه صانعوها في حقلها الباكر !
لم يقل وزير الداخلية هناك تبت يدُ المخربين فأطلق عليهم كلاب الخطة الثالثة ليزهق أرواحهم الثائرة خروجا الى الشارع وفقاً لحق مستحق كفله لهم دستور البلاد.. ولم تخرج صحف النظام بعنوان كبير مثلما فعلت صحف الإنقاذ فوصفت المظاهرات بأنها إنتفاضة العاهرات والشواذ ..بل أقصى ما لحقهم هو الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه تحسباً لإنجراف سواعد المندسين خلف الحقد الطبقى والمدفوعين بعجلات الحاجة نحو أسلوب التخريب والنهب و إتلاف الممتلكات العامة .. وهي مسئؤلية السلطات ولكن دون إستخدام السيارات التي تقتل بدون لوحات نظامية ليتبعثر دم الشهداء هدراً في رجفة إنكار الحكومة لصلتها بتلك القوى الشيطانية !
نعم من حق الشباب أن يخرج لا لخنق الثورة التي صارت مثالا لو إتبعه الأخرون لما تحولت نسمات الربيع في بلادهم الى جحيم أحمى نصال داعش فوق رقاب العباد ..ولا لؤاد الديمقراطية التي أتت بإسلامي تونس فقالوا للآخرين هو حمل ثقيل تعالوا أعينونا على حمله ولم يكونوا مثل جماعتنا الذين يصرون على المضي الى يوم الدين وهم يحملون قفة مشروعهم المثقوبة وهي تنثر على رأس الوطن هشيم الفشل الذي يحترق عند أقدام الحياة التي تسير بلا نعل الكرامة الذي يقيها رمضاء الذل !
هي تونس تلك الرقعة الصغيرة الخضراء التي يعيش فيها شعب يصعد الى أهدافه بمدارج الوعي الإجتماعي المتقدم عن فكر السياسة بعدة سنوات ضوئية وهاهو يشدها من شعر جنوحها ليذكرها بأن الجرح ما زال أخضراً ولابد من تضميده بقسمة العدالة حتى لا يتقيح نخراً بأصابع العطالة !
[email][email protected][/email]
دوماً يا برقاوي تونس
في مقدمة الصفوف
و هى المبادرة بإحتراح ثورات
الربيع العربي
و ظلت تناضل من أجل أن تتفتح
أزاهير ربيعها
و تقف صامدة و صلدة في وجه
من يريدون إقتسام حصادها
و لعل الوعي الإجتماعي و السياسي
و الفكري الذي يتميز به الشعب التونسي
كما أشرت بذلك يا برقاوي هو الذي حفظ
لتونس إخضرارها !؟!؟….