تقرير المصير.. مناوي يجس النبض

عادل إبراهيم حمد

أدلى السيد مني أركو مناوي بتصريح لافت لجريدة «العرب» التي تصدر في العاصمة البريطانية، حيث قال إن النظام السوداني يسعى لفصل إقليم دارفور على غرار ما تم في جنوب السودان، وإن حكومة البشير تدفع حركة تحرير السودان إلى المطالبة بتقرير المصير وتضمينه ضمن المطالب السياسية.. يوحي الجزء الأول من التصريح بأن النظام السوداني مقدم على خطيئة وطنية، ثم يكشف الجزء الثاني أن حركة تحرير السودان هي التي سوف تقدم على هذه الجريرة. ثم يدفع رئيس حركة تحرير السودان بـ (القرينة) المبررة، حين يقول إن النظام بسياساته المستفزة قد اضطرهم لارتكاب هذه الخطيئة؛ أي أن النظام ليس فاعلاً مباشراً لكنه يتحمل المسؤولية كاملة عن فعل لا يجهل فاعله المباشر.. تصريح خطير يمس ركناً وطنياً ركيناً. فسارعت السلطة الحاكمة ممثلة في د.أمين حسن عمر إلى التبرؤ مبكراً من جريرة تطوعت حركة تحرير السودان بالتورط فيها، الشيء الذي منح النظام فرصة الظهور في صورة الحريص على وحدة السودان. هذا موقف متوقع من النظام خاصة بعد أن وجد ثغرة ينفذ منها للطعن في حركة دارفورية رئيسة. لكن ما يدعو للتساؤل هو غياب رأي التنظيمات المعارضة الأخرى في أمر جلل يستوجب وضوح الموقف.

غياب رأي المعارضة نتاج طبيعي لمنهج عقيم يعيد إنتاج الخطأ في كل مرة. منهج الركون إلى الراحة وتجنب مشقة البحث والدراسة، وهو ما يفسر افتقاد المعارضة لرؤى خاصة بها واكتفاءها بإبراز أخطاء النظام ومساوئه. لذا لا يستغرب تفاجؤ فريق من المعارضة بقرار مدوِّ يتخذه فريق آخر كما حدث في موضوع تقرير المصير الذي يصم بدويه الآذان، بدون أن يكون للمعارضة رد الفعل المستحق وتكون صورة المعارضة أكثر وضوحاً عند مقارنتها بتجربة أخرى عمدت فيها معارضة إلى نهج مغاير؛ أعني المعارضة الإثيوبية ضد نظام منجستو. حيث أعدت المعارضة برنامجاً تواضعت عليه مختلف الفصائل، فلم تختلف فصائل المعارضة بعد سقوط منجستو حول كيفية إدارة الدولة، ووضعت على الفور دستورا يضمن حقوق (شعوب وقوميات وأمم) إثيوبيا..
المعارضة التي تميل للحلول السريعة المريحة والنافرة من مشقة البحث والدراسة. اكتفت بتقديم (وصفة) تقرير المصير في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية، بدون أن تكلف نفسها البحث في اختلاف الظروف التي تقلب فيها هذه المبدأ؛ فقد نشأ مبدأ تقرير المصير في مرحلة الاستعمار بغرض تمكين الشعوب المستعمرة من حقها في نيل الاستقلال لأوطانها. فنال المبدأ الممهد لحرية الشعوب قوة قانونية وأخلاقية، ثم تحور المبدأ بعد مرحلة التحرير ليصبح أداة لتحقيق تطلعات أقليات دينية أو عرقية تشكو الظلم داخل أوطانها. هذا التحور قلل كثيرا من القوة القانونية والأخلاقية التي تمتع بها المبدأ عند نشأته الأولى، لأن إجماع الشعب على استقلال الوطن لا يشبه استفتاء جزء من الشعب على قرار انفصال إقليم عن الوطن الأم. هذا ما عناه د.أحمد السيد حمد عندما أعلن اعتراضه الصريح على إقرار التجمع لمبدأ تقرير المصير قائلاً: إن السودان قد قرر مصيره في عام 56.

إذا كان إقرار مبدأ تقرير المصير في أسمرا قد شابه تعجل وقصور وغفلة لا ينفيها خصوصية وضع الجنوب، فإن مجرد التفكير في إعادة ذات السيناريو في إقليم تجمعه ببقية الوطن ملامح التشابه وأسباب التواصل يعتبر جريمة واستهتاراً. لكن الواقع السياسي الذي يعبر عنه الطرح الجديد لمناوي ورد فعل المعارضة البارد يؤكدان عدم الاعتبار بما تم في ملف الجنوب، حيث كان التعجل في عرض تقرير المصير، سواء في فرانكفورت أو في أسمرا. وكان التفريط في خيار الكونفيدرالية الذي تبنته الحركة الشعبية ذاتها ثم تراجعت عنه بعد أن أحست بأن المعنيين بالوحدة لا يمانعون في التنازل إلى أقصى حد ولو بلغ تقرير المصير.. فما تفسير البرود تجاه احتمال إعادة آفة تقرير المصير رغم هذه الدروس والعبر؟

الحالة لا يفسرها فقط عجز المعارضة عن البحث والتقصي، بل ثمة عامل آخر يتمثل في مداهنة المعارضة السياسية لحاملي البندقية، فقد ظلت المعارضة السياسية تقر ضمناً بعدم جدوى الوسائل السلمية في مقاومة النظام، وأن الثمن الذي ينبغي تقديمه للمعارضة المسلحة في مقابل إنهاكها للنظام هو قبول ما تطرحه بلا إبداء ملاحظة أو تحفظ، وغض الطرف عن هنات المعارضة المسلحة، ثم غض الطرف عن أخطائها، ويستمر التنازل حتى يبلغ غض الطرف عن خطاياها ولو انحدرت إلى المطالبة بتقرير المصير.

تصريح مناوي الصاعق يمثل صفعة يفترض أن توقظ المعارضة السياسية وينبهها إلى ضرورة إعادة النظر في فكرة التمييز الإيجابي للمعارضة المسلحة بما جعلها فوق المراجعة والمساءلة والمحاسبة.

العرب

تعليق واحد

  1. مافي فايدة في الوحدة. والتحية للدكتور آدم محمد والذي اعلنها واضحة نعم لاستقلال دولة دارفور .وياريت كل كتاب دارفور يحذو حذوه ويريحونا من نخبة فاشلة عنصريين همهم خداع وغش قادة الهامش لشراء ولاءاتهم من غير مايتعبو نفسهم بحل الأزمة ، وهذا ينطبق علي كل الحيكومات الاتعاقبت وأسواهم النظام الحالي ، نعم لاستقلال دارفور ،

  2. لا أستغرب من كلام منأوى لا الناس هناك بتموت بالجملة, والناس في تلك المناطق هم الواطئن الجمرة, وهم براهم الشاعرين بحرارتها لاغيرهم من الشعب الباقي في المناطق الاخر. أقول الشعب في باقي الوطن الاسمه السودان عايشين في سلام لاانتينوف ولا ميج ولا جنجاويد ولا كلاشينكوف عيشين عيشة غفلة ولايشعرون بالاخر. فاذا قال مناوي او اي واحد من تلك المناطق ونادى بالانفصال فله الحق لانهم هم الوحيدون الذين اكتوا بنار الحرب, والحرب والقتل ملاحقهم حتى في العاصمة الخرطوم وباقي الولايات الاخر. فاذا انفصلت دارفور فالكل مشارك, نعم الحكومة مشاركتها عملية وباصرار وترصد, واما بقية الشعب فبالسكوت كانت مشاركتهم. والله يكذب الشبنة

  3. رد خائن حسن عمر فيه رعبة غير معلنة ان يكون الكلام جد ..(يعنى الله لا يكضب الشينة)
    والعياذ بالله .. كما ان كلام مناوى كقائد لا يمكن ان يكون نضال السنين اخره انفصال دارفور .

  4. كلام فارغ …مالك اتحاملت على المعارضة كدا و تركت الاسباب والوقائع والفاعل الاوحد في كل بلاوي الوطن .. نظام المؤتمر اللاوطني المترع بالبُغض , والشّنان والمقت

  5. انفصال دارفور ليس هو الحل لمشاكل دارفور والسودان لانه سيتحول الي ممالك كما كان . لذا يجب ان يكون خيارك الاول الوحدة .

  6. هذا النظام نظام حسن الترابي وقبيلته ذو الوجه المخفي له وهو يمثل دور زعامة المعارضة ليلغي دورها ويقوم هو بذلك والآن وبعد انشغال العالم بمهام أخري في بقاع مختلفة بدأ يكشف عن وجهه الحقيقي وذلك بتمثيلية التقارب مع النظام وهو بدبر لإستمراره الي الأبد والثمن الباهظ لذلك وهم يمارسون القبلية بأبشع صورها فتجد الترابي والبشير وسوار الدهب من نفس القبيلة الواحدة يعتلون هرم الدولة ويدثرون بثياب القومية ولا أحد يتحدث عن قبائلهم وهم من قبيلة واحدة وضيعة لم تذكر في تاريخ السودان القديم إلا عرضاُ وبينما إذا اتي شخص آخر يهاجم بقبيلته وجهته وبالذات إذا كان من دارفور أو من شرق السودان أو جبال النوبة أو من جنوب النيل الأزرق أو من بقية انحاء السودان الكبير فيمكنني أن أطلق عليهم مهندسي التشرذم والتفتيت فما مصلحة دارفور مثلا في البقاء مستعمرة من قبل امثال هؤلاء الذين يدسون سم الفتن بين القبائل حتي يضمنون استفحال العداء الداخلي حتي لا ينعموا بالإنفصال إذا انفصلوا كما حدث في الجنوب مع العلم ان نفس القبائل موجودة بجمهورية تشاد فلماذا لم نسمع بالحروب القبلية بين القبائل العربية وغير العربية بتشاد جارة دارفور ما يؤكد انها فتنة مفتعلة تزول بزوال المؤثر سواء كان تغييراُ للنظام او إنفصالاُ كما حدث بالجنوب نعم مصلحة دارفور الحقيقية في التغيير أو الانفصال لتنعم بمواردها الغنية والعلاقات المفتوحة مع العالم الخارجي فأسألكم بالله كم طبع هؤلاء من العملة بمطابع العملة المحلية بإسم السودان ودارفور وكم كان نصيب دارفور منها كما أن للدولة الحق في إستيراد السلاح لحماية مصالح الدولة السيادية فماذا كان نصيب دارفور من ذالك السلاح المستورد بإسمهم وماذا كان نصيبهم من البترول المستخرج من أراضي غرب السودان والجنوب وما هو نصيبهم من التنمية في قطاع الطرق والكهرباء والخدمات الأخري وما هو نصيبهم من الوظائف السيادية العليا والوسيطة والدنيا مثلا ضباط جهاز الامن والشرطة والوظائف الاتحادية وإذا نظرنا الي بقية النمازج الأخري لنطبق عليها نفس الاسئلة مثلا شرق السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق وأقصي الشمال ووووو نحلص الي ان الحل الوحيد …….هو التشرذم والله المستعان

  7. الانفصال ليس حل لمشكلة دارفور إنما حلها تكمن في إطار الحل الشامل والتضحيات التي قدمتها دارفور ثمنها اكثر من الانفصال والان واقع الإقليم تكذب ذلك التصريح وهنالك نموزج ماثل أمامنا جنوب باتت اسوء مما كانت

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..