ياسين سليمان: في رواياتي أطرح أسئلة ولست معنياً بالإجابات

* الإنسان العربي محروم عاطفياً ويتهم الغرب بالإنحلال الخلقي? إنه الحقد الطبقي المعروف
القاهرة ? محمود ابراهيم:
روائي سوداني، صدرت له رواية ?الحب من طرفٍ ثالث?، ورواية ?منغولي?، والمجموعة القصصية ?بنات الداون تاون?، وكتاب ?محمود عبد العزيز، مع سبق الاصرار والترصد?، وحديثاً صدرت له رواية ?نون النزوة? التي أثارت الكثير من ردود الأفعال في الوسط الثقافي العربي والسوداني بسبب جرأتها في تناول حياة المرأة الجنسية، أو ما تتعرض له المرأة من تحرشات، وتأثير ذلك عليها.
يقول عن كتاباته، ?أنا واثقٌ أنني خضت رهاناً مع نفسي لأمكن الصوت الأنثوي الذي يمثله السارد من التحرك داخل الرواية بحرية نادرة دون أن تحول المتاريس الذكورية التي يقيمها صراع النوع داخل بنية النص?، ويضيف ?في الرواية السارد لا يصرخ بالانابة عن المرأة كما تعودنا في تجارب موازية، لكنه يجعل المرأة تحكي تفاصيل ما جري ببساطة، دون أن تتوقف عند نقاط التفتيش الذكوري التي تفرض رقابتها على الصوت الأنثوي حتي تتأكد أنه صار مطابقاً للمواصفات المطلوبة?.
حول الرواية والأدب الجنسي، ولماذا يتملص من كلماته الجريئة في كتاباته، يقول، ?ما أنا الا وسيط فقط?، التقت ?السياسة? الكاتب الروائي ?ياسين سليمان? في هذا الحوار.
[CENTER][/CENTER]
* لماذا يقترن اسمك بلقب ?حبيب نورة?؟
* من أكثر الأسئلة التي توجه لي، من هو حبيب نورة، ولماذا تلقب بهذا الاسم؟. أما السبب فيعود الى بداياتي الأدبية حيث كنت نشيطا جدا في المنتديات الثقافية، وكان الناس في ذلك الوقت يكتبون بأسماء مستعارة، فهي عادة سودانية، أما الأسباب الشخصية فهي الارتباط بالوطن، فالوطن في السودان يسمي ?عزة? و?نورة?، وغيرها من الأسماء الأنثوية، ?نورة? اذن هي الوطن، وهي الحبيبة.
* هل تأثرت بهذا اللقب أو أثر عليك؟
* كان مناسبا لي في ذلك الوقت، وأنا الذي نشأت في الريف، أن أختبئ خلف هذا الاسم المستعار ثم انطلق منه الى الاسم الحقيقي. الاسم المستعار يعطي حرية أكثر للكاتب. تميزت منذ وقت مبكر بالجرأة، وكتاباتي تميزت بالجرأة أكثر، ولأنني قادم من بيئة ريفية كان لابد من التخفي خلف اسم مستعار.
* لماذا تتركز كتاباتك حول المرأة؟
* استضافني عدد من مراكز وجمعيات تهتم بشؤون المرأة، وكان هذا السؤال أيضا حاضرا في تلك المناقشات والندوات، وحوصرت حصارا شديدا من جانب النساء الحضور بهذا السؤال. أما الاجابة فقد تربيت ونشأت في بيئة كانت معظم علاقاتي مع النساء، كانت ودودة جدا، لقد نشأت وسط خالاتي وجدتي، ووجدت أن العلاقات الانسانية لابد أن تمر عبر النساء، وكل قضايا العائلة والقرية كانت تمر عبر النساء.
* هل انعكست تلك النشأة على كتاباتك؟
* لا أعتقد أنني تمكنت من تقمص شخصيات النساء، لكن في نص ?نون النزوة? استطعت أن يكون السارد أنثي، وأعطيتها مطلق الحرية أن تقول ما تشاء. كانت تجربة فريدة، فأنا أكتب عن المرأة، لكن لم يسبق لي أن تحدثت بلسان المرأة.
[CENTER]
قضايا جريئة
* ما القضايا التي تناقشها في الرواية؟
* الرواية جريئة جدا، تناقش قضايا انسانية ونسائية متعددة بداية من المدرسة الى الشارع، وحتي السجن. تعرض قصة فتاة سودانية تأتي من القرية الى المدينة لتستقر في المساكن الداخلية للجامعة، تتعرض لتحرشات جنسية مثلية، وعندما تخطئ صديقة البطلة وتحمل حملا غير شرعي تتعرض لموت الجنين، ثم تتعرض في السجن للظلم، وفي الشارع تتعرض لكثير من المشكلات، تبيع جسدها حتي تعيش، بعد فترة تبدأ مرحلة تصحيح المسيرة، بل تصبح ناشطة للدفاع عن حقوق المرأة.
* لماذا ?نون النزوة?؟
* لأن النزوة تلعب دورا كبيرا في حياة شخوصها. الرواية تهاجم الرجال المتحرشين ومن يسعى الى جعل الأنثى مجرد وليمة. محاولة لمحاربة الظواهر السلبية التي كانت سببا في مشكلات اجتماعية كبيرة، محاولة لارسال صوت لم تستمع اليه الأسرة في البيوت ليعرفوا ما يدور خارج جدران البيت.
* هل أحداث الرواية واقعية؟
* يمكن أن تكون واقعية بنسبة 90 في المئة. قابلت في الخرطوم طالبات الداخلية في الجامعة، وصديقات لديهن تجارب في السكن الداخلي، العمل العام، الشارع، وغيرهن، عكست تجربة هؤلاء الفتيات بطريقة أدبية داخل الرواية، أنها عبارة عن تحقيق لا أكثر.
* لماذا تتميز كتاباتك بالجرأة اللفظية وجرأة تصرفات البطلات؟
* الجرأة داخل النص للضرورة، يتطلبها النص نفسه، لا يمكن أن نتخفي خلف عبارات مهذبة لارضاء الذوق العام، لابد للأديب أن يكتب بمنتهى الأمانة، فاذا كان النص يدور داخل ماخور أو حانة، فلابد أن يتحدث الكاتب بلسان من يتواجدون داخل هذا الماخور، هذه الحانة، لم أجد بدا من الزج بتلك العبارات داخل النص.
* هل تعتبر كتاباتك من الأدب الجنسي أو ما يطلق عليه الأدب المكشوف؟
* لا يمكن، لم أتطرق الى الجنس في أعمالي الا لضرورة أدبية. اعتقد أن فهم النص من جانب القارئ بصورة خاطئة يتحملها هو، لقد كتبت الرواية وللقارئ الحق في الرضا عنها أو ينصب المشنقة للسارد، أما الكاتب فبرئ تماما ما يسرده السارد أو ما يطلقه من عبارات.
* لماذا يسعى بعض الكتاب الى الجنس في رواياتهم؟
* كثير من هؤلاء يسعون ليس لكسب ود القارئ بل للحصول على أكبر قدر من المبيعات، إنهم يبحثون عن الكم وليس الكيف. الزج بالجنس داخل السرد الروائي والقصصي دون ضرورات ?محض اسفاف?.
* ما الفرق بين التي تسلم جسدها لحبيبها من دون مقابل وتلك التي تبيعه؟
* من الناحية الانسانية احترم التي تقدم جسدها لحبيبها من دون مقابل، عكس التي تقدم جسدها مقابل حفنة دراهم. لي دوافعي الخاصة التي أؤمن بها، قد يكون الأمر لأسباب شخصية لكن التعميم في تلك الحالة يكون مخلا، يمكن لشخص آخر أن تكون له وجهة نظر أخرى وأنا احترمها.
* هل هناك تشابه بين بطلاتك وبطلة الطيب صالح خصوصاً في ?موسم الهجرة الى الشمال?؟
* لا يمكن، بل لا يجوز المقارنة بين شخصياتي وشخصيات الطيب صالح، لكن السؤال يجب أن يكون هل يكتب الكاتب عن ذاته أم عن غيره. لقد لعبت الغربة دورا كبيرا في حياة الطيب صالح انعكست آثارها على كتاباته، فقد كان الحنين والشوق لبلاده في خمسينات القرن الماضي كبيرا، بينما أنا في القاهرة أجد نفسي قريبا من السودان، ومصر بالنسبة لي سودان مصغر، بينما كان صالح في بريطانيا لديه كمية كبيرة من الشحنة العاطفية وضحت في كتاباته. لا يمكن المقارنة بين السردين أو شخصيات روايته وروايتي.
* أليس من المفترض أن الكاتب هو من يقود المجتمع؟
* أنه يقود المجتمع من خلال كتاباته، ويكتب وينظر، وعلى القراء أن يؤمنوا أو لا يؤمنوا بما يكتب.
* كيف وهو غير مقتنع بما يكتب؟
* معظم التنظيرات الضخمة التي غيرت العالم لم يكن معظم مطلقيها مقتنعين بها.
* هل تهتم برأي القارئ فيما تكتب؟
* أنا أطرح أسئلة وقضايا من خلال رواياتي ولست معنيا بالاجابات.
* ماذا عن مجموعتك القصصية ?الداون تاون?؟
* غيرت عنوانها من ?الهارب من الموت?، الى العنوان الحالي لأنني رأيت العنوان قاتما، وتدور حول تجارب عدد من الفتيات، وأبرزها بنات وسط المدينة. أصدرت المجموعة بهذا العنوان لأنه جاذب للقارئ وبياع.
* هل يجب أن يكون عنوان الروايات جاذبا للقارئ؟
* ليس بالضرورة، فرواية ?الحب من طرف ثالث?، يشعر القارئ بوجود الطرف الثالث فعلا بين سطورها، أما رواية ?منغولي? فقد اتخذت الاسم من قضية الطفل المريض ب¯ ?متلازمة داون?، أو ما يعرف شعبيا بالطفل المنغولي، بينما عنونت كتاب سيرة ?محمود عبد العزيز?، بأن أضفت الى اسمه عبارة ?مع سبق الاصرار والترصد، ما يشد القارئ الذي يوحي اليه العنوان الى وجود سر أو شبهة جنائية في وفاته.
* هل تكتب عن تجربة شخصية، عن تجارب للآخرين أم أنها وحي من الخيال؟
* كتاباتي مزيج من التجارب الشخصية، تجارب الآخرين، والخيال، ففي ?الحب من طرف ثالث? كتبت كثيرا من سيرتي الذاتية، فبطل الرواية والكاتب قدما الى مصر باعتبارها منفذا للعلم، ولغرض أدبي، وأشياء كثيرة أخري. قدر البطل يشبه قدر كاتبها والأمر في النهاية مجرد مصادفة.
تجربة عاطفية
* هل تتعمد الدخول في تجربة عاطفية لتكتب رواياتك؟
* لا يمكن أن ادخل في هذه التجارب لكنها تساعدني في دخول الجو العام للقصة أو الرواية، أنها تدخلني في جزئيات العمل العاطفية في كل عمل، في لحظات المراجعة أتذكر انه في نفس الوقت كان لي قصة أو لقاء، فاستفيد من ذلك.
* لماذا يهتم العرب بالجنس كثيرا ولماذا يقبلون على الكتابات الجنسية؟
* لأن الانسان العربي محروم عاطفيا، وتربيته العاطفية هشة، بعكس الانسان في المجتمعات الغربية. هناك يربون أطفالهم تربية جنسية وعاطفية سليمة، والشارع عندهم لا يوجد فيه تحرش الا قليلا. لقد طلبت يوما من أسرتي السفر الى أوروبا، وكان الخبر بمثابة الكارثة، إنهم ينظرون الى الغرب حسب تصورهم بأنه مجتمع دعارة. الحقيقة أن المجتمع الغربي لا يعاني من المشكلات العاطفية التي تكاد أن تكون معدومة.
* اذن لماذا يهاجم الشرقيون الغرب أخلاقيا؟
* من منطلقات دينية نحاكم الغرب، نتهمه بأنه منبع الفساد، رغم أن الحوادث الأخلاقية تحدث بطرق قانونية في الشرق، وبأساليب متفق عليها.
* هل ترى ذلك اسقاطا من جانب الشرق؟
* نعم، اعتبره اسقاطا من الشرقيين على الغرب، انه الحقد الطبقي المعروف.
* تقصد الحقد الحضاري؟
* نعم، انه حقد حضاري، فنحن نتباكى على حضاراتنا التي تحولت الى ?آثار تزار?، مجرد مزارات. إننا في المنطقة العربية وافريقيا نتباكى على ارثنا القديم ولا ندري كيف نستعيد ما كنا عليه.
* كيف نستعيد حضارتنا التي كنا عليها؟
* في تقديرى أن الأمم المتقدمة لم تتقدم الا لأنها أعطت الفرصة لكتابها ومفكريها ليكونوا نوافذ للاستنارة والفكر، للأسف في السودان كنا نبحث عن مكان طليعي في المجتمع، لا نبحث عن اعتراف بانتاجنا لكن نود تسليط الضوء عليه، اذا بالحكومة تغلق اتحاد الكتاب السوداني، وكثير من المراكز الثقافية المستنيرة. لابد أن نعطي المفكرين الفرصة ليقدموا الاستنارة للآخرين.
* ما جديد كتاباتك؟
* أعكف حاليا على ?تشطيب? رواية ان جاز التعبير أعمل على كتابتها منذ ستة أعوام، اخترت لها عنوان ?ماتسلا?، وهي تحوير لعبارة ?ما شاء الله?. تدور أحداثها حول شاب من قبيلة وثنية يترك قريته الى احدى الدول حيث يعتنق الاسلام، وحينما يعود بعد عشرين عاما من الغربة يرى والدته التي لا يبدو عليها أي مظاهر للتقدم في السن، فيقول لها ?ما شاء الله?، كانت أول مرة تسمع العبارة، وكانت تنطقها ?ما سالا?، كانت أسرته والقبيلة يضحكون من طريقة نطقها للعبارة، فأطلقوا عليها لقب ?ما سلا?. أتوقع أن يثير الاسم عاصفة من التساؤلات عند طرحها في الأسواق ويكون العنوان سبيلا للمبيعات.
السياسة
في رواية ( الزانية ) للكاتب البرازيلي ( باولو كويلو ), ذاك الذي كتب أشهر روايات القرن العشرين تحت عنوان ( الخيميائي ) نجده في ( الزانية ) يتحدث بلسان أنثوي من البداية إلى النهاية , بلسان صحفية متزوجة وسعيدة ولكنها وعلى حين غرة تلتقي بحبيب مراهقتها الذي أصبح سياسيا فتقع في حبه مرة أخرى , وتحارب زوجته حتى الموت , وكانت أولى أسلحتها أن تكون أنثى مطواعة , وتحت الطلب الفوري لذاك السياسي , الذي يلتقي بها في مكتبه , وحين يشاء, ومع أنها في وادي الصمت الجنسي لا تتناغم معه , ولا يمرحان في عالم النزوة كفرسي رهان , إلا أنها تتشبث به , وتهيم بملاقاته , إلى أن تكتشف أن تلك العلاقة السرية جعلت النزوة أفضل وأكثر زخما وأعتى موجة في فراش الزوجية , وفي مراحل السرد تتحدث عن كل شئ : أنواع الجنس , المخدرات , الفراغ , القلق , حب الأبناء ( لها ولدان ), الوحدة , جنون الحب , الإذلال الجنسي , الماضي , التغيرات , الرحلات , الزيارات , وف النهاية بعد قلق دام تهبط من أحد جبال سويسرا بمظلة , وتواجه التحدى , وتختبر مشاعر أخرى , كي تعود لحياتها الزوجية بعد أن اكتشفت حقيقة نفسها ..
يقول كويلو على لسانها : ” يخون الرجال , ذاك في شفرتهم الوراثية , وتفسد المرأة لأنها لا تملك من الكرامة إلا النذر ” و ” أن نحب بفيض يعني أن نحيا بفيض , أن نحب إلى الأبد يعني أن نحيا إلى الأبد , الحياة الأبدية والحب متلازمان . “
يا ابني كتاباتك تصويرك للأشخاص المواقف فيه ابداع رائع وسحر بياني جميل قلما نحن نراه اليوم في كل ما كتب بالعالم العربي في يومنا هذا ،م وفق ان شاء الله
ووجدت أن العلاقات الانسانية لابد أن تمر عبر النساء، وكل قضايا العائلة والقرية كانت تمر عبر النساء.
* الرواية جريئة جدا، تناقش قضايا انسانية ونسائية متعددة بداية من المدرسة الى الشارع، وحتي السجن. تعرض قصة فتاة سودانية تأتي من القرية الى المدينة لتستقر في المساكن الداخلية للجامعة، تتعرض لتحرشات جنسية مثلية، وعندما تخطئ صديقة البطلة وتحمل حملا غير شرعي تتعرض لموت الجنين، ثم تتعرض في السجن للظلم، وفي الشارع تتعرض لكثير من المشكلات، تبيع جسدها حتي تعيش، بعد فترة تبدأ مرحلة تصحيح المسيرة، بل تصبح ناشطة للدفاع عن حقوق المرأة.
…………….. الشكر لك استاذ ياسين سليمان حقنا هذا ما تحتاج له المراة ان يسمع صوتها وان يعرف المجتمع ما تتعرض له من مضايقات وظلم ……
ومن هنا اناشد كل الاسر بتربية ابنائها تربية مئقفة وان تعطيهم مطلق الحرية علي ابداء رأيهم وتحسهم دائما علي الثقة بالنفس