والله أيام زمان “3-3” أشعار وحكاوي قديمة.. وسخان القلب ما بنضّفو الصابون

الخرطوم ? محمد محمد علي منصور
والأشعار والحكايات القديمة لا تنتهي، إذ أن سيرتها الباذخة تظل شامخة على المستوى الشفاهي، لكنها للأسف غير مبذولة كما ينبغي على المستوى التحريري (التوثيقي)، فلا نجد إلاّ لماماً من يدأب على توثيق القصص والأحجيات و(المجادعات) الشعرية للسابقين. ورغم ثراء التراث الشعبي واحتشاده بالكثير من الحكم والعبر والقصص والدروس، إلاّ أننا كثيراً ما نمسك عنها ولا نودعها (بطون) الكتب، فتضيع عنا وتنقطع عن الأجيال اللاحقة. وهكذا فكرنا أن نستثمر في المتاح من مساحات الكتابة لنُسوِّد فيها النزر اليسير من الحكايات والسير والأخبار والأشعار القديمة لعلنا نرمي حجراً صغيراً في اللجة الراكدة.
سعاد بنية شيخ علي
وهذه عينة من حكايات زمان مغايرة لقصة السلطان، دعونا نسمي بطلها الراوي، ثم نحكيها كما وردت باللغة الدارجة: “كانوا زمان يعتبروا هذا النوع من الرواة صعاليك، الواحد عندما يَشِبْ عن الطوق ويبقى للعِرِسْ مافي ناس بِيَقْبَلوهُو خوفا لما يحتمل أن يَجُرّهُ على نفسه وعليهم من عار. طلب أحدهم بنتا وكانت من عائلة معروفة ولما رفضوه أنشد قائلا: سعاد بِنَيَةْ ناس علي اسماً كبير ما بتستاهلي/ الراوي كُنْتِي تقدري اللَعَمِنُو بيكن مُبتلي/ واللهِ حاقاهو الوَصِف شينة ووِشيهِك مُنْحَنِفْ/ إن قَعَدَتْ عَنْزَ العرب/ وإنْ قامت قِرْدَ الحلب/الكُرْعينْ رُقَاقْ ومَشَقَقَاتْ ماضَاَقْن الرَبَلْ أبْ رُباط/ الشعر ضَنَبْ الغزال تَاِمُنو بي خيتْ التِجار/ والنَخَرَة طَفايتَ السِجار/ حافة وَعَدْمَانَة القِرِشْ من الوسَخْ بى تِنْكَرِشْ/ والله حاقاهو الوصف شينة ووجيهك مِنْحَنِفْ”.
الهجاء والمدح
وإبراهيم الفراش الذي عاش في التركية السابقة وسنأتي إلى حلقات مطولة عن سيرته لاحقاً (بإذن الله) كان بحب واحدة اسمها الدون لأكثر من 15 سنة وأسهب في مدحها قال: (إياها دوني/ راحة بدنِي نُوارة عيوني/ بشوف ساعة مُنْكَرْ نِكيرْ باكر يجوني/ يلقوا الدون معاى ما بيسألوني). سبحان الله لقد عميت بصيرته من شدة ولعه بها. ولما غدرت به هجاها قائلاً: (كم شويمتَا في عَقَبَة ونَتِيلَة/ بَجِيبْ مَصْروفْ كتير ما مْبَقِي حِيلة/ بريدِك من زمن مُدَدَاٍ طويلة).
ساعة الحارة
أنشد البدوي أبياتا من الدوبيت ملؤها حكم وأمثال فقال: (سواق القطر ما بْجَرِّب البنطون/ وعميان البصر ما ظن يَعَرْفَ اللون/ عريان العروض ما ببقى زول مامون/ ووسخان القلب ما بْنَضِّفُو الصابون/ القلبْ إن جَنَحْ ما بجيب نَصُرْ لي سيدو/ والزول البريدك أخير من التريدو/ الشخص البليغ في السير بِمَاشِي نَدِيدُو/ ما شُفْنَا الصغير في العين بِدَخِّل إيدو/ المال الكتير ما ظن بِيَبْقَا رَجَالَةْ/ والروح غير أجل ما ظِن يتم تِرْحَالةْ/ الزول البِصُونْ عَرْضُو ؤيَسْتُرْ حاَلَهْ/ ساعة َالحارة فوق الدنيا ما بْخُتْ بالَهْ).
خاوي الرايو واسع
أما الراوي، محمد نافع علي، فقد أنشد أبياتا تحض على التآخي ونبذ الفرقة والشتات: (خاوي الملان في الطيبة/ خاوي النفسو من تاَلاكَا قاطعة الرِّيبة/ خاوي النَجْدَتُو وكتين تدورو قريبة/ تَخَلي الخوة لله ماهو راجي ضريبة/ خاوي الرايُو واسع وللهموم فرّاج/ خاوي الإيدو طايلة وللضُعافْ درّاج خاوي المِنُّو ما بصُدْ بالقَمَاحْ مُحتاج/ خاوي الليك بِكُونْ ساعةَ الضُلُمَة سِراجْ/ خاوي اللحدَبْ المِنَّ الحِمُولْ ما بْكِلْ/ خاوي المِنُو ما بتسمع كَلِمْةَ الضِلْ/ خاوي اللي رفيقو على الفضيلة بِدِلْ/ خاوي البِنْصَحَكْ وكت النَصِيحَه تْقِلْ).
يا قلبي الشديع
وهذه العينة من الشعر للفرَّاش أصبحت مضرباً للأمثال، قال: (أزمنتا غايب/ حليل سعدية دِيفْتُ أُمَّات حقايب/ بلا مال إن رَجَعْ بيقولوا خايب/ بخاف شَمَتْ العِدَا ولوم القرايب/ دايما بحارب/ حُبِك يَا امْ رِشُومْ لَدْغَ العقارب/ مَحَوَرْ للخَصِيم مُسْمَاري ضارب/ أخير الموت ولا شَمَتْ الأقارب/ ولَّفْتّ نَمَّة/ يا قلبي الشَدِيعْ خاتي المَهَمَة/ اتْحَصَنْتَا بي يس وَعَمَّ/ ترى التمساح بشيل الأجَلُو تمَّ
البيوم التالي