وصفات ناجعة.. البدائل التربوية للعقاب في المدارس

الخرطوم – زهرة عكاشة

“عرف المعلمون بالتعامل بصرامة واضحة تقتضيها هيبة المعلم وقيمة العلم، ونادراً ما نشاهد أساتذتنا وهم يضحكون، وهناك أحد أساتذتنا بالمدرسة لم يحدث أبداً أن رأيناه ضاحكاً أو مبتسماً، فهو دائماً عابس الوجه، وإذا شاهد هذا الأستاذ أحدنا وهو في حالة من السعادة فإنه يسارع إلى البحث عن سبب لقلب هذه السعادة إلى حزن. إنه يحب أن يظهر سعادته برؤيتنا ونحن في حالة من الحزن”.

هذا الحديث جزء من بحث قامت به منظمة رعاية الطفولة بالسودان، قدم وصفاً لأشكال العقوبات البدنية المستخدمة ضدهم وكان أكثرها شيوعاً الجلد بالسوط، وروى الأطفال تجارب من عقوبات مثل الصفع، الضرب أو الركل، إما بوساطة المعلمين أو الأبوين.

وصفة الدليل

لذلك دشنت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم دليل البدائل للعقاب البدني في العام 2011، الذي أعدته الدكتورة ناهد محمد الحسن، بالتعاون مع منظمة رعاية الطفولة السويدية، وأصدر وزير التربية والتعليم آنذاك محمد أحمد حميدة القرار رقم (10) القاضي بمنع الجلد في جميع مدارس الأساس بولاية الخرطوم.

ما بين مؤيد ومعارض

اختلف خبراء تربويون حول (دليل البدائل التربوية للعقاب البدني)، واتهم المعارضون لما ورد فيه، منظمات غربية باتخاذ الحديث عن العقاب البدني مدخلاً لتسييس قضايا بعينها، وشددوا على أن تلك المنظمات تمارس ضغوطاً على الحكومة عبر منح المساعدات الفنية، فيما انتقد مدير التعليم الديني بوزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم آنذاك محمد إبراهيم فضل المولى من قاموا بإعداد الدليل، لجهة استعانتهم بنظريات أوروبية، وأنها تسعى إلى تجريم المعلم، ودافع المؤيدون عن الدليل بأن الإسلام نهى عن الضرب، وقالوا إن الضرب لم يورث إلا المشاكل التي تدين المعلم في المقام الأول، وأورث جيلاً مهزوزاً ليس بقدرته بناء وطن ونتج عنه تسرب الطلاب من المدارس، وأوصوا بعقد ورش تدريبية لمديري المدارس وتبصيرهم بالبدائل التربوية للعقوبة البدنية وإدخال محاور البدائل للمعلمين الجدد مع وجود باحث اجتماعي في كل مدرسة.

دفاع مستميت

فيما دافعت معدة الدليل د. ناهد محمد الحسن بشدة عن الدليل وقالت إن الضرب سلوك يعمل على تأخر البلاد ناتج عن عدم تربية شخصيات لها القدرة على الابتكار رغم أن دول الغرب تطورت عبر علوم إسلامية، وأنها أعدت الكتاب وفقا لتوجيهات التربويين.

أفكار مقترحة

منذ إعلان جنيف لحقوق الطفل في (1924)، توالت الاتفاقيات الدولية التي تراعي الاهتمام بحقوق الأطفال، ويعتبر السودان من أوائل الدول التي صادقت ووقعت على اتفاقية حقوق الطفل في أوائل التسعينيات والتي قامت على مبادئ أساسية تضمنت حق الطفل في الإمداد الصحي والغذائي والتعليمي وكل ما يكفل له نموا سليماً، بالإضافة إلى حق الطفل في المشاركة والاستماع لرأيه وتوفير الحماية اللازمة له، وناقش دليل البدائل التربوية للعقاب البدني القضايا الأساسية التي تأتي مراحل النمو والتطور عند الأطفال على رأسها، للتذكير بالمراحل الطبيعية وخلق الحساسية لدى المعلمين لفهم متطلبات النمو السوي وخلق توقعات معقولة في سلوكيات الأطفال وفقاً للفئة العمرية المحددة كما ناقش العقوبة البدنية وآثارها السلبية والمعوقة للنمو والتطور النفسي والاجتماعي عند الأطفال مع نماذج من وجهات نظر الأطفال، كما احتوى على الأفكار المقترحة لتعديل السلوك لدى التلاميذ دون اللجوء للعقوبة البدنية كمقترحات من معدة الدليل قابلة للحذف والإضافة وفقاً لظروف كل مدرسة، حتى أنها لم تأت بتغطية كل المشاكل التي تواجه التلاميذ.

تدريب وملحق

وقامت إدارة التدريب بوزارة التربية والتعليم ولاية الخرطوم بتدريب “1000” معلم على الدليل في ورش عمل مختلفة، وأبان الدليل أن إدارة التدريب ووجهت بالكثير من الأسئلة المرتبكة إزاء موقف الإسلام من العقوبة البدنية التي تتخذ في كثير من الأحيان ذريعة لما توصلت إليه العلوم الحديثة باعتبار الفهم الخاطئ للدين، الأمر استدعى ملحقا للدليل تحت شعار (الرحمة أساس المنطلقات التربوية في الإسلام)، بالإضافة إلى استبيان حوى مجموعة من الأسئلة التي كانت تطرح على المعلمين لمعرفة موقفهم من العقوبة ومقترحاتهم للبدائل والظروف التي يعاقبون فيها.

معوق للسلوك الإنساني

وأكد الدليل أن العقوبة البدنية في المجتمع هي وليدة إيمان عميق بأهميتها باعتبارها الوسيلة التربوية المتوارثة بين الأجيال لسهولة تطبيقها ولقدرتها على كف السلوك الخاطئ في الحال مع التنفيس عن حالة الغضب وإشباع الحاجات العاطفية للمعلم الذي ربما يعاني مشكلات أسرية أو اجتماعية أو في علاقته مع زملائه في العمل بشكل يرفع حساسيته للتوتر والإثارة ويقلل قدرته على الفهم والتجاوز، وشدد الدليل على أن العقوبة البدنية تشكل معوقاً أساسياً للسلوك الإنساني عند الأطفال، إذ أنها تضعف تقدير الذات لديهم وتقدم نموذجاً عنيفاً لحل المشكلات وتكرس لمشاعر الخوف وسلوكيات تجنب العقوبة القائمة على الكذب والهروب.

خطورة بالغة

وبالتالي فإن خطورة العقوبة ـــ من منظور حماية الطفل ـــ أنها تضعف شخصية الطفل، وضح ذلك جلياً من خلال البحث الذي أجرته منظمة رعاية الطفولة بالسودان ووصف أشكال العقوبات البدنية المستخدمة ضدهم، وقال (78%) من الأطفال إن معلميهم أو آباءهم يستخدمون السوط عند معاقبتهم، و(65%) من الفتيات قلن إن المعلمين أو الأبوين استخدموا معهن وسائل أخرى مثل اللطم على الكتفين والقرص في أجزاء مختلفة من الجسد و(3%) من الفتيات تعرضن للصفع، وحوى دليل البدائل التربوية تأثير الضغوط النفسية على العملية التعليمية والأطفال وتعديل السلوك والبدائل التربوية للعقوبة البدنية في المدارس والأفكار المناسبة لعلاج المشاكل السلوكية وإستراتيجيات الوقاية ومعالجة التحديات السلوكية وبرنامج وقاية الضحايا.

تجربة رائدة

الآن وبعد أربع سنوات من إعداد الدليل وقرار وزارة التربية والتعليم، عملت عدد من المدارس بما جاء في دليل البدائل التربوية للعقاب، كما يحتفي غداً معهد حقوق الطفل بالتعاون مع المجلس القومي لرعاية الطفولة، بالتجربة الرائدة في تعزيز حقوق وسلوك الطفل الإيجابي لتكون أنموذجاً لكل مدارس السودان

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. لا توجد بدائل ولا بطيخ اولا اذا جئنا لتعاليم الاسلام فهي واضحة في العقاب البدني واما اذا جئنا للنظريات الغربية فهناك دراسة تشير الي ان العقاب البدني انجع في تعديل السلوك من الاطراء والمدح وهذه دراسة حديثة اجريت في امريكا
    لكن الذين يعارضون العقاب البدني فيقولون هناك من يسيء استخدامه فهنا نقول لهم هذا مثل العمليات الجراحية هل موقفها بسبب الاخطاء الطبية
    فلا يوجد ثواب بدون عقاب ولا يوجد عقاب بدون ثواب
    اما البدايل مثل الدرجات ودرجات السلوك فهذه كلها وسايل غير فعالة وقد جربتها قرابة عشرين سنة واكثر
    فالرجوع الي الاصل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..