وجبة السحور التي لا تظمأ بعدها أبداً.. لبن الإبل

الخرطوم: زينب صالح

تُعدُّ الإبل من المخلوقات التي تجلت فها عظمة الخالق سبحانة وتعالى، أليس هو القائل “أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت”؟ وعلاوة على عظمتها ورفعتها فإن فوائدها ومنافعها بالنسبة للإنسان لا تحصى ولا، فالإنسان يستفيد من (وبرها، لبنها، لحمها، وحتى من بولها).

حري بنا الإشارة إلى أن الإبل من أكثر الحيوانات التي تتمتع بقوة خارقة، إذ يمكنها تحمل (الجوع) والظمأ لفترات طويلة جداً، لشهر أو يزيد، حيث أنها تعمل على تخزين الماء داخل (ظهرها) وتحديداً في ما يُعرف بـ (السنام)، لهذا السبب أطلقوا عليها سفن الصحراء.

محبوبة ومرغوبة

والإبل محبوبة ومرغوبة في بوادي السودان كافة، ولكن أهل بادية الكبابيش لا يقدرونها بثمن، إذ يعتمدون عليها في أعمالهم كافة، ففي فصل الخريف يحملون أمتعتهم على ظهورها ويرتحلون عليها من مكان إلى آخر بحثاً عن الكلأ والماء.

وفي هذا السياق، التقت (اليوم التالي) بــ (علي الشيخ بله) صاحب أكبر(حوش) إبل يحتوي على ما بين (70 – 80) ناقة في مدينة شرق النيل، وتحديداً منطقة أم ضوأً بان ليكشف لنا أسرار لبن الإبل في شهر رمضان المعظم، فقال: بعد أن أجبرتنا الظروف على المجيئ إلى العاصمة جربنا ممارسة العديد من المهن، لكننا لم نجد أمامنا بداً سوى العودة إلى مهنة آبائنا وجدودنا التي مارسوها منذ مئات السنوات، وهي الإتجار في الإبل، لذلك قررت أن أمارس مهنة بيع لبن الإبل داخل الخرطوم بعد ما أدركت القيمة الصحيِّة التي توجد فيه، وإلى أى مدى يحتاج إليه الناس في العاصمة وخاصة في رمضان.

خفيف جداً

يواصل (علي الشيخ بله) حديثة قائلاً: من المعروف عن لبن الإبل أنه خفيف جداً لذلك عندما تنظر إليه يطرأ على ذهنك أنه مضاف إليه قليل من الماء، ولكنك عندما تتذوقه تعرف أنه لبن ذو مذاق حلو جداً، وتشعر كأنه مسكر، وهذا هو لبن الإبل الطبيعي دونما إضافات، وهو يختلف كثيراً عن لبن (الماشية) الأخرى، إذ يعد غذاءً متكاملاً وعلاجاً ناجعاً بالنسبة لمرضى السكري، كما أنه يعد وجبة (سحور) رئيسة بالنسبة لبعض سكان العاصمة، فعندما تشرب كوباً من لبن الإبل في (السحور) يقلل من (العطش) في نهار رمضان، لذلك فإنه يمثل لدى قطاع واسع وجبة مفضلة في السحور.

لا زيادة في الأسعار

وبناء على ما سبق، ورغم الزيادة على طلب لبن الإبل في شهر رمضان يجعل سعره يرتفع، علاوة على ارتفاع سعر (العلف) في رمضان، ومع ذلك فإن سعر رطل اللبن يكون ثابتاً، بحيث يترواح ما بين (8- 9) جنيهات، لذلك يكون بيني وبين زبائني سعر ثابت لا يمكن أن أغيره، إن كان في رمضان أوغيره. وأضاف: في رمضان نعمل بنظام جديد نفصل الإبل ونقسمها إلى فريقين الأول يطلق عليه السراحين ويبحثون عن العشب في الأشجار التي توجد أطراف (حوش) الإبل، وهذا الفريق يتكون من (الجمال) الذكور فقط، وقليل من (النياق) الكبيرة أكبر من (سنة)، أما الفريق الثاني فيتكون من (النياق) التي (تحلب) ومعها صغارها، وهذا الفريق يتم حجزه داخل (الحوش) ويقدم له (العلف) في صفائح من حديد تسمى (الدروا) وكما نعمل على تغيير طريقة (حلب) اللبن، نعمل أيضاً على تغيير طريقة توزيعه، ففي شهر رمضان يتم (حلب) الإبل في المساء وتحديداً بعد الإفطار مباشرة، ولكننا نعمل على (حلب) نوع معين منها، كالتي لا يوجد لديها صغار، أما التي يكون لديها فنعمل على (حلب) قليل منها ونترك الباقي لصغارها.

مريح جداً

يستطرد على قائلاً: تنتج (الناقة) الواحدة ما بين(5- 6) أرطال يومياً، وتستغرق فترة (الحليب) نحو (3) ساعات، وبعد الانتهاء من الحليب نضع اللبن في الثلاجة ثم نعبئه في قوارير (كريستالات) صغيرة وكبيرة، ثم نضعها في شاحنة مخصصة لتوزيع اللبن، ونجوب بها على الزبائن المعتادين داخل العاصمة، سواء أكانوا أصحاب (بقالات) أو غيرها.

يضيف علي قائلاً: لا يقتصر نشاطي في بيع اللبن الطازج فقط، وإنما أعمد ? خاصة في شهر رمضان ? على (حلب) (ناقتين) أو أكثر وأترك لبنها لمدة يومين أو تزيد في الثلاجة حتى يصبح حامضاً (روب) وأبيعه إلى المنازل بجانب (السمن).

وختم حديثه بقوله: العمل في تجارة بيع لبن الإبل مريح جداً داخل العاصمة على عكس الإبل في البادية، فهنا لا تبحث عن الماء ولا عن العشب وإنما نعمل على إطعامها وسقايتها كل أربعة أيام، ونضع (علفها) ونحفظه داخل مخزن في نفس (الحوش) الذي تعيش بداخله، ولكن في البادية عليك الذهاب إلى أطرافها حيث المرعى، لا يستثنى عن ذلك شهر رمضان والحر الحارق وإنت تبحث عن الكلأ والماء، وبإمكانك أن تسير على هذا الحال لمدة لا تقل عن (18- 20) يوماً

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..