مقالات، وأعمدة، وآراء

تعدٍ على الشارع العام!

أسماء جمعة

الخرطوم عاصمة تزخر بالكثير من المناظر العجيبة والغريبة والمُتناقضة، أحياناً تكون قبيحة في مكانٍ جميلٍ أو جميلة في مكانٍ قبيحٍ أو غير مُناسبٍ أو مُخالفة قانونية صريحة، وهي كلها تشكل حالة الفوضى التي تُسيطر على المشهد العام للخرطوم وهو ما يعطيها مظهراً غير حضاري، حتى أصبحت واحدةً من العواصم الأكثر فوضوية في العالم، ولا شك أنّ هذا يحدث نتيجة الإهمال وعَدم تَطبيق القوانين بحسم على الجَميع وتقاعس السلطات التي تغض الطرف كثيراً عن المُخالفات والتجاوزات خَاصّةً تلك التي تَتَعَلّق بالأراضي، ومع أنّ الصُّحف دائماً ما تتحدّث عن هذه الأخطاء وتَكشف عن مكانها للجهات المُختصة، ولكن لا حياة لمن تُنادي! ولن أعدد المناظر والصور المقلوبة والمُخالفات التي نمر بها صباح مساء ولها عشرات السنوات لم تنظر الحكومة في أمرها!
زميلنا المصور البارع عباس عزت لديه حساسية عالية تجاه المناظر عموماً، وخاصةً تلك التي بها تناقض نتيجة مُخالفة أو تجاوز رسمي ارتكبته مُؤسّسة حكومية، وقد التقط الأيام الماضية صورة مُعبِّرة نُشرت بأخيرة (التيار) أكثر من مرة، وكتب تحتها ملاحظة دقيقة بألف كلمة، تقول: (وزارة المالية الولائية تتغوّل على شارع القصر بإنشاء حديقة جميلة ولكنها تُعرِّض حياة المُشاة للخطر)!! أي أنه ينبه سلطات الأراضي الحكومية لمخالفة واضحة غضت عنها الطرف! ونحن نسأل السلطات أين البلدوزر الذي يدك المخالفات التي يرتكبها المُواطنون دون تَردُّد، رغم أنّها أقل من مُخالفة وزارة المالية عشر مرات، لماذا لا يُطبّق القانون على وزارة المالية؟ هل لأنّها وزارة أم أنّها تدفع مُقابل وجود الحديقة، أم أنّ هناك قانوناً لا نعرفه يسمح للمُنشآت الحكومية بالتّغوُّل على الشوارع حتى ولو كان الأمر خطراً على المَـــــارّة ؟!
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، أذكر أنّ البنك الفرنسي الذي يبعد خطوات من وزارة المالية، أنشأ مرة أمامه حديقة جميلة أصغر بكثير من حديقة وزارة المالية، ولكن بعد اكتمالها قامت المحلية بدكها فوراً، فما هو عذر السلطات الذي يجعلها تزيل حديقة البنك الفرنسي وتسمح ببقاء حديقة وزارة المالية، وإن كان العذر أنها منظرٌ جميلٌ، فحديقة البنك كانت أكثر جمالاً.

قبل فترة قام جهاز إزالة المُخالفات وحماية الأراضي في الخرطوم بإنفاذ حملات لإزالة المخالفات في عددٍ من الشوارع الرئيسية بمُختلف المحليات في الولاية، وقال إنّ عدد المُخالفات التي أزالها بلغت (2285) مُخالفة، بعضها تابعة لجهات دبلوماسية، ألم يرَ الجهاز هذه المخالفة أمام وزارة المالية بشارع القصر ذات نفسه؟
عُمُوماً وجود مثل هذه الحديقة يعكس صورة سيئة عن مؤسسات الدولة، ويثبت أول ما يثبت أنّها (شغّالة على كيفها) لا تحترم القانون ولا تنفذه ولا تطبِّقه، وإن كانت هذه الصورة نُشرت لمؤسّسة خاصّة لسارعت المحلية بإزالة الحديقة دون تردُّد.. وعليه هذا بلاغٌ لجهاز إزالة المُخالفات وحماية الأراضي في الخرطوم، وللسيد معتمد الخرطوم ضد وزارة المالية ولاية الخرطوم التي تغوّلت على الشارع  العام وَعَرّضت حَياة المَارّة للخطر، فهل يا ترى ستقوم بإزالة المُخالفة أم أنها ستتركها؟ سننتظر وستكون لنا عودة.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..