قوموا إلى صلاتكم

قوموا إلى صلاتكم

صلاح يوسف
[email][email protected][/email]

المصلين إلى سماع الجملة الختامية المألوفة (قوموا إلى صلاتكم) خاصة حين تدور الخطبة في فلك القصص المعادة والأقوال المأثورة والمحفوظة عن ظهر قلب عند أغلب المصلين، فالإنسان بطبعة لا يحب التكرار والعزف على وتيرة واحدة في مادة استوفت كل جوانب الإيضاح وإلا انصرف مكرها عن السماع وذهب بعيداً بالتفكير في غير ما جاء من أجله0 وفي هذه الأيام التي أعقبت تحرير هجليج بعزيمة القوات المسلحة والمتطوعين من أبناء الوطن وفئات الشعب الذي توحد حول القضية وبتعاطف المجتمع الدولي معنا بحكم تبعية هجليج لأرضنا الطاهرة، نال هذا التحرير حظه الكامل من التغطية الإعلامية والتحليلات والاستطلاعات والخطب الحماسية في مختلف منابر الرأي المسموعة والمرئية والمقروءة ولم يتبق لنا سوى الالتفات إلى لب الموضوع وجوهره المتمثل في التأمين المستقبلي وإصلاح الخلل ومعالجة الأضرار الناتجة عن الغزو وحل القضية المحورية بما يكفل استقراراً دائماً، أي أن الوقت قد حان لكي نكف عن الثرثرة واجترار وقائع الأحداث ونقوم إلى صلاتنا المتمثلة في العمل الجاد لوضع نهاية لملف الخلاف0

حين نختلي بأنفسنا ونسترجع شريط الأحداث لابد أن نجيب على تساؤل حول السبب الذي جعلنا نغفل عن تأمين منطقة نعلم قيمتها الاقتصادية وحساسية موقعها المتاخم لأرض دولة لا زال جيشها يحمل مسمى تحرير السودان، فكيف فات علينا أن نتركها عارية الظهر إلا من بعض البوابين مما سهل على الغزاة الدخول بيسر وسهولة إلى أعماقها والعبث بمقدراتها حتى صار أمر إصلاح خسرانها عبئاً يقتضي التضحية بالمال والصبر لوقت قد يطول لكي نعود إلى مربع وضعنا السابق0 ويتوجب علينا أن نعي تماماً السبب الذي جعل العالم يتعاطف معنا، هل لأن العالم يحب سواد عيوننا أم للخطأ الذي ارتكبه جيش دولة جنوب السودان بدخوله واحتلاله بقعة في حدود دولة أخرى وهي السودان، فلم يكن أمام ذلك الجيش سوى الخروج مهزوماً ومتراجعاً مطأطئ الرأس يطلب الأمان للإنسحاب0 وفي هذا التعدي درس لنا لكي لا نتعمق في حدود دولة جنوب السودان سواء بالفعل أو التلميح الكلامي ليتم تفسيره وفق هوى الآخر حتى لا نضع أنفسنا في موقف لا نحسد عليه لأن جميع الدول التي تعاطفت معنا تتحين مثل هذه الفرصة لكي ترد لنا الصاع صاعين0

يتوجب علينا أيضاً أن نستثمر هذه السانحة، ولو بعد فترة حين تهدأ النفوس، للجلوس بثبات وحكمة وشجاعة على طاولة الحوار لإنهاء ملفات القضايا المتعلقة بما يكفل لنا ولدولة جنوب السودان مناخاً صحياً للتعايش والتعامل واضعين نصب أعيننا مصلحة الشعبين حيث أن كل الدلائل تشير إلى ضرورة ذلك وحاجة كل دولة للأخرى لتنصرفا إلى تلبية تطلعات شعبيهما للأمن والتنمية والاستقرار لأن أبجديات السياسة تقول بأن لا عداءات أو صداقات دائمة وإنما هناك مصالح دائمة0 ولعلنا نلحظ تلك الحسرة التي أصابت دولة جنوب السودان والتأثير السلبي الذي جعل رئيسها يهادن في القول ويطلب الأمان لقواته بل ويميل إلى التحكيم ويعلن صراحة مدى الضرر الاقتصادي الذي سيعود على بلاده جراء إغلاقه لآبار البترول الذي يشكل عصب حياته خاصة وأن الأيام أثبتت له تراخي الذين وعدوه بالوقوف إلى جانبه اقتصادياً دون أن تلوح في الأفق بادرة جادة0 وعموماً إذا تدارست دولة جنوب السودان تجربة هجليج وتأملت نتائجها بعين فاحصة، ستعيد قراءة حساباتها وتغير مفاتيح منطقها الحواري المتصلب الشيء الذي سيخلق تربة صالحة لحوار جاد لا بديل له مهما طال أمد التشاحن والتعنت والاحتراب0

تعليق واحد

  1. هذا كلام طيب إلا أنك أغفلت أو تغافلت عن أم المسائل و معضلة المعضلات وهي تسلط (المتسلطين، المتكبرين، المفسدين الذين ظلموا الناس بل أنفسهم يظلمون) و هجليج وغيرها و ما حاق بالوطن من انقسام و آل إليه الشعب من تشرذم و و و و كلها ليست إلا نتيجة للسياسات التي أوشكت علي ربع القرن من السنين وارتكست بالسودان إلي ما قبل القرون المظلمة – يجب علي هؤلاء ان يغيروا ما بأنفسهم قبل أن يغيروا {و لا شك ذلك واقع و بهم لاحق} و حدث هجليج فرصة لمغتنم و أما المكابرة فطريقها لاحب غير منبهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..