و مَنْ غير بهيج، بعودة (هجليج) !

و مَنْ غير بهيج، بعودة (هجليج) !

محمّد حسين
[email][email protected][/email]

إن احتلال هجليج لفعلة غير مبررة؛ بل هي جريمة مستنكرة, ولا بد لجارمها من عقوبة مقررة. أما استرجاع هجليج، فأكثر الناس به بهيج؛ لأنه انتهاك حرمة و تعَدِّ علي السيادة. فلذا كان استردادها يَعْمُرُ النفس بالسعادة، إلا إنه لا يعوِّض عمّا ضاع بالاحتلال أو الاستعادة، فإذاً لا بد لمن فرط في هجليج من حساب، حتي ينال جزاءه علي ما جر من خراب.
و علي توالي الحقب و الأزمان، تولي شأن الناس في السودان، كثير ممن عرفوا بذوي السلطان، ولكن كم منهم من أدي واجب الأوطان، كإقامة العدل و صون كرامة الإنسان، أو إزدهار المعارف والنهوض بالعمران، كي ينعم الناس بالحب والأمان؟ بل تسيّدَهم مَنْ اشتُهِر بالتجبر والطغيان. ولما خضع بعض الناس علي الحيف، قرر بعضهم رفعه بحد السيف؛ فعاني الناس نصف قرن من مستعر الحروب، بين (الحكام) في الشمال و (أهل الشأن) في الجنوب، و ظلت تقتات بالشعوب، والحرب لا تأتي إلا بالكروب.
و دار الزمان دورة، وثار فتي من الشمال ثورة، و قال: أنا أنقذ الوطنا، لي خطة ما لها أحد فطنا، و حمل علي ابن الجنوب بالقنا، فثبت غريمه مبارزا و ما وني، و لما تساجلا إلي حدِّ الفنا، نادي الجنوبي: ? ليكُنِ السودان قِسْمةً بيننا؟”، فأجابه الشمالي: ? كما رأيت، راض أنا?. و تعاهدا وكلاهما بالنصر أَوْقَنَا، و استعْبَر الشعبُ الذي بات منهزما، إذ الوطن العملاق اليوم قد قَزِمَا، وليت كل معاهد بالعهد ملتزما.
و أفترق المتسيِّدان و الصدور تعج بالوساوس، و القلوب لم تخل من الهواجس، فجعل كل منهما يعكر صفو الآخر بالدسائس، فإذا أراد هذا بصاحبه سوءا يزعزعُه، أجابه ذاك بكيد من عرشه يَنْزِعُه، حتي عدا الجنوبي يوما علي بلدة هجليج في الشمال، فما قصر قرنه حتي أعادها الجيش مستميتا في القتال، فخرج الشعب في (كرنفال) شكرا لجنده الأبطال، يحاول مدحهم بمثل ذا المقال:
“سودانا الجميل في الدنيا ما في مثيلو
ونحنا حماتو أسود غابو و تماسيح نيلو
البصادقنا حبابو في الحدق بنشيلو
و البعادينا خرابو من الوجود بنزيلو”
وعجبت كيف هذا الشعبُ الباسلُ الأبي، يسومُهُ (السلطانُ) ما حرّم الكتابُ و النبي!
ومَتي يشرع القوم في النضال، أو يجهروا باحتجاج أو سؤال، و حتام يظلوا علي ذا الحال؟ و كل يوم يساقون إلي قتال، لا يزيدهم إلا وبالاً علي وبال، و هل أُخِذَتْ هجليج عن حرص أم إهمال؟ و بالَتفريط دهمتنا (غارة) في عقر الدار؟ ومتي تعود بقيةُ (السبايا ) للديار؟
أم ذهبتْ تلك عطايا تحسينا للجوار؟!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..