الخطأ الإستراتيجي للفهم الوطني الطبيعي

الخطأ الإستراتيجي للفهم الوطني الطبيعي
عباس خضر
هناك خطأ إسترتيجي للفهم الطبيعي للعقل السوداني السياسي العملي الإعتيادي، على الرغم أن مثل هذا الخطأ في المكون الفهمي العادي موجود لكن بصورة أخف وطأة لدى بعض الشعوب في السياسات العامة لديها.
فلدى الشعوب الحرة التنافس الإثرائي الإيجابي وعندنا إستحكم التنافس الإقصائي فلم نستطع أن نحفظ ونحافظ على ما هو موجود ولم نفهم ماهو السالب وماهو المفيد والمجدي للوطن والمواطن وأصبح الأمر السياسي الوطني كعداء حزبي أوشخصي مستفحل.
وكل حزب بما لديهم فرحون بإقصاء الآخر وتشظي المتشظي والكل يسرق مجهود الكل والأول ينهب الثاني والمعارض يفتن الجميع ويتفنن الحاكم في القتل وضرب هذا بذاك.
فأضحى لغرابة البيئة ولهيافة المطلب أن يصيرالتطهير واجب وطني والصالح العام هدم لبناء وكيان.
لاقانون ولايحزنون فقانون القوة غلب قوة القانون وتفشى قانون الغابة.
عليك بالحفظ لابالجمع في كتب
فإن للكتب آفات تفرقها
الماء تغرقها والنار تحرقها
والفار يخرقها واللص يسرقها
للنشأة التربوية السياسية مقارنة بالتنافس الوطني الحر الحقيقي لإعمار الدار وإثراء التجارب وإكمال الحزم البنيوية التنموية بالمفهوم الوطني السياسي الأصيل تشوهت وإختلت لدى المفهوم الوطني السوداني وخاصة في عامة السلك الخدمي والسياسي
فالنشاة التربوية السياسية التي بدأت بعد خروج المستعمرالإنجليزي البارد تشبعت وتشربت حتى ثملت بالفكر السياسي المضاد.
فالضدية العنيفة القوية كانت ضد المستعمر فإنتقلت مباشرة للجنوبيين بعد رحيل المستعمرمن ضد الأحمر الفاقع متحولة للأسود الداكن وتدرجت منتشرة للأخضروالأسمر المخالف في التوجه وعممت تنفيراً وتنكيلاً حزبياً .
الأمة ضد الإتحادي وكأنه عدو لدود، والجبهجية الكيزانية ضد الشيوعية الماركسية اللينينية بإعتبارها عدو لدود.
وتأخذ الأحزاب وتتبع كالإمعات ومعظمها أتى مربوطاً بالخارج ومنقادة إليه كالمنوم مغناطيساً وخصوصاً مصر والسعودية ويؤخذ قشور مكونات أحزابها وأفكارها بدون أصل وقوة وطنية كما بهما.
فالناظر من بعيد والمتأمل المتفحص للأحزاب والحكم والمعارضة يراها وكأنها حرب دينية صليبية بين المكونات السودانية.
فصارت المنافسة الحزبية لحرب بينية بين المكونات الحزبية الوطنية . فطفق الكل يعيِر ويسب ويشتم الكل لإقصاء الغير بغير وجه حق وطني أوقانوني. مما ترتب عنه تآمر وخباثة بين الساسة وجرت بين الأحزاب الدسيسة والخساسة. فأنتفى الوطن وخربت الوطنية وهمشت المؤسسات و المواطن .
وهذا لايمكن أن يحدث في المكون الوطني في أي دولة ذات حكم وطني وسيادة حقيقية تستميت للدفاع عن وطنها وتعز نفسها ومواطنها.
فالحزب الجمهوري الأمريكي لايمكن أن يمزق أويقطع أوصال الحزب الديموقراطي وكذا الأحزاب الأوربية الأخرى لاتسعى لدمار الأحزاب المنافسة لها عكس ما يحدث في دولة تسمى السودان تضحك من جهلها الأمم.
فالوطني الأصلي أصيل المحتدى يعمل من أجل إستراتيجية وطنية عليا لمواطنه ولوطنه وتنميته لا لدمار مكوناته وبنيته التحتية وخدماته الأساسية ومشاريعه ومؤسساته القائمة وتحطيمها وليس من أجل حزبه وتقديس نفسه الفانية ودمار سكانه وأجزائه وضياع أراضيه من أجل بقائه ودوام إستمراره.
وهي الإستراتيجية الخطأ للفهم الوطني الطبيعي المختلة والتي أوشكت أن تطيح بالوطنية والمواطن والوطن ويذهب ريحه.
22 عام من التيه ضاعت فيها الممارسة السياسية الحقة ..
و تم فيها تزوير التاريخ و تدليسه لمصلحة حفنه من الصعاليك و تم تغييب وعي جماهير الشعب و جعل عقولها خالة من أبسط التضاريس لتعي معني ( التعددية) ..
عفوا أخي لم يعد أصحاب الراي في بلدي يملكون وعيا يستشرف آفاق المستقبل و الذي هو بالضرورة يدور في فلك (الوطن و المواطنه) أولا وأخيرا ، فما نعيشه هو محض (زيف) جعل عقلية كبيرنا مثل عقلية صغيرنا.
فإن كانت ممارستنا السياسية (ضعيفة) حتي يونيو 1989 فقد أصبحت ( فقيرة ) بعده و أصبح قاموسنا السياسي معبأ بمصطلحات مثل ( ألحسوا كوعكم ) و ( البيمد يده بنقطعها ليهو ) و ( البيمد عينه بنقدها ليه ) و ( أكسح أمسح قشو ، ما تجيبو حي ) .. و كل ما تغير في الممارسة هو أن الوطن الكبير أصبح هو ( المشير ) .. !! و تتوالى حلقات الضعف لتتلاشي كل فرصة يمكن أن تعيدنا لفهم يؤطر لإقامة دولة بمعني دولة تسود فيها القيم و تسود فيها الوطنية( الحقة) لا زيف المواقف و تضبيبها من أجل أفراد زائلون ، لكن واخوفي أن يزول معهم ما كنا نعرفه بـ ( الوطن ) ..
أشيد جدا بمقالك و إستشهادك بتجربة الغرب و أظننا سنحتاج ( لقرن من الزمان ) لنصل لمثل هذا الفهم و الممارسة ، هذا إن كنا بالغية إبتداءا .