أخبار السودان

المركز الصحي يحتاج إلى “صحة” والمدرسة آيلة للسقوط، ومياه الأمطار تنهمر من فتحات الزنك،

الخرطوم ? عمار حسن
لم تكن الزيارة هذه المرة بعيدة عن الخرطوم، أقل من (100) كيلومتر في اتجاه الجنوب، نصف ساعة وكنا على تخوم محلية جبل أولياء، والوجهة كانت منطقة القادسية، بعد أن بلغتنا شكوى من أهالي المنطقة، والقادسية من المناطق الجديدة، ولعل اسمها يشي بذلك، غير أن الواقع بائس إلى الحد البعيد، الإهمال يضرب كل المرافق الخدمية، كأن لا حكومة هناك ولا مسؤولين، كأن المنطقة لا علاقة لها بالعاصمة الخرطوم، والمواطن مغلوب على أمره خانع وراضٍ، ولكن المفارقة التي يصعب تصديقها أن الحكومة لما انتبهت للمنطقة، استثمرت فيها، حينما شيدت محلات تجارية حول بسط الأمن الشامل، الذي يجاور المركز الصحي المتهالك.. في هذا التحقيق، لن نكتفي بنقل حكايات الشهود، ولكن سنجعل الصورة أيضا تحكي.
المركز الصحي: انهيارات ونفايات
ما أن تطأ قدماك باحة مركز صحي القادسية بمحلية جبل أولياء جنوب الخرطوم ينتابك شعور بالدهشة، ويتفاقم أكثر عندما يخبرك القائمون على أمره أنه بلا حمامات، وأن المياه ظلت مقطوعة عنه وقتا طويلا، ثم يتعاظم هذا الشعور عندما تشاهد بأم عينيك انهيار سوره بالكامل حتى أصبح معبرا للمارة باتجاه السوق، الأمر الذي جعل فناءه يشبه مكب النفايات التي تتكدس في مناطق متفرقة منه، معطونة في برك ومجارٍ وحفر، إنه أمر لن تجد له تفسيراً ولا مبرراً سوى الإهمال، فالحفريات بجانب أنها صارت مكباً للأوساخ باتت تعيق وصول المرضى إلى المركز الصحي.
عنابر سيئة
وفي السياق كشفت جولة (اليوم التالي) في حي القادسية مربع (21)، عن ترد مريع في بيئتي الصحة والتعليم، غير أن المركز الصحي بجانب عدم وجود (حمامات) به وانقطاع المياه عنه، فإن (عنابره) التي أعدت لاستقبال المرضى بدت غاية في السوء، بيئة صحية منهارة، غياب تام للصيانة، أثاثات قديمة، وطقس حار لا يطاق إذ لا توجد (ولا مروحة سقف واحدة) داخل العنبر، أما غرفة العمليات الصغيرة التي ينبغي توفرها في أصغر مركز صحي فلا وجود لها هنا في القادسية، أما اقسام (التغذية، التأمين الصحي، التحصين، الإحصاء) فتنحشر وتحتشد كلها في مكتب واحد يضيق بالموظفين ويضيقون به ذرعا.
مأوى للجريمة
توجهنا صوب عبدالرحمن زياد نائب رئيس اللجنة الشعبية بالحي، والذي أكد أنهم في حالة شكوى مستمرة للمسؤولين، عن الحال الذي تعيشه المرافق الخدمية في القادسية، وأكد أن المركز الصحي بجانب أوضاعه السيئة، كثيرا ما يتعرض للسرقة، بل وبات مأوى للجريمة لـعدم وجود نظام عام بالمركز.
أدوية فاسدة
وكشف عبد الرحمن في حديثه لـ(اليوم التالي) عن تعطل العمل بالمعمل لعدم توفر المياه معظم الوقت، كما أن المعمل لا يوجد به تكييف، أما الصيدلية فهي الأخرى تفتقر للتكييف مما يتسبب في تلف الأدوية، ونوه إلى أن محليه جبل أولياء شرعت في تشييد محلات تجارية أمام مركز بسط الأمن الشامل دون إبداء أسباب منطقية مما أدى إلى إغلاقه لتنتشر الجريمة حول المركز بصورة أكبر.
طلاب خارج المدرسة
وعلى صعيد آخر تشهد مدرسة الشهيد عمر أحمد الأساسية بنين في ذات الحي أوضاعاً أسوأ وإهمالاً أشد، أوصل بيئتها إلى درك سحيق، كانت نتيجته نفور الطلاب من المدرسة، وتهربهم للشارع، وقال زياد إن المواطنين ظلوا يشتكون من الوضع المتردي للمدرسة، حيث توجد بها أربعة فصول متهالكة تفتقر للمراوح ومكتب تحت التشييد، وتعاني من نقص حاد في إجلاس الطلاب والأثاث المكتبي للمعلمين، ووجود أربعة فصول لم تكتمل بعد مما اضطر الطلاب للدراسة في (رواكيب).
أطفال في خطر
ما لا يمكن تصديقه، هو حال الحمامات في مدرسة الشهيد عمر أحمد، قبل أن تقترب، ستزكم أنفك الروائح النتنة المنبعثة منها، وهي حمامات (بلدية)، بلا أبواب مما جعلها مجمعا لأكياس البلاستيك والأوراق المتطايرة، غير أن الطلاب مجبرون على التعامل مع كل ذلك، ولكن المشكلة تكمن في أن هذه الحمامات مع كل عوراتها، متآكله في أطرافها، وعلى وشك الانهيار، وتشكل خطرا حقيقيا على حياة الطلاب، وهم لا يأبهون، ويستخدمونها لقضاء حاجتهم، ولما يشعر أحدهم بالخطر، يستخدم التلميذ حائط الحمام من الخارج ليفرج عن نفسه. المعلمون أجمعوا على أن الوضع خطر وأبلغوا الجهات المسؤولة ولا حيلة لهم أكثر من ذلك.
زياد: المحلية تعلم
ومن خلال الجوله لاحظت (الصحيفة) تصدعات واضحة بسور المدرسة وانهيار جزء منه، ولفت زياد إلى أن الطلاب يعانون من مشكلة في الإجلاس بينما يعاني المعلمون من نقص حاد في الأثاث المكتبي، وأوضح أن إدارة المدرسة خاطبت المجلس التعليمي بالمحلية بخطاب ممهور بتوقيع مديرها واللجنة الشعبية يحمل كل ما تحتاجه المدرسة وأنهم تلقوا وعودا لكن لم يصلهم أي دعم حتى هذه اللحظة.
تشييد فصول: أكثر من 9 سنوات
وعن الحال في فصل الخريف قال زياد إن المدرسة لا تستطيع مواصلة الدراسة نسبة لرداءة الفصول الدراسية الثمانية حيث تعاني أربعة منها من وجود فتحات في الزنك مما يؤدي إلى وصول المياه إلي داخل الفصول، والأربعة الأخرى لم يكتمل تشييدها منذ العام 2006م وتفتقر للسقف تماما، مما يضطرهم لمنح الطلاب إجازة إجبارية حال هطول المطر، وكشف عن أن طلاب الفصل الأول والثاني والثالث يتلقون الحصص في مظلات أشبه بـ(الرواكيب).
وعود انتخابية
في أوان الحملة الانتخابية، نفذ عصام الدين ماهر نائب الدائرة (36) الولائية زيارة تفقدية للمركز الصحي بالقادسية ومدرسة الشهيد عمر ووعد بتكملة السور وحل مشكلة الحمامات المتهالكة، الانتخابات انتهت، وأعلنت النتائج، ليكون النائب ماهر في قائمة الفائزين، محولا إلى البرلمان على أصوات أهل القادسية، من يومها لم ير الناس هناك ماهر، الذي أصبح نائبا بلرلمانيا، ومن يومها والمركز الصحي ينتظر خدمات المياه والحمامات وغرفة العمليات الصغيرة، وطلاب المدرسة ينتظرون الإجلاس والحمامات النظيفة، وهذا يجعلنا نطرح تساؤلا مهما: هل سيفلح عصام ماهر في إنقاذ أهل القادسية من معاناتهم؟ أم أن الأمور ستسير على ما هي عليه؟

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. هذا وهو حال المواطنين في دولة المشروع الحضاري والدولة الإسلامية! جرائم
    الكيزان في السودان، لا يمكن أن توصف، ولا يمكن أن تعتفر مهما طال الزمن.

  2. المثل يقول : الجواب يكفيك عنوانه .. البيئة المحيطة بالمركز الصحي كافية لتعطيك صورة للمركز قبل أن تدخله – الاكوام من الاوساخ المتراكمة هي التي تنقل الامراض ( فاقد الشيء لا يعطيه .. ولذا يجب أولا تحسين البيئة المحيطة بالمكز الصحي ثم التفكير في اعمال الصيانة والعلاج .

  3. هذا وهو حال المواطنين في دولة المشروع الحضاري والدولة الإسلامية! جرائم
    الكيزان في السودان، لا يمكن أن توصف، ولا يمكن أن تعتفر مهما طال الزمن.

  4. المثل يقول : الجواب يكفيك عنوانه .. البيئة المحيطة بالمركز الصحي كافية لتعطيك صورة للمركز قبل أن تدخله – الاكوام من الاوساخ المتراكمة هي التي تنقل الامراض ( فاقد الشيء لا يعطيه .. ولذا يجب أولا تحسين البيئة المحيطة بالمكز الصحي ثم التفكير في اعمال الصيانة والعلاج .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..